من يكون "تاج الدين قاسم".. سبب "الحرب" بين حزب الله والمغرب

رجل الأعمال اللبناني تاج الدين قاسم
أحمد مدياني

مارس 2017، أوقفت السلطات المغربية بمطار محمد الخامس، رجل الأعمال اللبناني المقرب من حزب الله، المعروف بتاج الدين قاسم، الذي كان مبحوثا عنه من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الأخيرة استلمته من المملكة، رغم التحذيرات التي صدرت عن حزب "حسن نصر الله" حينها، والذي وصف عملية التوقيف بـ"الاختطاف".  اعتقال تاج الدين وتر الأجواء بين المغرب وحزب الله، ودفع الأخير لـ"تهديد سلامة المغرب وأمنه" حسب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، الذي ينسب إلى هذه الحادثة ما يعتبره تآمرا من حزب الله على المغرب.  فمن هو تاج الدين قاسم، ابن بلدة "حناويه" اللبنانية، الذي هاجر إلى إفريقيا صغيراً، وبدأ مع خاله رحلة الاستثمار، قبل أن يواجه بـ11 تهمةً ثقيلة، ويقدم للمحاكمة في أمريكا؟

تبعات اعتقال تاج الدين قاسم

بعد أزيد من عام على عملية اعتقال قاسم وتسليمه للإدارة الأميركية، قرر المغرب قطع علاقاته مع إيران، على خلفية اتهام حزب الله بدعم جبهة "البوليساريو" عسكرياً، موقف قال وزير الشؤون والخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، إن "المغرب اتخذه بناء على معطيات ومعلومات ووقائع، تؤكد تسهيل سفارة إيران في الجزائر لوصول الدعم العسكري للجبهة الانفصالية، وضمان الغطاء لعناصر من الحزب لزيارة مخيمات تندوف".

مر قرابة الشهر على قرار المغرب، ليخرج وزير الخارجية بوريطة مرة أخرى، ويكشف أن التوتر بين المغرب وحزب الله بدأ منذ اعتقال رجل أعماله تاج الدين قاسم، وأضاف بوريطة: "تعامل حزب الله مع المغرب شهد تغيراً في العام الماضي بعد اعتقال ممول له، وهو المسؤول الأكبر الذي يقع في قلب نظام حزب الله في إفريقيا من خلال العمل في غسل الأموال".

وتابع بوريطة في حديث له مع قناة "فوكس نيوز"، نقله موقع "القدس العربي"، أن "حزب الله هدد المغرب في حال عدم الإفراج عنه، لكن المملكة سلمته للولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تبحث عنه، ومنذ ذلك التاريخ كان هناك تغيير، وهذا الأخير بدأ يهدد أمننا الآن".

وكشف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أنه بعد توقيف تاج الدين قاسم وتسليمه لأمريكا، انطلق دعم حزب الله لجبهة البوليساريو، "وفي أبريل الماضي، تم التوصل إلى معلومات خطيرة وجديدة تتعلق بتوفير إيران والحزب اللبناني للدعم العسكري، شمل الصارخين SAM – 11  وSAM – 9 كما قام قادة كبار في الحزب بإجراء لقاءات مع كبار قادة البوليساريو، كان من بينهم مسؤولون عن علاقات حزب الله الخارجية المكلفين بالتدريب العسكري واللوجستيكي".

من يكون تاج الدين قاسم

رجل أعمال لبناني، يبلغ من العمر 62 عاماً، ينشط في قطاعي المواد الغذائية والعقارات في لبنان وعدد من دول إفريقيا، ويعتبر من بين أحد أكبر الممولين لحزب الله، وذراعه المالي والاستثماري في القارة السمراء، وذلك ما يفسر حمله لجنسية سيراليون كما أنه يحمل الجنسية البلجيكية، اعتقله المغرب شهر مارس من العام الماضي، بناء على أمر دولي بتوقيفه صادر عن أمريكا، وحل بالمغرب حينها قادماً من غينيا، وكان يستعد للعودة إلى بيروت.

متزوج من ابنة خاله وله ثلاثة شبان وفتاة، ابن بلدة "حناويه" اللبنانية، حسب ما ورد في تقرير نشره موقع "النهار" اللبناني، تربى وسط عائلة مؤلفة من 9 أشقاء وثلاث شقيقات، توفي شقيقه حسن في حادثة الطائرة الاثيوبية، وكان والده المتوفى سائقاً لسيارة الأجرة قبل أن يفتح معصرة للزيتون. أنهى دراسته في الصف الرابع متوسط، قبل أن يتوجه إلى إفريقيا حيث عمل مع خاله الحاج حسين سعد، ومنذ ذلك الحين بدأ مغامرة خلق الثروة في القارة".

وحسب تقرير نشره موقع "العربي الجديد" عقب اعتقال تاج الدين قاسم، وضعت وزارة العدل الأمريكية رجل الأعمال وشقيقه ضمن اللائحة السوداء في 2009 و2010، بعد اتهامه بـ"غسيل الأموال واستخدامها لتمويل الإرهاب".

