معاشات البرلمانيين.. نواب يدفعون بفقر زملائهم وآخرون يتمردون على أحزابهم

البرلمان المغربي
الشرقي الحرش

كشفت أولى اجتماعات لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، التي انعقدت أمس الثلاثاء، لمناقشة مقترحات قوانين تقاعد البرلمانيين عن شرخ كبير وسط الفرق البرلمانية أغلبية ومعارضة.

وفي الوقت الذي برر عدد من النواب، خاصة رؤساء الفرق، توجههم نحو الإبقاء على معاشات البرلمانيين بسبب الوضعية الاجتماعية التي يعيشها بعض زملائهم، تبين أن باقي البرلمانيين ليسوا مجمعين على الذهاب نحو الإبقاء على التقاعد خلافا لرؤسائهم.

أكثر رؤساء الفرق دفاعا عن الابقاء على نظام التقاعد كان رئيس الفريق الاستقلالي نور الدين مضيان، الذي ذهب إلى حد الحديث عن وجود برلمانيين سابقين يعيشون أوضاعا صعبة ومزرية.

وقال مضيان "هناك برلمانيين ماعندهمش عشاء ليلة، وهناك من يعاني من أمراض مزمنة، ولم يعد يستفيد من التغطية الصحية بعد توقف صرف معاشاتهم".

وأضاف متحدثا عما سماها بـ"معاناة" بعض البرلمانيين السابقين "هناك من البرلمانيين من اضطروا لنقل أبنائهم من المدارس الخصوصية نحو العمومية، لذلك رغم أننا في حزب الاستقلال كنا مع تصفية نظام المعاشات، لكن لا بد من الأخذ بعين الاعتبار وضعية هؤلاء الذين يعيشون ظروفا صعبة".

وانتقد مضيان وصف تقاعد البرلمانيين بـ"الريع"، ودعا إلى التحقيق في مآل الثروة الحقيقية.

وعلى عكس ما ذهب إليه مضيان، فجرت رفيعة المنصوري، النائبة الاستقلالية، مفاجئة غير متوقعة حينما أعلنت معارضتها صراحة للإبقاء على تقاعد البرلمانيين.

وقالت المنصوري "نحن لا نعرف لحد الآن من يفرض علينا هذا الإصلاح، ونحن موافقون عليه".

مصدر برلماني مطلع، تحدث لموقع "تيل كيل عربي"، قال إن اصلاح تقاعد البرلمانيين يتم فرضه من طرف الأمناء العامين للأحزاب السياسية، مشيرا إلى أن ذلك يدخل في إطار محاباتهم لبرلمانيين سابقين.

وفي الوقت الذي دافع رئيس الفريق الاشتراكي إمام شقران على الإبقاء على تقاعد البرلمانيين، ووافقته في ذلك النائبة الاتحادية أمينة الطالبي، خرجت حنان رحاب بموقف مفاجئ، حيث دعت إلى إلغاء صندوق تقاعد البرلمانيين، معتبرة أن استمرار الحديث عنه أمر غير أخلاقي.

وقالت رحاب، في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "أخلاقيا لا يمكن الجمع بين تقاعدين ممولين من قبل الدولة".

من جهة أخرى، علم موقع "تيل كيل عربي" أن موضوع تقاعد البرلمانيين مازال يثير خلافا عميقا داخل حزب العدالة والتنمية، بعدما وجد البرلمانيون أنفسهم مجبرين على الخضوع لاتفاق عقده رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مع رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، والذي يقضي بالإبقاء على التقاعد مع رفع سن الاستفادة منه إلى 65 سنة.

وكانت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية قد فشلت أمس في استكمال مناقشة قوانين تقاعد البرلمانيين، بعدما رفض حزب الأصالة والمعاصرة الانضمام للمقترح الذي وقعت عليه أحزاب الأغلبية، وحزب الاستقلال،  القاضي بإصلاح صندوق تقاعد البرلمانيين، عبر رفع سن الاستفادة إلى 65 سنة، قبل أن يتم الاتفاق على تشكيل لجنة مستركة لايجاد صيغة توافقية قبل إتمام المناقشة غدا الخميس.

ويتكون المقترح الذي تم الاتفاق عليه بين أحزاب الأغلبية وحزب الاستقلال، بعد جلسات ماراتونية مع رئيس مجلس النواب، من 17 مادة، بعضها مثيرة للجدل.

وتنص المادة 6 التي نصت على إعفاء معاشات البرلمانيين من الضريبة، حيث جاء فيها أنه "يحدد المعاش الشهري لأعضاء مجلس النواب في 700 درهم عن كل سنة تشريعية، وهي مبالغ صافية، معفاة من أية ضرائب، ولا تخضع للتصريح، أما في حالة عدم إتمام فترة تشريعية بأكملها لسبب من الأسباب غير حالة الوفاة فيعتمد الاحتساب النسبي لعدد الشهور التي تستغرقها مدة نيابته".

من جهة أخرى، تضمن مقترح القانون مخالفة دستورية واضحة، ويتعلق الأمر بالمادة 15، التي جاء فيها أنه "تصرف ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التطبيق، وعند بلوغهم سن 65 سنة معاشات النواب أعضاء المجلس السابقين، والذين سبق أن صرفت لهم معاشات بموجب القانون 24.92، ومعاشات أعضاء مجلس النواب السابقين، والذين ساهموا باشتراكات في نظام المعاشات المحدث لفائدة أعضاء مجلس النواب بموجب القانون 24.92، ولم يسبق أن صرف لهم أي معاش برسم هذا القانون"، وهو ما يعني أن هذا القانون سيطبق بأثر رجعي على جميع البرلمانيين السابقين، الذين كان أغلبهم يستفيدون من هذا المعاش قبل إعلان إفلاس الصندوق في أكتوبر من العام الماضي، وهي مخالفة صريحة للفقرة الأخيرة من المادة 6 من الدستور التي تنص على أنه "تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة. ليس للقانون أثر رجعي".

يذكر أن مقترح القانون الجديد تضمن تغييرات جديدة على القانون الحالي أهمها "عدم صرف المعاش "إلا عند بلوغ 65 سنة، عوض صرفه مباشرة بعد فقدان الصفة النيابية سابقا"، بالإضافة إلى "خفض المعاش الشهري لأعضاء مجلس النواب إلى 700 درهم عن كل سنة تشريعية، عوض 1000 درهم سابقا".