والي بنك المغرب يحمل السياسيين مسؤولية "خمول" الفاعلين الاقتصاديين

المصطفى أزوكاح

لم تغب حالة الانتظارية ، التي تؤثر على الأداء الاقتصادي بالمغرب، عن الندوة الصحفية الفصلية لوالي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، الذي لم يوفر في تفسيره لتلك الحالة، السياسيين، الذين يعتبر أن أداءهم لا يشجع الفاعلين الاقتصاديين على المخاطرة، عندما سئل حول حالة الانتظارية التي يعرفها الاقتصاد وعالم الأعمال بالمغرب.

السؤال الذي وجه للجواهري، استدعته حالة الركود التي تطال الاقتصاد وعالم الأعمال، هذا في الوقت، الذي تؤكد بنوك أنه لا يطرح مشكل على مستوى تمويل المشاريع المعدة ملفاتها جيدا، لكنها تحاول الحد من المخاطر التي قد تفضي إلى تراكم ديون معلقة الأداء.

وتسود حالة من الانتظارية في عالم الأعمال، رغم الجهود التي بذلت من قبل السلطات العمومية، من أجل إعطاء دفعة قوية للدينامية الاقتصادية عبر معالجة مشكلة متأخرات الضريبة على القيمة المضافة وتقليص آجال الأداء، ناهيك عن الاستثمارات العمومية التي ينتظر أن تصل في العام الحالي إلى 195 مليار درهم.

لوم السياسيين

عندما سئل الجواهري، أمس الثلاثاء، بمناسبة الندوة الصحفية، التي عقدها بعد اجتماع مجلس البنك، حول حالة الإحباط الجماعي Sinistrose التي تجثم على معنويات الفاعلين الاقتصاديين، أنحى باللائمة على "السياسيين الذين يقودون كل شىء"، فهو يرى أن "الفاعلين الاقتصاديين في حاجة توضيح الرؤية، والثقة، ومعرفة إلى أين نتجه".

 وتساءل الجواهري، الذي طرح عليه السؤال حول انطباعاته وإحساسه، تجاه حالة الإحباط الجماعي، باعتباره شخصا راكم تجربة كبيرة في تدبير الشأن العمومي، مادام كان وزيرا للمالية في ظل برنامج التقويم الهيكلي: " كيف للفاعلين الاقتصاديين أن يخاطروا، عندما يرون السياسيين يتشاجرون (  Se crêper le chignon ) "، مشددا على أنه لا يقلل من دور الاقتصاد والمال، غير أن يرى أنه يجب التوفر على رؤية واضحة للأولويات.

وضرب مثلا بالتكنولوجيا المالية، التي نظم المركزي المغربي مؤتمرا حولها، بتنسيق مع صندوق الدولي، مشيرا إلى أن ذلك الحدث استدعى استعدادات مكثفة من قبله، من أجل استحضار التحول الذي ستحدثه تلك التكنولوجيا لدى البنوك والمستهلكين على حد سواء، مشيرا إلى البنك ليس سوى مؤسسة من بين مؤسسات أخرى، متسائلا: " أين وصل المغرب؟".

كما تساءل حول مدى استعداد المغرب على الصعيد التشريعي  من أجل مواكبة التطورات التي تعرفها العملة المشفرة  Crypto-monaie، قائلا: " إذا لم تستعد اليوم، ستبقى على الرصيف"، معتبرا أنه إذا لم يجر التحرك سيعاني المغرب على مستوى النمو والتنافسية.

المناخ.. المناخ

وأشار الجواهري للمذكرة التي سبق تقديمها بمعية البنوك والاتحاد العام لمقاولات المغرب في الثاني من يونيو 2016 على حكومة عبد الإله بنكيران، دون أن يخوض في التفاصيل، علما أنه يتجلى من تصريحات سابقة أن تلك الحكومة لم تتجاوب، بشكل فعال، مع تلك المبادرة.

وكانت المذكرة شددت على خمس نقاط، تهم صعوبات خزينة المقاولات، وولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة للصفقات العمومية، و ضعف آثار الاستراتيجيات القطاعية ما يستدعي وضع آليات للتقييم، والمساعدات للشركات التي تعاني من  صعوبات، والحاجيات الخاصة للتمويل، عبر فتح الباب أمام البنوك من أجل تمويل الجماعات المحلية سواء عبر إحداث كونسوسيوممع صندوق التجهز الجماعي أو بشكل منفرد.

وسبق للجواهري، في مناسبة سابقة، أن أكد على أن اجتماعا سيعقد من أجل الوقوف على ما أنجزب من مبادرات لها علاقة بالمذكرة، بعد شدد على أن الحكومة السابقة لم تتجاوب، مؤكدا على أنه سيتم ربط الاتصال مع الحكومة الجديدة من أجل إعادة بعث الحديث حول المذكرة، غير أن ذلك لم يتم إلى حدود الآن.

حديث الجواهري، أمس، يأتي في سياق، متسم بضعف النمو الاقتصادي، الذي ينتظر أن يتراجع، تحت تأثير انكماش محصول الحبوب، إلى 2.7 في المائة، وهو ما يدفعه إلى القول" نحن نبقى مرتهنين للظروف المناخية التي يمكن أن تعطي دفعة للنمو الاقتصادي". معتبرا أن هذا الوضع، هو الذي دفع الملك إلى المطالبة بمراجعة النموذج التنموي.

 زر التضخم

وأكد الجواهري على أن البنك المركزي قبل بضم المقاولات الصغرى والمتوسطة إلى محفظته، حيث رصدت لها السيولة، وجرى تحفيز الأبناك الأكثر دينامية في توزيع القروض، مشددا على مكافأة المصارف التي تكون رصيدا نقديا من أجل توزيع القروض.

وضرب مثلا لتدخلات البنك، التي تسعى إلى بث دينامية جديدة في الاقتصاد، من قبيل إحداث مرصد المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة، وصندوق دعم المقاولات الصغرى، وتحدث عن الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي، التي تعنى بشكل خاص بالمقاولات الصغرى والمتوسطة.

يقول محافظ البنك المركزي، عند حديثه عن الدور الذي لعبته مؤسسته في إعطاء دفعة جديدة للتمويل، بأنه عبر التدابير التي تم لعب على جميع البيانو.

وعندما الجواهري، حول دور البنك في إعطاء دفعة لمعدل الفائدة المديري، الذي أبقاه، أمس الثلاثاء، في حدود 2.25 في المائة، خاصة أن اقتصاديين يرون أنه يتوجب إعطاء دفعة جديدة لتمويل الاقتصاد وحفز النمو عبر التضخم، الذي لن يتعدى 0.6 في المائة في العام الحالي، رد بأنه لا يتوفر على زر من أجل توسيع التضخم.

وشدد على أن النماذج التي يعتمدها البنك المركزي، تشير إلى معدل الفائدة المديري الذي يفترض اعتماده، مؤكدا على أنه لا يكتفى بتلك النماذج، التي تسترشد بها كبريات البنوك العالمية، بل يجري الاستناد على تحليلات الخبراء، مفيدا أن معدل الفائدة المديري، يستحضر في بلورته المدى المتوسط.

وأكد على أنه أنه حتى في حالة خفض معدل الفائدة المديري، فإن توزيع القروض غير مضمون، ملاحظا في الوقت نفسه، أن ذلك، قد ينعكس على المدخرين، ما دامت البنوك، تعمد إلى خفض مكافأة الادخار.