لجنة بنموسى ترفع طموحها.. عقد اجتماعي جديد وليس نموذجا تنمويا فقط

المختار عماري

قدمت لجنة إعداد النموذج التنموي الجديد، أمس الثلاثاء 4 فبراير بالرباط، الحصيلة المرحلية لعملها، الذي انطلق منذ تنصيب أعضائها يوم 12 دجنبر 2019، في أفق تقديم تقريرها خلال شهر يونيو القادم، ويبقى أبرز ما ورد فيه استعمال عبارة "عقد اجتماعي جديد"، وعدم الاكتفاء بالحديث عن نموذج تنموي جديد.

ماذا أنجز في 50 يوما؟

بعد خمسين يوما على التنصيب، حضر شكيب بنموسى، محاطا ببعض أبرز وجوه اللجنة التي يرأسها، وعلى رأسهم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، محمد رضا الشامي، والأستاذ الجامعي محمد الطوزي، والناشطة الجمعوية حكيمة حميش، والباحث إدريس كسيكس.

بنموسى استهل اللقاء بالحديث عن الاستماع إلى الأحزاب والنقابات والغرف المهنية ومجالس الحكامة في لقاءات فاقت 40 اجتماعا مركزيا، فضلا عن لقاءات ميدانية في تارودانت والجديدة وابن جرير، و إفران وأزرو. والهدف ، حسب بنموسى "الوقوف ميدانيا عند تصور الناس لمشاكلهم، وما يبدعونه من حلول لمواجهتها".

وفضلا عن "جلسات الاستماع" و" الزيارات الميدانية"، كانت اللجنة تعقد لقاءات متعددة بين أعضائها الاشتغال على المواضيع التي يبنى عليها أي نموذج تنموي: لقاء كل إثنين بمقر أكاديمية المملكة، يضم غالبية الأعضاء، بنسبة حضور تصل إلى90 في المائة، و"تربص" شهري يستمر من الخميس زوالا إلى الأحد بعد منتصف النهار، و لقاءات فرق العمل الموضوعاتية، تتخلل هذه اللقاءات الكبرى.

شكل المجلس، يقول بنموسى، ست مجموعات عمل، هي مجموعة الإنصات والمساهمات، ومجموعة الرؤى وإدارة التغيير، ومجموعة المؤسسات الرأسمال الاجتماعي والمساواة بين الجنسين، ومجموعة الرأسمال البشري، ومجموعة المجال الترابي والاستدامة، ومجموعة الاقتصاد وخلق الثروات.

يقول بنموسى إن العمل داخل هذه اللجن لا يتم كما لو أن الأمر يتعلق باجتهادات يقدمها الخبراء، أنما تتم عملية الإنصات والبناء، في إطار عمل مشترك، بهدف إنتاج ذكاء جماعي.

ويضيف بنموسى أنه تم تكوين فريق دعم مكون من15شخصا، أغلبهم موضوعين رهن الإشارة من رئاسة الحكومة، وزارتي الداخلية والخارجية، وبعض المؤسسات العمومية .

الهدف عقد اجتماعي جديد

 يقول بنموسى إن الهدف من عمل اللجنة هو " بلورة نموذج تنموي، لهع بعد استراتيجي، شمولي، مندمج واستباقس"، بسبب التحولات الهامة التي تجري في المغرب وفي العالم، والتي ستؤثر على أي نموذج يجري إعداده للمستقبل. وفي إطار ذلك، يستطرد بنموسى "نقوم بالتسخيص، وتحديد الانتظارات، واقتراجا الإصلاحات  في إطار عقد اجتماعي جديد"، "تطبيقه يمتد على مدى زمني يتراوح بين 10 و15 سنة".

ولايمكن أن ننجز عقدا اجتماعيا دون تواصل مع القوى الحية في البلاد، ودون تواصل مع المواطنين، لذلك ستطلق لجنة بنموسى، خلال الأسابيع القادمة، منصة تفاعلية عبر الأنترنيت، وستستمر في التشاور العمومي في المدن والجهات، كما ستنطلق ورشات لحشد الحلول، وجلسات استماع للخبراء لتدقيق قضايا والوصول فيها إلى حلول، فضلا عن تنظيم لقاءات معتمدة مع هيئات وجمعيات تتكفل بتنظيم لقاءات، بناء على دفتر تحملات، وتعتمد اللجنة نتائج هده اللقاءات.

