سيدي بوزيد مهد ثورة الياسمين.. الحلم برجل قوي لرئاسة تونس

أ.ف.ب / تيلكيل

يجد شباب سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية في 2011، أنفسهم حائرين إزاء الموقف الذي سيعتمدونه في الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 15  شتنبر... بعضهم يميل الى المقاطعة، وبعضهم يتحدث عن ضرورة انتخاب رجل قوي لإدارة شؤون البلاد.

ويقول عصام الهاني (34 عاما) وهو أحد سكان مدينة سيدي بوزيد في وسط إنه لن يصوت. "طالما ليس لدينا قائد حقيقي يحب بلده، لن ننتخب".

وقررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إثر وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، على أن تجري قبل الانتخابات التشريعية المقررة في السادس من أكتوبر.

خيبة الأمل

من سيدي بوزيد، انطلقت الشرارة الأولى للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011. وكان حدث إحراق الشاب بائع الخضار محمد البوعزيز نفسه احتجاجا على وضعه الاجتماعي المتردي، بداية لتغيير سياسي جذري شهدته البلاد.

وشهدت المنطقة في انتخابات المجلس التأسيسي في 2011 مشاركة لافتة وإقبالا على صناديق الاقتراع وتم التصويت بكثافة لابن المنطقة رجل الأعمال المحافظ المقيم بالخارج الهاشمي الحامدي في الدورة الأولى لانتخابات 2014 الرئاسية. وهو مرشح في السباق الحالي.

ويعبر العديد من شباب سيدي بوزيد عن خيبة أمل من الطبقة السياسية بالنظر الى ما وصلت اليه أوضاع البلاد بعد ثماني سنوات من الثورة، بالرغم من أن العديد من المشاريع الاقتصادية والاستثمارية التي برمجتها الحكومة خصصت لصالح المنطقة.

ويواجه سكان سيدي بوزيد نسب فقر وبطالة في حدود 18 في المائة ونسبة تضخم بـ7 في المائة تهدد القدرة الشرائية للسكان ما يزيد في تفاقم المطالب الاجتماعية والاحتقان تجاه الحكومة.

ويقول عصام بينما يجلس في مقهى شعبي مكتظ بالشباب "الانتخابات لا تعنيني مثلها مثل أي حدث آخر".

ودأب عصام على الذهاب والمشاركة في الانتخابات منذ 2011 لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي وفي الانتخابات الرئاسية والنيابية في 2014 وكذلك الانتخابات البلدية في 2018.

ويقول الشاب نظمي (30 عاما) إنه لا يستسيغ مسألة الاقتراع، مشيرا الى أن المقاطعة ستكون "انتقاما" من البطالة والأزمات المالية المتكررة التي يعانيها. ويضيف "كلهم يتشابهون، يريدون السلطة ولا شيء غيرها لا أكثر ولا أقل".

ويتابع "أحلام الثورة والأمل في تحسين الظروف الحياتية للتونسيين سيطرت عليها طبقة سياسية من المافيا".

وعبر عدد من سكان المنطقة عن رغبتهم في أن يكون لتونس رئيس يشبه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، من بينهم زياد (29 عاما) الحاصل على الأستاذية في الآداب الانكليزية والعاطل عن العمل منذ خمس سنوات، الذي يقول "عندما يكون لنا مرشح مثل الرئيس التركي سنذهب مباشرة للاقتراع دون تردد".

ويرى البعض من سكان المنطقة في نبيل القروي، رجل الإعلام المثير للجدل والموقوف بتهم تبييض أموال، المرشح المناسب لهم والقوي والأقرب لتحقيق أحلامهم.

"لا يهم أن يكون سارقا"

في الحقول الممتدة في أرياف سيدي بوزيد تعمل نساء على اقتلاع البصل وجمعه. وتقول إحداهن عبير (19 عاما) "لا يهم أن يكون سارقا أو منحرفا، المهم أن يبذل جهدا لإعانة أشخاص مثلي".

وترى عبير أن القروي الخمسيني "يمكن أن ينقذ الفقراء في هذا البلد".

لكن العاملات الأخريات معها تحت أشعة الشمس الحارقة لا يشاطرنها الموقف. فغالبيتهن يرفضن الذهاب للاقتراع أصلا.

وتقول فاطمة "ليس لنا وقت لنضيعه في هذه المسائل التافهة، الانتخابات مسألة تافهة. ليس لنا سوى عملنا... لإطعام عائلتنا. كالعادة لن يفكر فينا أحد".

وتتابع دون التوقف عن عملها في اقتلاع البصل الأحمر "كل الرؤساء لم يفعلوا شيئا للتونسيين، زادوا في غنى الأغنياء وتفقير الفقراء".

ويقر منسق الهيئة الجهوية للانتخابات في سيدي بوزيد نبيل جلالي بـ"وجود عزوف عن الانتخابات لدى الشباب" بلغ في الانتخابات البلدية في 2018 نسبة 65 في المائة.

ويقول جلالي من مقر الهيئة "هناك تراجع عن الإقبال على التسجيل لدى الشباب. لأسباب عدة... مثل المناخ السياسي" والخدمات المنقوصة.

ويقول "كانت مشاركة المتساكنين في 2011 قياسية ولكن اليوم نلاحظ عدم الثقة تجاه الطبقة السياسية".

وتقدم للانتخابات الرئاسية المبكرة 26 مرشحا بين مستقلين ومدعومين من أحزاب سياسية. واستبعدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 71 طلب ترشيح لعدم استيفاء الشروط.

وتعتبر الانتخابات الرئاسية المبكرة والتشريعية مفصلية في عملية الانتقال الديمقراطي في تونس التي لا تزال تعاني من وضع اقتصادي صعب.

ويرى الشاب الثلاثيني هيثم أنه "يجب ان نصوت ليعتدل حال البلاد".