تاج الدين قاسم، رجل مثير للجدل في لبنان بسبب نشاطه الاستثماري والاقتصادي، وسبق لزعيم الدروز والحزب الاشتراكي التقدمي اللبناني وليد جنبلاط، أن أثار قضية شرائه للأراضي وإنشاء مشاريع عقارية بمنطقة "الجبل"، تحديداً بمنطقة "ساحل الشوف"، واتهمه جنبلاط حينها بمحاولة "القيام بتغيير ديموغرافي في المنطقة لصالح حزب الله".

جنبلاط الذي كان أول من أثار قضية اعتقال تاج الدين قاسم في المغرب، عبر تدوينة على "تويتر"، أثار قضيته مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وطالبه بـ"التدخل لديه لوقف عملية شراء الأراضي".

اتهامات أمريكا لتاج الدين قاسم

نهاية شهر مارس من العام الماضي، وبعد تسلمه من السلطات المغربية، مثل تاج الدين قاسم أمام محكمة فيدرالية في واشنطن، وواجهته بـ11 تهمةً من بيها "الاتجار في المخدرات القادمة من كولومبيا وغسيل الأموال".

وحسب تقرير نشره موقع "سي أن أن" الأمريكي، أفاد بيان لوزارة العدل الأمريكية حينها، أن اعتقال رجل الأعمال اللبناني، كان نتيجة تحقيق استغرق عامين أجرته إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA) بدعم من هيئة الجمارك الأمريكية وحماية الحدود (CBP)، وكان ذلك جزءً من العملية الأمنية الأمريكية المعروفة باسم "كاساندرا" والتي أدت إلى كشف الشبكة التابعة لحزب الله المتورطة في عمليات تهريب المخدرات إلى أمريكا وأوروبا والاستعانة بالأموال الناتجة عنها لتمويل قتال في سوريا، وقد شاركت فيها أجهزة أمن من سبع دول على رأسها فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا".

وقال القائم بأعمال مساعد النائب العام، كينيث بلانكو، حسب ما نقله "سي أن أن": "بسبب دعم (تاج الدين) لحزب الله، مجموعة إرهابية دولية كبرى، فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات على قاسم تاج الدين في عام 2009 منعته من ممارسة الأعمال التجارية مع الأفراد والشركات الأمريكية. هذه العقوبات هي أداة قوية في جهودنا الرامية إلى مكافحة الإرهابيين ومن يدعمونهم. وفي الواقع شكلت العقوبات تهديداً كبيراً لمصالح تاج الدين التجارية الواسعة التي بذل جهداً كبيراً من أجل تفاديها عن طريق إخفاء هويته عن الكيانات الأمريكية التي عمل معها، ومن الوكالات الحكومية المسؤولة عن فرض العقوبات. وبفضل العمل الدؤوب الذي قام به أعضاء النيابة العامة وشركاؤنا في إنفاذ القانون، اخترقنا شبكة الوسطاء التي استخدمها تاج الدين لإخفاء تورطه، وجُلب إلى الولايات المتحدة لمواجهة العدالة."

ووفقاً للائحة الاتهام، يواجه تاج الدين تهمة "التآمر عمداً لانتهاك قانون القوى الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) ولوائح العقوبات الدولية المتعلقة بالإرهاب، وسبع تهم تتعلق بمعاملات غير مشروعة مع إرهابيين عالميين، وتهمة بالتآمر لغسل الأموال". وتشير لائحة الاتهام أيضا إلى أن الحكومة "ستسعى إلى مصادرة أموال مساوية لقيمة أي ممتلكات تشكل أو تستمد من العائدات التي يمكن تتبعها لهذه الجرائم."

ووفقا للائحة الاتهام، يُزعم أن تاج الدين ترأس أعمالاً لتوزيع سلع تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات وتعمل أساساً في الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال شبكة من الشركات المتكاملة رأسياً والشراكات والأسماء التجارية. وتزعم لائحة الاتهام كذلك أن تاج الدين وآخرين شاركوا في مخطط مفصل للانخراط في الأعمال التجارية مع الشركات الأمريكية مع إخفاء تورط تاج الدين في تلك المعاملات.

كما ذكرت الوثائق الأمريكية الرسمية أنه بين يوليوز من عام 2013 وحتى الآن، "استكمل المتآمرون بشكل غير قانوني ما لا يقل عن 47 تحويلات فردية، بلغ مجموعها ما يقرب من 27 مليون دولار، إلى أطراف في الولايات المتحدة. وخلال نفس الفترة الزمنية. تسبب المتآمرون في مغادرة عشرات الشحنات غير المشروعة من البضائع من الموانئ الأمريكية لصالح تاج الدين، دون الحصول على التراخيص المناسبة من وزارة الخزانة الأمريكية".

ونفى تاج الدين التهم الموجهة إليه، قائلاً إنه "غير مذنب".