4 أسئلة لفهم تعويم الدرهم وتأثيره على الأسعار وتحويلات المهاجرين

اصلاح نظام الصرف المغربي كان مقررا تنفيذه ابتداء من فاتح يوليوز الماضي
الشرقي الحرش

يقدم الدكتور زهير لخيار، أستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية، وخبير دولي في التنمية المحلية التشاركية، توضيحات بخصوص معنى تعويم الدرهم، وتأثيره على الأسعار، وعلى تحويلات المغاربة في الخارج.

ما معنى تعويم الدرهم؟

سأحاول في إجابتي عن أسئلتكم أن أكون مبسطا جدا كما طلبتم مني ذلك، لأن الأمر يهم كل المغاربة متعلمين وغير متعلمين، متخصصين وغير متخصصين، وبالتالي عذرا إذا لمستم مني بعض الركاكة في الأسلوب الذي سأجيب به على أسئلتكم.

من المعلوم أن المغرب يتعامل داخليا بالدرهم ومع الخارج يتعامل أساسا بالدولار والأورو، لأن أغلب المنتوجات الحيوية التي يستوردها المغرب تؤدى بالدولار للدول الأخرى. ويتعامل بالأورو لأن أغلب معاملاته تكون مع أوروبا، والمغرب إذاً يحتاج إلى هاتين العملتين للتعامل بهما.

ولكي يحصل عليهما بشكل وفير يستخدم الآليات التالية، وهي: يبيع منتوجاته بالخارج أي ما يسمى الصادرات، أو يدفع الأجانب لاستثمار أموالهم بالمملكة، وهو ما يصطلح عليه بالاستثمارات الأجنبية أو الأموال المستهلكة من طرف السياح أو تحويلات المهاجرين المغاربة بالخارج أو الديون التي يتلقاها المغرب من الخارج.

إدن هذه هي أهم موارد الدولة من العملة التي يتم استعمالها من أجل التعاملات الاقتصادية مع الخارج، وهي التي تسمى احتياطي العملة الصعبة، الذي يستعمل في شراء ما يحتاجه المغرب، وهو ما يسمى الواردات أو استثمارات المغاربة بالخارج أو اخراج المستثمرين الأجانب لأرباحهم أو السياحة الخارجية أو إعادة الديون إلى أصحابها، والمطلوب من كل هذه العملية هو توازن هذا الاحتياطي.

  قبل نظام التعويم كان يربط المغرب عملته بالدولار بـ 40 في المائة وبالأورو ب 60 في المائة، لكن قرار التعويم يعني بكل بساطة حل هذا الارتباط مع هاتين العملتين، ليصبح الدرهم المغربي خاضعا لنظام العرض والطلب في سوق العملة، أي إذا ارتفع الطلب على الدرهم ارتفعت قيمته مقارنة مع العملات الأخرى، وإذا انخفض الطلب عليه، انخفضت قيمته، وعليه فالمغرب ملزم الآن باتحاد كل الإجراءات الكفيلة بالرفع من الطلب على الدرهم.

اقرأ أيضاً: تعويم صرف الدرهم ابتداء من الإثنين

هل يمكن أن يؤثر ذلك على الأسعار في المغرب؟

بالطبع سيؤثر ذلك إيجاباً أو سلباً على الأسعار. لنفترض أن عملية التعويم طبقت بكاملها وأن أسعار بعض المواد التي نستوردها من الخارج ارتفعت، سيضطر المغرب إلى استخراج قدر أكبر من العملة الصعبة، وبالتالي ستنخفض قيمة الدرهم، مما سيرفع من قيمة وأثمان السلع المستوردة داخل السوق. بمعنى آخر، ستصبح السلع المستوردة غالية، ولا يستطيع المغاربة اقتناءها، وبالتالي التخلي عنها، ويعتقد المدافعون عن نظام التعويم، أن العملية يمكن معالجتها من خلال المكونات الأخرى لمحفظة احتياطي العملة، أي أن انخفاض قيمة الدرهم سيمكن المغرب من تصدير مواد بأثمنة رخيصة وبكميات كبيرة، وبالتالي يعوض ارتفاع وغلاء المواد المستوردة.

ولكن هذه العملية تفترض شروطاً ينبغي توفرها، من قبيل القدرة على تصدير المواد التي تحمل القيمة المضافة، والقدرة على تصنيع المواد الضرورية والاستراتيجية داخل البلاد، دون استيرادها، من قبيل الفيول والقمح.

والواقع أن المغرب لا زال لم يصل إلى هذه المرحلة، لأن معظم صادراتنا تعد من المواد الخام التي لا قيمة مضافة فيها، والاستغناء عن بعض المواد الأساسية من الاستيراد، يعتبر أمرا مستحيلا في الوقت الراهن، وبالتالي عملية التعويم ستؤثر سلبا على أسعار المواد التي سيستعملها المغاربة.

هناك تخوف في صفوف المواطنين حول انخفاض قيمة أموالهم في الأبناك ما مدى مشروعية هذا التخوف؟

إن انخفاض أو ارتفاع قيمة الأموال مرتبط باستعمال هذه الأموال، وليس بإيداعها.

 الأموال المودعة لدى البنوك، بصرف النظر هل هي ودائع جارية أم ودائع ثابتة، قد تخضع لتقلبات السوق المالي وهي مودعة. ولكن النتيجة لا تظهر إلا بعد الاستعمال، وفي هذا الصد يمكن ادراج حالتين قد يتعرض لها المواطن المغربي: الحالة الأولى هي استعمال هذه الأموال داخل المغرب والحالة الثانية هي استعمالها خارج المغرب.

بالنسبة للاستعمال الداخلي، فإذا ما انخفضت قيمة الدرهم من جراء التعويم فعلى المغاربة الإحجام عن استعمال هذه الأموال في الشراءات الداخلية، لأن السلعة الواحدة قد تتطلب عدة دراهم لاقتنائها، والعكس صحيح.

أما عن الاستعمال الخارجي، فالقضية معكوسة تماماً، إذ ينبغي للمواطن المغربي أن يتتبع قيمة الدرهم مقارنة مع ما يقع في عملة البلد الذي يريد أن يصرف فيه هذه الأموال، وهو الأمر الذي سيتطلب من المواطنين دراية عالية في مفهوم الصرف وأنظمته وآليات التتبع، وهو الشيء الغائب تماما لحد الآن.

اقرأ أيضاً: والي بنك المغرب يكشف سبب تأجيل تعويم الدرهم

ما هي انعكاسات ذلك على تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج؟

نفس المنطق ينطبق على تحويلات المغاربة بالخارج، ذلك أن المغربي الذي يريد تحويل أمواله من الخارج إلى المغرب، سيخضع لسعر صرف الفترة والوقت الذي قام فيه بالعملية، وبالتالي سيصبح المغاربة في الخارج أمام تحدي الجواب عن الأسئلة التالية: كم ستكون قيمة أموالي بالدرهم بعد تحويلها؟ وكم كانت هذه القيمة قبل فترة؟ وكم ستكون بعد فترة؟

وبالتالي يدخل مغاربة الخارج في دوامة أسئلة ستحتاج إلى خبرة اقتصادية من أجل اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. فهل كلهم مؤهلون للقيام بهذه العمليات؟