الرئيس الجزائري الجديد.. رفض من الشارع والمعارضة

وكالات

دخلت الجزائر منعطفا جديدا مع اليوم الأول من تعيين رئيس لفترة انتقالية، بعدما أجبر الحراك الشعبي الرئيس المنتهية ولايته عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة.

وسمى البرلمان الجزائري اليوم الثلاثاء رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا لفترة انتقالية قد تمتد لفترة تسعين يوما بعد أسبوع على استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، على الرغم من إعلان الشارع مسبقا رفضه له باعتباره من نتاج نظام بوتفليقة.

 

غاز مسيل ومواجهات مع محتجين

ويرفض الجزائريون الذي يتظاهرون بأعداد ضخمة كل يوم جمعة للمطالبة برحيل "النظام" تولي عبد القادر بن صالح (77 سنة) رئاسة الدولة في المرحلة الانتقالية، كما يرفضون كل وجوه النظام الذي أسسه بوتفليقة خلال أربع ولايات رئاسية.

والثلاثاء تظاهر آلاف الطلاب وهم يرددون "بن صالح إرحل" و"النظام إرحل" في ساحة البريد المركزي بوسط العاصمة الجزائرية.

واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق الطلاب الذين ظلوا متجمعين قرب بناية البريد محاصرين باعداد كبيرة من الشرطة.

وهي المرة الأولى منذ سبعة أسابيع التي تستخدم فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة طلاب في العاصمة الجزائرية.

وبعد مناوشات بين المتظاهرين ورجال الشرطة في ساحة البريد المركزي والشوارع المحيطة بها، تفرق الطلاب وخلت الشوارع في حدود الساعة 18،30 إلا من مجموعة صغيرة كانت لا تزال تتنقل من مكان لآخر تحت مراقبة الشرطة.

ودعت منظمة العفو الدولية في بيان السلطات الجزائرية الى "احترام حق التظاهر السلمي كما يضمنه الدستور".

وتظاهر الطلاب أيضا في قسنطينة وعنابة (شمال شرق)، كما شهدت مدن عين تموشنت والمسيلة والشلف تجمعات، بحسب الموقع الاخباري "كل شيئ عن الجزائر".

وحكم بوتفليقة (82 عاما) الجزائر لنحو 20 سنة، بينها سبع سنوات وهو مريض بعد إصابته بجلطة في الدماغ في 2013. وفجرت رغبته بالترشح لولاية خامسة الى الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل، على الرغم من مرضه، تظاهرات حاشدة ورفضا واسعا.

وبعد أكثر من شهر من التظاهرات غير المسبوقة في كل أنحاء البلاد، اضطر بوتفليقة إلى الاستقالة في الثاني من أبريل تحت ضغط الشارع وضغط الجيش الذي طالب بتنحيه الفوري.

وقال بن صالح (77 عاما) بعد إعلانه رئيسا "فرض علي الواجب الدستوري في هذا الظرف تحم ل مسؤولية ثقيلة"، معربا عن أمله في "تحقيق الغايات والطموحات التي ينشدها الشعب الجزائري".

 

وبحسب الدستور، وفي حال شغور منصب الرئاسة، يتولى رئيس مجلس الأمة "مهام رئيس الدولة لمد ة أقصاها 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية. ولا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية".

ويرفض المتظاهرون الجزائريون أن تتولى شخصيات مرتبطة ببوتفليقة وعلى رأسها بن صالح قيادة المرحلة الانتقالية، وهو الذي يشغل منصب رئيس مجلس الأمة منذ 2002 وكان قبل ذلك رئيسا للمجلس الشعبي الوطني.

كما قاطعت أحزاب المعارضة جلسة البرلمان رافضة المشاركة في ترسيم رئيس الدولة الجديد، ومطالبة بالإصغاء لمطالب الشعب.

ورفعت التظاهرات الحاشدة التي نظمت في يوم الجمعة السابع شعار رفض "الباءات الثلاث"، في إشارة الى عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، ورئيس مجلس الوزراء نور الدين بدوي.

وإزاء رفض الشارع، اقترحت صحيفة "المجاهد" القريبة من السلطات إجمالا إزاحة بن صالح .

وكتبت الثلاثاء "هذه الشخصية (...) غير مقبولة ليس فقط من حركة المواطنين التي تطالب برحيلها فورا، إنما أيضا من المعارضة وقسم من ممثلي الأحزاب السياسية التي تشكل الغالبية في غرفتي البرلمان".

وتساءلت "ما الذي سيفعله بن صالح في مواجهة الغضب الشعبي؟ هل سيأخذ علما بالمعارضة القوية ويستقيل ويترك المكان لشخصية أخرى أقل إثارة للجدل لقيادة الفترة الانتقالية القصيرة؟"، أو "سيبقى في مكانه باسم احترام الدستور؟".

