في عز موسم الأمطار.. النيران تلهب أسعار الخضر

عبد الرحيم سموكني

أمطار خير مطمئنة لموسم فلاحي جيد، لكنها لا تعكس بالضرورة وضع أسعار الخضر والفواكه في الأسواق المغربية، ففي سوق شعبي في مقاطعة بن مسيك حيث لا يبعد أكبر سوق للجملة في إفريقيا خاص بالخضر والفواكه إلا ببضع مئات من  الأمتار، تشهد الأسعار ارتفاعا غير مسبوق.

لفت مختفي و100 درهم لا تملأ القفة

أربعة دراهم للكيلو غرام الواحد من الجزر و5 دراهم للبطاطس و6 دراهم للفلفل الأخضر، أما بعض الخضر كاللفت مثلا فمختفي عن الأنظار منذ يوم أمس الأربعاء، يقول بائع بالتقسيط في سوق شعبي بمنطقة سباتة، إن إضراب مهنيي نقل البضائع، هو السبب في ارتفاع الأسعار، إذ يجد بائعو التقسيط صعوبة في التزود بالسلع الضرورية، يقول بوشعيب وهو يقف خلف طاولته المليئة بالبصل والفلفل "عادة عندما تتساقط الأمطار بغزارة، يكون السبب هو صعوبة الوصول إلى المحاصيل بسبب الأوحال، وأيضا بسبب ارتفاع سعر اليد العاملة الفلاحية، لكن هذه المرة السبب هو إضراب شاحنات نقل البضائع".

 

 

تبرير بوشعيب لغلاء اسعار الخضر، لم يلق آذانا صاغية من بعض النسوة اللاتي كن يخترن مسرعات بعض حبات البصل، وهن يحاولن الاختباء من قطرات المطر المنهمرة منذ أيام، قبل أن تبادر سيدة في عقدها السادس لتجيبه "وراه تقهرنا بالزيادات، ها الشتا طايحة ونتوما دايرين فينا ما بغيتو، واش ماية درهم مبقاتش تتعمر القفة. اللهم إن هذا منكر"، ليرد بوشعيب بابتسامة تعبر عن الإحراج والاستسلام لخوض جدال في شرح ارتفاع الأسعار، محاولا مسح نظاراته الطبية السميكة من قطرات المطر.

في موقع وزارة الفلاحة المغربية المخصص لتحديد أسعار الخضر والفواكه يبدو التنافر بين العالم الافتراضي والواقع كبيرا، فإذا كانت مثلا وزارة الفلاحة تحدد سعر الكيلوغرام من البطاطس في الموقع في درهمين، فإنه على السعر في السوق هنا، لا ينزل عن خمسة دراهم، والأمر نفسه بالنسبة للكوسة التي وصل سعرها إلى 12 درهم، بينما يحددها موقع أسعار وزارة الفلاحة في 10 دراهم.

تجوال قصير بين طاولات الخضر في السوق المحاذي للمستشفى الإقليمي لابن مسيك، لا تظهر أثار تعليق إضراب مهني نقل البضائع بادية على أسعار الخضر والفواكه.

الإضراب أم الإشاعة هي السبب

فرغم إعلان وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك مساء أمس الأربعاء عن توصلها لاتفاق مع مهنيي نقل البضائع، ينهي الإضراب المستمر منذ منذ أسبوع، إلا أن الأمر لم ينعكس، على الأقل في ساعات صباح اليوم الخميس على أسعار الخضر.

بالنسبة لحسن فريد الإدريسي وهو رئيس الجمعية المغربية للتجارة والخدمات بسوق الجملة في الدارالبيضاء، فهناك سبب آخر لارتفاع اسعار الخضر، بعيد كل البعد عن إضراب مهنيي نقل البضائع.

يقول الإدريسي في اتصال مع "تيل كيل عربي" إن هناك رغبة مبيتة لدى بعض مهنيي النقل في التشويش، كما أن بعض التجار بالتقسيط استغلوا الوضع ليقوموا بالمضاربة ورفع الأسعار.

ويوضح "منذ الجمعة الماضي دخلت 580 شاحنة إلى سوق الخضر والفواكه، بل إن بعض التجار بالجملة، استعانوا بشاحنات كبيرة "رموك" لتعويض إضراب اشاحنات العادية، وهو ما أدى إلى مضاعفة حجم الخضر التي تدخل إلى سوق الجملة، إذن الإشكال ليس في العرض".

 

 


يرى الإدريسي إن الإشاعة لعبت دورا كبيرا في تضخيم حجم الإضراب، ويوقل "إن مهنتي تقتضي مني حضورا يوميا في سوق الجملة، إذ كل فجر أعاين دخول شاحنات بأعداد كافية لتموين جميع الأسواق في العاصمة الاقتصادية، لكن عندما أتجول في الأسواق الشعبية، أكتشف معكيات أخرى، قبل يومين اضطررت إلى خوض جدال مع أحد الباعة في منطقة البرنوصي، عندما سمعته يبرر ارتفاع سعر البطاطس إلى خمسة دراهم، فواجهته بأن سعر الجملة لا يتعدى 2,40 سنتيما في سوق الجملة".

يرى الإدريسي أن غياب مراقبة الأسعار فتح الباب على مصراعيه للسماسرة لكي يلعبوا كيفما شاؤوا في رفع أسعار الخضر والفواكه، ويقول "لا أفهم أنه مع موسم أمطار مبكر، تنتشر إشاعة الغلاء والإضرابات، في حين ان الموسم الفلاحي يبشر بخير وافر، لذا فإن المسؤولية ملقاة على عاتق المسؤولين".