بوعياش: أربع إشكالات مقلقة في المحاكمات عن بعد

تيل كيل عربي

قالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، اليوم الثلاثاء، في كلمة لها خلال ندوة بعنوان " التقاضي عن بعد وضمانات المحاكمة العادلة" إن لهذا النوع من المحاكمات، في ظل جائحة كورونا ما يبررها" فوفق المبدأين 11 و 12 من مبادئ سراقوسة التي أقرتها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإن كل تقييد يمس بالعلنية والمثول الجسدي للمتهم أمام القضاء وبجانبه محاميه يكون مبررا إذا كان سببه مرتبطا بالنظام العام وحفظ الصحة العامة" .

وأضافت بوعياش " أن عدالة هذه المحاكمة رهينة بمدى تجسيدها لمبادئ الضرورة والتناسب والشرعية وسيادة القانون والتوازن بين الأطراف، وبمدى استجابتها لقواعد العدل والإنصاف واحترامها لحقوق الدفاع. وهو ما عبرت عنه بوضوح اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان، حينما اعتبرت أن اللجوء الى تقنيات التواصل عن بعد في إجراءات المحاكمة لا ينقص، بحد ذاته، من ضمانات المحاكمة العادلة، ما دام أن الهدف من اللجوء الى هذه الوسائل هدف مشروع، وأن الوسائل المستعملة في ذلك لا تتعارض مع حقوق الدفاع" .

وأشارت بوعياش إلى أن "  مجلس حقوق الإنسان،( ذكر )في قرار حديث في يوليوز 2020، الدول على ضمان أن تكون لدى السلطات القضائية الموارد والقدرات اللازمة للمساعدة في الحفاظ على الخاصية الوظيفية، والمساءلة، والشفافية، والنزاهة، وضمان مراعاة الأصول القانونية واستمرارية الأنشطة القضائية، بما في ذلك الوصول الفعال الى العدالة، على نحو يتسق مع الحق في محاكمة عادلة، وغير ذلك من الحقوق والحريات الأساسية، خلال الحالات الاستثنائية بما فيها جائحة كوفيد 19 وحالات الأزمات الأخرى".

 وسجل المجلس الوطني لحقوق الانسان، على لسان بوعياش، أن  المعطيات الميدانية المتوفرة لدى المجلس ، تشير إلى  أن إعمال نظام المحاكمات عن بعد في القضايا الجنائية والجنحية التلبسية لم يخل من بعض الإشكاليات المقلقة، التي يمكن إجمالها فيما يلي:

*رغم تقييد تطبيق المحاكمة عن بعد بموافقة المتهم أو الظنين، وبتنازله عن الحق في المحاكمة الحضورية، فإن إشكال وضعية المعتقلين الاحتياطيين الذين يتمسكون ودفاعهم بالحق في الحضور يبقى مطروحا. ما دام تشبثهم بهذا الحق يؤدي، في بعض الأحيان، إلى تأجيل البت في قضاياهم، وهو ما قد يشكل إخلالا بمبدأ الحق في المحاكمة داخل أجل معقول باعتباره من أهم مبادئ المحاكمة العادلة وشروطها. علما بأن الاحصائيات المتاحة لا تتضمن أي إشارة الى الذين تشبثوا بمبدأ الحضورية، ولا إلى طبيعة القضايا المتابعين من أجلها، ولا إلى نوعية الإجراءات المتخذة لضمان حقهم في المحاكمة داخل أجل معقول،

*رغم أهمية الجهود المبذولة على مستوى اللوجستيك، يلاحظ استمرار تسجيل صعوبات تقنية ولوجستيكية الناتجة عموما عن ضعف الصبيب، وتزامن توقيت انعقاد عدة جلسات داخل دائرة النفوذ التابعة لبعض المؤسسات السجنية. وهو ما يؤدي الى ارتباك على مستوى توقيت انعقاد الجلسات ويؤثر بالضرورة، سلبا، على وضعية أطراف الدعوى العمومية والمدنية، حيث يضطرون الى الانتظار لمدة ساعات، فضلا عن صعوبة اطلاع المتهمين على محضر التصريحات، وصعوبة اطلاعهم أيضا على المحجوزات وما إليها من أدوات الاقتناع ومواجهتهم بها، إلى جانب الإشكاليات المتعلقة بالتواصل بين المتهمين ودفاعهم،

*يسجل المجلس أن الجهود المتخذة لإعمال تجربة المحاكمات عن بعد، على مستوى المحاكم، لم تستحضر وضعية بعض الفئات وحقهم في الولوج إلى العدالة وفي الانتصاف، ومن بينهم الأشخاص في وضعية إعاقة سمعية بصرية،

*فضلا عن ذلك، فإن اللجوء الى اعتماد نظام المحاكمة عن بعد ما يزال يطرح إشكاليات جوهرية ترتبط بالسند الشرعي لهذه المحاكمات في غياب أي نص قانوني يحفظ، في سياقها، حقوق جميع أطراف الدعوى العمومية والمتدخلين فيها، ويضمن التوازن الضروري فيما بينها، ويعطي لمبدأي الحضورية والتواجهية معناهما الكامل.