بعد إقصاء المغرب.. مؤتمر برلين يحاول اليوم إطلاق السلام في ليبيا

تيل كيل عربي

في غياب المغرب، يعقد قادة الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الذي يمزق ليبيا قمة في برلين، بعد ظهر اليوم الأحد، لمحاولة إطلاق عملية السلام مجددا وتجنب حرب أهلية تحول هذا البلد إلى "سوريا ثانية".

ماكرون يتصل بالملك

والمثير للانتباه، هو أن المؤتمر "أقصى" المغرب من الحضور في المؤتمر، رغم أنه احتضن مفاوضات بين أطراف النزاع توجت لاتفاق الصخيرات.

في هذا السياق، تلقى الملك محمد السادس، أمس السبت، اتصالا هاتفيا من رئيس الجمهورية الفرنسية إمانويل ماكرون.

وحسب بلاغ للديوان الملكي، فإن المباحثات تناولت، على الخصوص، الأزمة الليبية عشية الاجتماع المقرر عقده ببرلين يوم 19 يناير.

"وبهذه المناسبة، تم التأكيد على الدور الهام الذي تضطلع به المملكة المغربية وعلى ما تبذله من جهود مشهود بها، منذ عدة سنوات، لحل الأزمة في هذا البلد المغاربي". وأضاف المصدر أن تلك الجهود أسفرت، على الخصوص، عن "اتفاق الصخيرات، الذي أقره مجلس الأمن ويحظى بدعم المجتمع الدولي".

ملاحظات خمسة للمغرب

وفي السياق ذاته، صدربلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أمس السبت، بخصوص مؤتمر برلين حول ليبيا أيضا سجل النقاط التالية:

1 - المملكة المغربية تعرب عن استغرابها العميق لإقصائها من المؤتمر المتوقع انعقاده في 19 يناير ببرلين، بألمانيا، حول ليبيا.

2 - المملكة المغربية كانت دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية. وقد اضطلعت بدور حاسم في إبرام اتفاقات الصخيرات، والتي تشكل حتى الآن الإطار السياسي الوحيد -الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين- من أجل تسوية الأزمة في هذا البلد المغاربي الشقيق.

3 - المملكة المغربية لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع.

4 - لا يمكن للبلد المضيف لهذا المؤتمر، البعيد عن المنطقة وعن تشعبات الأزمة الليبية، تحويله إلى أداة للدفع بمصالحه الوطنية.

5 - المملكة المغربية ستواصل من جهتها انخراطها إلى جانب الأشقاء الليبيين والبلدان المعنية والمهتمة بصدق، من أجل المساهمة في إيجاد حل للأزمة الليبية.

حظر شحن الأسلحة

وإذا كان الهدف الرئيسي لهذه القمة التي تعقد برعاية الأمم المتحدة، هو وضع حد للتدخلات الأجنبية في هذه الدولة التي تغذي النزاع فيها عوامل عديدة من الشهية لمواردها النفطية إلى الخصومات السياسية الإقليمية وصراع النفوذ، فإنه يتوقع أن يصدر عن القمة تعهد باحترام الحظر على شحن الأسلحة فرض في 2011 لكنه بقي حبرا على ورق، كما ورد في مسودة الاتفاق النهائي، الذي قالت وكالة الأنباء الفرنسية إنها اطلعت عليه.

وقال هايكو ماس وزير خارجية ألمانيا التي تستضيف المؤتمر، لصحيفة "بيلد"، اليوم الأحد، إن "المؤتمر يمكن أن يكون خطوة أولى من أجل السلام في ليبيا".

وصرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة في مقابلة مع وكالة فرانس برس السبت في برلين أن أحد أبرز أهداف المؤتمر الدولي حول ليبيا هو وقف كل التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، داعيا أيضا إلى عدم استخدام النفط "كأداة حرب".

وبين وصول عسكريين أتراك مؤخرا والاشتباه بوجود مرتزقة روس وتدفق الأسلحة التي تسلمها دول عديدة، تخشى الأسرة الدولية تفاقم النزاع.

فزاعة اللاجئين

قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية مساء السبت طالبا عدم الكشف عن هويته إن "الأمر يتعلق بنزاع إقليمي يتسع ويصبح أكثر شبها بسوريا". وأضاف "هذا هو سبب تعبئة الأسرة الدولية".

وتخشى أوروبا تدفق موجات جديدة من المهاجرين على سواحلها، وهي مخاوف تلعب عليها تركيا لتبرير تدخلها. وقالت الرئاسة التركية مساء السبت إن "العنف في طرابلس يمكن أن يؤدي إلى تدفق موجات جديدة من اللاجئين".

وسيحضر طرفا النزاع الرئيسيان في ليبيا فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، والمشير خليفة حفتر رجل شرق ليبيا القوي، إلى برلين لكنهما لن يجلسا على طاولة واحدة.

ويلقى السراج دعم تركيا، وحفتر دعم روسيا. وسيحضر رئيسا هذين البلدين اللذين يلعبان دورا أساسيا مستفيدين من الفراغ الذي تركه الأوروبيون، قمة برلين إلى جانب قادة فرنسا ومصر وإيطاليا وألمانيا.

وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان السبت إن "ترك ليبيا تحت رحمة زعيم حرب سيكون خطأ أبعاده تاريخية".

ويشتبه شركاء فرنسا الأوروبيون أيضا بأن باريس تدعم حفتر. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنه "يجب أن نرى الأمور على حقيقتها، وتوازن القوى على حقيقته"، مشيرا إلى أن المشير حفتر مع حلفائه "يسيطر على ثمانين بالمائة من الأرض تقريبا".

إغلاق الموانئ النفطية

ميدانيا، تأمل الأمم المتحدة من هذا المؤتمر أيضا "تعزيز وقف إطلاق النار" الذي حصلت عليه أنقرة وموسكو ودخل حيز التنفيذ في 12 يناير.

وحتى الآن، كانت الهدنة محترمة إلى حد ما بين القوات الموالية لحفتر وتلك الموالية لحكومة الوفاق الوطني على أبواب العاصمة.

وبعدما سيطر على الشرق وعلى جزء كبير من الجنوب الليبي، بدأ المشير حفتر هجوما لطرابلس التي تشكل مركز السلطة، معولا على انتصار سريع. لكنه يواجه منذ مطلع أبريل مقاومة شرسة.

وفي مقابلة تنشر الأحد صحيفة "دي فيلت" الألمانية، طلب خصمه نشر "قوة عسكرية دولية" في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، في حال استأنف حفتر الأعمال القتالية. وقال "إذا لم ينه خليفة حفتر هجومه، سيتعين على المجتمع الدولي التدخل عبر قوة عسكرية لحماية السكان المدنيين الليبيين".

وفي هذه الأجواء، أغلقت قوات موالية للمشير خليفة حفتر عشية قمة برلين السبت موانىء النفط الرئيسية في شرق ليبيا، تعبيرا عن اعتراضها على التدخل التركي في البلاد.