من يخلف بنكيران على رأس البجيدي؟

الشرقي الحرش

بعد رفض المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، صباح الأحد الماضي، تعديل المادة 16 من النظام الأساسي للحزب، بما يجعل بنكيران خارج السباق نحو ولاية ثالثة على رأس الأمانة العامة للبجيدي، بدأت التخمينات داخل الحزب، وكذا في صفوف المتتبعين حول الشخصية التي ستخلف بنكيران.

 خلال ساعات طويلة من النقاش داخل المجلس الوطني يومي السبت والأحد الماضيين تبين وجود تيارين داخل الحزب، تيار يدعو إلى التمديد لبنكيران من أجل مواصلة المعركة ضد ما تصفه تعبيرات قيادة الحزب ب "التحكم"، وتيار آخر يعتبر أن الظرفية تقتضي دعم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وتجنب الدخول في مواجهة مع خصوم الحزب.

العثماني.. الكفة راجحة

 وبحسب مصادر متعددة من داخل المجلس الوطني للحزب، فإن متزعمي التيار الثاني يدعون عمليا إلى انتخاب سعد الدين العثماني أمينا عاما للحزب خلفا لبنكيران، وهو ما عبر عنه محمد الحمداوي، عضو الأمانة العامة للحزب، والرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح بقوله "إن الحزب لا يمكن أن يسير برأسين، ولا يمكن لبنكيران أن يكون مرشدا لرئيس الحكومة يعود إليه في كل قراراته". أنصار هذا التيار يرون أن الحكومة تحتاج دعما مطلقا من الحزب، وهذا لن يتأتى إلا إذا جمع العثماني بين قيادة الحكومة، وتولي منصب الأمانة العامة للحزب كما كان عليه الأمر في عهد سلفه عبد الإله بنكيران.

 لكن هذا الطرح يلقى معارضة من طرف عدد من أعضاء المجلس الوطني، خاصة من الشباب، وأنصار بنكيران. محمد خوجة، عضو المجلس الوطني للعدالة والتنمية، اعتبر في تصريح لموقع "تيلكيل عربي" أن النقاش الذي شهده المجلس الوطني يومي السبت والأحد الماضيين أبان عن وجود إشكالات حقيقية داخل الحزب، مبرزا أن العدالة والتنمية في حاجة إلى شخص يحفظ لحمته، ويكون محل توافق من الجميع.

وأضاف خوجة "لا بد من إحداث تمايز بين الحكومة والحزب، ولذلك أرى أن الأمين العام يجب أن يكون من خارج وزراء الحزب في الحكومة، حتى يتفرغ لخدمة الحزب استعدادا للاستحقاقات التشريعية لسنة 2021".

 لكن هل توجد بروفيلات تتوفر فيها مواصفات الأمين العام من خارج وزراء الحزب؟

 يجيب خوجة أن الحزب يتوفر على طاقات حقيقية يمكن أن تتولى هذا المنصب أمثال إدريس الأزمي، رئيس الفريق النيابي للحزب، وجامع المعتصم، عمدة مدينة سلا  وتابع "لا يجب أن يتماهى الحزب مع الحكومة في كل شيء، الحزب يدعم الحكومة، لكن يجب أن يظل حزبا حقيقيا، وهذا لن يتأتى إلا باختيار شخصية من خارج الحكومة لقيادته".

 أما عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، فيرى أن أبرز مرشح لمنصب الأمانة العامة هو سعد الدين العثماني، مشيرا إلى أن هذا الأخير سيحظى بدعم قوي من قبل مؤتمري حركة التوحيد والإصلاح، التي تجنح للمحافظة، ولا يمكن أن تدعم توجه بنكيران.

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن التنافس على منصب الأمين العام سينحصر بين كل من سعد الدين العثماني، وإدريس الأزمي، الذي قد يحظى بدعم عبد الإله بنكيران، أما مصطفى الرميد ففي الغالب الأعم سيعتذر عن خوض غمار المنافسة، مشيرا إلى أن دخوله لهذا المعترك سيطرح له إشكالا أخلاقيا كبيرا، خاصة أنه قاد حملة قوية ضد التمديد لبنكيران.

ويبدو أن إدريس الأزمي سيكون المنافس رقم واحد للعثماني على منصب الأمانة العامة، ففكرة التمايز بين الحزب والحكومة تلقى تأييدا من طرف عدد من أعضاء المجلس الوطني للعدالة والتنمية، وأعضاء المؤتمر المقبل.

 عبد العزيز افتاتي، النائب البرلماني السابق عن العدالة والتنمية، قال في اتصال مع "تيلكيل عربي" إن قضية التمايز بين الحزب والحكومة لازالت قائمة رغم مصادقة المجلس الوطني للحزب ضد تعديل المادة 16 من النظام الأساسي بما يفتح الباب أمام عودة بنكيران.

أفتاتي، قال "إن تقلد العثماني لمنصب الأمين العام مطروح، لكن لا بد من فتح نقاش حول الخيار الأصلح للحزب، هل هو الجمع بين الأمانة العامة ورئاسة الحكومة، أم اختيار قيادي آخر من خارج الحكومة لقيادة الحزب".  ويرى أفتاتي أنه كيفما كان الأمين العام المقبل، فيجب أن يحافظ على لحمة الحزب أولا، ويظل وفيا لخطه الكفاحي المناهض للتحكم من داخل المؤسسات.

من جانبه، قال مصطفى بوكرن، الباحث في الفكر السياسي إن "من حجج الرافضين للتمديد لبنكيران أن يكون رئيس الحكومة أمينا عاما لأن الازدواجية تربك الوضع الداخلي للحزب"، وأضاف "إن الحزب المشارك في الحكومة يكون أعضاؤه معبئين للدفاع عن الحكومة. لذلك نظريا فالأقرب لمنصب الأمين العام هو العثماني".

 ويرى بوكرن أن هذا المنصب لن يخرج عن المرشحين المعتادين من قبيل العثماني والرميد و الرباح، مشيرا إلى أن هؤلاء كلهم وزراء ولهم نفس التقدير السياسي. ف"إذا كان التصويت سيكون على وزير، فالأفضل ان يصوت على رئيس هذا الوزير ليكون أمينا عاما".

بوكرن، اعتبر أن حزب العدالة والتنمية أصبح يضم تيارين مختلفين في التقدير السياسي للمرحلة، ولهذا قد تظهر فكرة المرشح التوافقي الذي سيجمع بين التقديرين السياسيين المتصارعين، لكن هذا المرشح غير موجود، لأن الحزب يعرف انقساما حادا لا يقبل الخط الوسط، مبرزا أن العثماني هو الأقرب للفوز، لكنه سيواجه تحديا كبيرا هو كيفية التعامل مع الغاضبين من مخرجات المؤتمر، خاصة الشباب الذي كانوا يرتبطون ببنكيران ارتباطا وجدانيا غريبا