محمد الشيكر: ترحيل نشاط "رونو" و"بوجو" إلى المغرب هدفه التشغيل وليس نقل التكنولوجيا

المصطفى أزوكاح

دفع شروع المصنع الفرنسي "بوجو" في إنتاج سياراته بالقنيطرة، بعد حلول "رونو" بالمغرب في الأعوام الأخيرة، بوزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، إلى رفع سقف التوقعات الخاصة بقطاع السيارات، حيث يراهن بعد بلوغ طاقة الإنتاج 700 ألف سيارة، بل الوصول إلى مليون سيارة منتجة محليا، ونقل الصادرات من 65 مليار درهم إلى 100 مليار درهم. هذا الحضور القوي لقطاع السيارات في النسيج الصناعي المغربي، يطرح تساؤلات حول المنافع التي تجنيها المملكة منه، نقاربها في هذا الحوار مع الاقتصادي محمد الشيكر.

كيف تقيمون حضور مصنعين كبيرين في قطاع السيارات،  مثل "بوجوو "رونوبالمغرب؟

ليست هذه المرة الأولى التي يستقطب فيها المغرب مثل هؤلاء المصنعين، فقد جلب المغرب منذ الستينيات من القرن الماضي شركات  مثل "جنيرال تاير" و " كوديير "و " فولفو " التي كانت تركب الشاحنات و "فيات" التي كانت تركب سياراتها ب "سوماكا ". تلك صناعات اختفت اليوم، بينما لم نستخلص الدروس من تجارب الماضي،  حيث لم نستطع تطوير صناعات وطنية في تلك القطاعات انطلاقا من التجارب التي انخرطنا فيها مع أولئك المصنعين.

ما الرؤية التي تحكم استثمارات مثل "رونو "و "بوجو " في بلد مثل المغرب؟

تأتي عملية الاستثمار بالمغرب في إطار ترحيل الأنشطة Délocalisation من البلد الأم إلى بلدان أخرى، غير أنه يوجد نوعان من الترحيل، فهناك الترحيل الذي يأتي من أجل المناولة Sous-traitance، وهو الوضع الذي يعيشه المغرب، حيث يأتي مصنعو سيارات مثل "بوجوو "رونو" من أجل الإنتاج بالمغرب دون نقل التكنولوجيا، فالهدف الأول يكون هو التشغيل لا أقل ولا أكثر.

وهناك الترحيل ذي الطبيعية الصناعية، وهو الذي عرفته الصين، التي كانت تربط استقرار مصنعين كبار لديها في قطاع السيارات أو الطيران بنقل التكنولوجيا. ونحن نرى أن الصينيين أضحوا ينتجون سيارتهم الخاص وطائرات من أجل حركة النقل الداخلي.

ألن يساهم ذلك في التصنيع بالمملكة على مستوى قطاع السيارات؟

إذا كنا نريد استقبال الاستثمارات في المناطق الصناعية من أجل  التوفر على صناعات، فالتجارب الماضية حاضرة كما أسلفت، حيث  وقعنا اتفاقية مع "فياطالإيطالية في الستينات من القرن الماضي من أجل إنتاج سيارات بـ"صوماكا"، وفي نفس الفترة وقعت الهند على اتفاقية مماثلة، غير أن ذلك البلد الآسيوي تمكن بعد ذلك إنتاج سيارته الخاصة، بينما لم نفلح نحن في ذلك.

مع ذلك أضحت صادرات السيارات الأولى بالمغرب؟

صحيح، يقال إنها تجاوزت من حيث القيمة صادرات الفوسفاط ومشتقاته، لكن هل قمنا بتقييم للميزان التجاري الخاص بالسيارات، فباستثناء الأرباح، هل لدينا فكرة حول حجم العائدات تحول إلى المغرب؟.

هل يمكن أن تؤثر الدعوات إلى إعادة توطين الصناعات في البلدان  الأصلية على مثل هذه الاستثمارات بالمغرب؟

في ظل صعود الأحزاب ذات النزعة الوطنية والشعبوية، يجري الحديث اليوم عن مفهوم عودة الاستثمارات إلى البلدان الأم Relocalisation، حيث أنه بحسب هذا المفهوم يفترض في مجموعات مثل "رونو" أو "بوجو" الاستثمار في فرنسا وليس المغرب، ونحن رأينا كيف هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشركات الأمريكية، التي تلجأ إلى ترحيل أنشطتها إلى الخارج.

ما المخاطر التي تترتب عن ذلك؟

إذا ما كرس هذا التوجه الخاص عودة الاستثمارات إلى البلدان الأم، سنتعرض لمخاطر كبيرة، علما أننا نربح مناصب الشغل فقط، والذي يبقى رهينا بحضور تلك الشركات، التي سيفضي رحيلها إلى توسع دائرة البطالة، ما يفرض أن يكون التوجه الصناعي هاجسه التصنيع Industrialisation، الذي يعتبر مسلسلا يقتضي مقدمات من قبيل التوفر على مدرسة ذات جودة تشجع البحث العلمي.  وقد كان الأجدر البناء على ما سبق والتركيز عند استقدام الاستثمار الأجنبي على التصنيع، عبر نقل التكنولوجيا. يجب أن أشير إلى أن المغاربة كانوا يقومون بمصنع "صوماكا"، الذي أضحى في ملكية هذه الأخيرة، بتركيب سيارات المصنع الفرنسي و "فياط".

هل التصنيع متاح في المغرب؟

مؤكد أن هناك العديد من القطاعات التي يمكن أن يستند عليها المغرب من أجل ذلك، خذ مثال المجمع الشريف للفوسفاط، الذي يمكن من خلال الأنشطة التي يتخصص فيها تطوير العديد من الصناعات، حيث لا يجب الاكتفاء فقط بتوفير الامتيازات للرأسمال الأجنبي دون التفكير في سياسة حقيقية للتصنيع تجنب المغرب تغيرات الظرفية. لا يجب فقط التركيز على الامتيازات التي يوفرها المغرب على المستوى الجبائي والبنيات التحتية والآفاق التي تفتحها اتفاقيات التبادل الحر على مستوى التصدير بالنسبة للمصنعين.