الطوزي: المغاربة يحسون بالغين لكنهم ليسوا محبطين

ينطلق محمد الطوزي من كون تشخيص الواقع عمل قامت به تقارير عديدة لمؤسسات في المغرب وفي الخارج، لكن الوصول إلى  "الذكاء الجماعي" يمر عبر تمرين ضروري لأعضاء اللجنة، فهم لايملكون نفس تجربة الواقع اليومي للمغاربة، ولابد أن يطلعوا على تمثلات الناس لواقعهم وللجنة وعملها.

 يستطرد الطوزي أن الزيارات الميدانية مكنت من الوقوف على حقيقة أن المطالب الرئيسية في تلك المناطق تخص الخدمات الاجتماعية الأساسية، وعلى رأسها الصحة وفعالية المدرسة. " هنا، يقول الطوزي، يطالبون بهذه الحقوق، لكنهم لا ينتظرون، يحاولون بإمكانياتهم إيجاد الحلول.

في جماعة في توبقال، تتكون من 67 دوارا، لايوجد طبيب. وعوض انتظار الحلول تعاقد الناس مع طبيب يزور المنطقة يومين في الأسبوع، مقابل 1000 درهم عن كل يوم. "عند الناس هنا، يستنتج الطوزي إحساس بالغبن، لكن ليس لديهم إحباط". والسبب خلل كبير في الحكامة على المستوى المحلي، من عناوينه: "مدارس بدون معلمين، ومستشفيات بدون أطباء، وتجهيزات مبرمجة لكنها لا تخرج إلى أرض الوقع..."

الشامي: القضاء على اقتصاد الريع والامتيازات

يدعو محمد رضا الشامي إلى التمييز بين نموذج للتنمية ونموذج تنموي، ويقول إن الثاني شامل وعام. ويستنتج الشامي من الاستماع إلى الشركات، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وبنك المغرب، أن هناك "انتظارية كبرى، سببها فقدان الثقة". ويلخص أبرز المطالب في خمس نقاط:

1-الدعوة إلى أن تصبح قواعد اللعبة في المجال الاقتصادي واضحة ومعروفة، بما يعنيه ذلك من القضاء على الريع، والامتيازات والاحتكار.

2-الإدارة ينبغي أن تكون حلا لا مشكلا، بما يتطلب ذلك من إعادة النظر في العلاقة بين المقاولات والإدارة

3- الموارد البشرية: ليس فقط بالنظر إلى عمل المدرسة والتكوين، وإنما أيضا بالتفكير في حلول للهجرة، فعدد الخريجين من المهندسين أقل من عدد الذين يهاجرون سنويا.

4- ظروف وشروط التمويل

5-تحديد القطاعات التي علينا تشجيعها غدا.

حميش: آفات كبرى في التعليم

تعبر حكيمة حميش عن انبهارها بالجرأة التي يتحدث بها الطلبة الذين استمعت إليهم في بن جرير، والجديدة، وإفران. وتقول إن هؤلاء يتحدثون عن جملة من المشاكل:

1- مشكل اللغة، فهم يغادرون الدراسة الثانوية دون أن يكونوا متمكنين من أي لغة من اللغات الثلاث " العربية، والفرنسية، والانجليزية".

2-المشكل الثاني أن الدراسة الجامعية لم تعد مصعدا اجتماعيا، فضلا عن الآفات التي أصبحت تنخر الكلية، فالنقاط تشترى بدفع رشاوى، والرشوة قد تكون مالا، وقد تكون رشوة من نوع أخر لم تسمه.

3-طلبة فقدوا الثقة في السياسة والأحزاب السياسية

4-مستاؤون من غياب الحريات الفردية والجنسية

5- أساتذة تخلوا عن مسؤولياتهم

كسيكس: الأزمة تحتاج حلولا عاجلة

يؤكد إدريس كسيكس أنه من الجيد أن نتوفر على مشروع مجتمعي، يطبق على مدى15 سنة، لكن هناك حاجات مستعجلة لاستعادة الثقة. ويضرب مثالا للاسماع إلى البشير الراشدي،  رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذي يشكف أن الريع والفساد وتضارب المصالح أصبح مشكلا بنيويا.

صحيح أن هناك مشروع قانون يعطي قوة أكبر لعمل اللجنة، لكن هناك مقاومة لهذا التغيير، يقول كسيكس، قبل أن يواصل "المؤسسات ينبغي أن تكون ضامنا فعليا لاحترام قواعد التنافس، لأن غياب ذلك ، يغذي فقدان الثقة".