يد مشلولة والأخرى مبتورة .. يكتب ويرسم بفمه (فيديو)

سعيد أهمان

العزيمة والإصرار والتحدي، مبادئ اقتنع بها الطفل كريم ذي إعاقة حركية لمواصلة دراسته ومشاركته في أنشطة الحياة المدرسية بمدرسة قروية ضواحي تيزنيت، بعد حادثة سير وقعت له عام 2012، وتوقف عن ولوج مقاعد الدراسة لنحو سنتين.

سنة 2012 كانت مفصلية في حياة الطفل كريم البالغ اليوم الـ12 ربيعا، فقد تعرض لحادثة سير على الطريق الوطنية رقم 1 ، بينما كان يقود دراجته الهوائية في اتجاه مركزية مدرسة "البير" بمجموعة مدارس عبد الله كنون (جماعة حد الركادة أولاد جرار) لتصدمه شاحنة تسببت له في إعاقة حركية في يديه.

بعد حادث السير المؤلمة، انقطع كريم عن مدرسته، وهو الذي يدرس آنذاك بالصف الأول ابتدائي، خلال الموسم الدراسي 2011/2012 لأزيد من سنة ونصف بسبب  الحادث، وطيلة هاته المدة كان يتردد على المشفى لإتمام علاجه، ويعش في بيته بقرية "البير" وسط والديه وإخوته الذي يعد وحيدها من الذكور.

أمام هذا الحادث وتماثله للشفاء، واجه الطفل كريم وأساتذته تحديا ثانيا، بعد أن رفضت أسرته إلحاقه بالمدرسة وإعادته مجددا لصف الدراسة لاستكمال تعلماته الصفية.

مبادرات أساتذة المؤسسة وطاقمها الإداري ورغبتهم الملحة في عودة الطفل كريم إلى مقعد الدراسة بين أقرانه لم تقنع أسرته، خاصة وأن سنه (آنذاك8 سنوات) يسمح له بمواصلة الدراسة.

 الأسرة ترفض عودة ابنها للمدرسة، وأطر المؤسسة يواصلون مساعيهم لإقناع والدي كريم بالعودة إلى مدرسة القروية. الدفع الذي أقنع الأسرة هو أن "كريم سيمكث فقط في القسم بدل أن يبقى في البيت، وسيرافق أقرانه ذهابا وإيابا إلى المدرسة، مما أقنع أسرته وتوافق على التحاقه بمدرسة "البير"، وفق الشهادات التي استقاها موقع "تيلكيل عربي" من أطر المؤسسة التربوية التي نجحت في عودة كريم إلى مقعد المدرسة.

عن ذلك، يقول عبد الله الوادي مدير  مجموعة مدارس عبد الله كنون: بعد أقناع واقتناع أسرته بسبب إلحاح أطر المؤسسة، عاد ابننا كريم إلى صف الدراسة مجددا في شتنبر 2013، واندمج مع التلاميذ وصار يمتلك قوة مميزة، رغبته الملحة في الدراسة، يشارك في أنشطة الفصل وفي أنشطة المؤسسة وفي الحياة المدرسية، ورغبته الكبيرة وتحديه في ممارسة حقه في التربية والتعليم بدعم أصدقاءه وأساتذته وأسرته، حتى صار مذللا ولا أحد يمكن أن ينهره أو يقلق راحته أو يغضبه في البيت والمدرسة"، بحسب تعبير المتحدث.

فرحته بالمدرسة وأصدقاءه في المدرسة وشغفه بولوج المدرسة بلغت حدا لا يطاق، يقول كريم في تصريح لموقع "تيلكيل عربي": على الرغم من حادثة السير التي وقعت لي، فإن حبي لمدرستي "البير" (اسم موقع مدرسته) بمجموعة مدارس عبد الله كنون كثيرا ازداد، والداي يشجعاني، وأصدقائي في المدرسة يتعاملون معي بلطف ولباقة.

ويضيف: أتواصل مع أصدقائي وأحترم أساتذتي، وأعتمد على نفسي دون حاجة لأصدقائي الذين يلحون على مساعدتي

وضع  الطفل كريم الصحي، بسبب إعاقة يده اليمنى والشلل الذي أصاب يده اليسرى نتيجة حادث عام 2012، لم يمنعه من الاعتماد على النفس وسط تهافت أصدقاءه على مساعدته. يقول كريم: أعتمد على نفسي لأبرهن أنني باستطاعتي أن أكون نشيطا فاعلا في المدرسة. وهو ما عاينه موقع "تيلكيل عربي" خلال زيارته للمؤسسة يوم الخميس الماضي، بمناسبة  احتفال المؤسسات التعليمية الابتدائية باليوم الوطني للتعاون المدرسي.

مشاركة كريم في أنشطة الحياة المدرسية وفي أنشطة الفصل الدراسي مميزة بشهادة أساتذة وزملاءه التلاميذ، يرسم ويبدع ويكتب بخط جميل، وهو الذي يدرس بالمستوى الرابع ابتدائي،  كما يشارك في الحصص الدراسية بشهادة أطره التربوية والإدارية.

كريم اندمج بشكل سلس وسط أقرانه في مدرسة قروية بتيزنيت،  يشارك ويتفاعل و يرسم ويكتب ويجيب ولا يتردد في المشاركة والتفاعل مع أقرانه التلاميذ في الحياة المدرسية بابتسامة لا تفارق محياه.

تصوير: محمد بايلا