لكن رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في الدولة، يصر على أن تتم خلافة بوتفليقة في إطار أحكام الدستور. بينما يطالب المحتجون بالخروج عن إطار الدستور وإنشاء مؤسسات انتقالية يمكنها إطلاق إصلاحات عميقة وتنظيم انتخابات حرة.

 

أحزاب المعارضة تتحد في رفض بنصالح

أعربت أحزاب المعارضة في الجزائر اليوم الثلاثاء عن رفضها لتولي عبد القادر بن صالح لمنصب رئاسة الدولة وأكدت بأن هذا المسعى "يتنافى" ومطالب الشعب الجزائري.

وفي هذا السياق قال رئيس حركة مجتمع السلم (حمس) عبد الرزاق مقري بأنه "بعدما نصب عبد القادر بن صالح كرئيس للدولة بحضور نواب الموالاة وضد الإرادة الشعبية، يجب أن يستمر الحراك الشعبي إلى أن يستقيل من رئاسة الدولة" وتفعيل التدابير السياسية من خلال الحوار لتنصيب شخص يقبله الشعب وبعدها يقوم هذا الرئيس بإصدار المراسيم التي تسمح بتحقيق الإصلاحات قبل العودة للمسار الانتخابي.

 

واعتبر مقري بأن الذهاب للانتخابات قبل الإصلاحات "هو استخفاف بالشعب الجزائري وإهدار لصورة الجزائر البديعة التي رسمها الحراك الشعبي في كامل المعمورة وهو مغامرة بأمن البلد واستقراره، وكل جهة ستتحمل مسؤوليتها".

واكد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية على لسان رئيسه محسن بلعباس على صفحته في الفايسبوك بانها المرة الثالثة التي "يجري فيها الانقلاب على الإرادة الشعبية ..."، لافتا إلى أن تنصيب بن صالح على رأس الدولة لمدة 90 يوما "يمنع الانطلاقة الجديدة التي لا طالما انتظرناها "، معتبرا بان لجوء السلطة الى الالتزام الدستوري "مآله المأزق".

أما رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس فيرى بأن تطبيق المادة 102 وحده "لا يكفي ملء شغور منصب رئاسة الجمهورية وبأن تنصيب بن صالح كرئيس للدولة يعني إبعاد تفعيل المادتين 07 و 08 من الدستور كما وعدت به قيادة الجيش في بيانات رسمية".

وجدد بن فليس في تصريح صحفي تأكيده بان تطبيق المادة 102 " لن يأتي بالتهدئة في الظرف الاستثنائي الحالي ولا يقرب بالتالي البلد من حل الازمة".

ومن جانبه قال رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله عقب تنصيب عبد القادر بن صالح رئيسا للدولة بان هذا النظام "فاقد للشرعية وكل ما يصدر عنه فهو باطل"، مضيفا بان "الشعب طالب بالتغيير ولم يطالب بالتدوير".

كما اعرب حزب الحرية والعدالة في بيان له عن رفضه لتنصيب بن صالح رئيسا للدولة معتبرا اياه "احد رموز النظام التي طالب الشعب بإبعادها عن الساحة السياسية".

وجاء في البيان بان القرار "لا يساعد على إزالة التوتر الشعبي لأنه يتناقض مع مطلب التغيير الجذري لنظام الحكم وعلى قيادة الجيش أن تحترم تعهداتها العلنية بتفعيل المادتين 07 و08 من الدستور في اطار التوافق مع القوى السياسية والاجتماعية وممثلي الحراك الشعبي حفاظا على الامن والاستقرار واحتراما للشرعية الشعبية".

وعبر حزب العمال في بيان له هو الآخر عن قناعته بأن "مجلسا تأسيسا وطنيا مكونا من ممثلين حقيقيين تفوضهم مختلف مكونات الشعب الجزائري ومجسدا لوحدته هو المؤهل لكونه شرعيا لتحديد شكل ومضمون المؤسسات والنظام الديمقراطي الضامنين لجميع تطلعات الأغلبية الساحقة أي الديمقراطية ومضمونها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي".

وقال إن اللجوء إلى المادة 102 من الدستور لتعويض رئيس الجمهورية المستقيل "هدفه الوحيد هو إنقاذ النظام من خلال مصادرة إرادة وسيادة الشعب". وعبرت من جهتها جبهة القوى الاشتراكية هي الاخرى عن رفضها القاطع لتنصيب بن صالح على راس الدولة واصفة هذا التنصيب ب" المتغطرس والمحزن". وقال الحزب في بيان له بانه "يندد مرة اخرى هذه " المسخرة ويؤكد تجنده الى جانب الجزائريين والجزائريات من اجل مواصلة المطالبة بالتغيير الجذري للنظام ورموزه".