منذ عام 1945.. اليمينيون المتشددون يعودون لحكم إيطاليا

وكالات

بعد السويد، حقق اليمين المتطرف انفراجة جديدة له في أوروبا، بفوز جورجيا ميلوني في الانتخابات التشريعية، أمس الأحد، في إيطاليا؛ حيث ستتاح لحزب تعود جذوره إلى الفاشية الجديدة فرصة حكم البلاد للمرة الأولى، منذ عام 1945.

وبعد أن بقي في صفوف المعارضة في كل الحكومات المتعاقبة منذ الانتخابات التشريعية في 2018، فرض حزب فراتيلي ديتاليا بزعامة ميلوني نفسه بديلا رئيسيا، وانتقلت حصته من الأصوات من 4,3 في المائة قبل أربع سنوات إلى حوالى ربع الأصوات (بين 22 و26 في المائة)، وفق استطلاعات الخروج من مكاتب الاقتراع، أمس الأحد، ليصبح بذلك الحزب المتصدر في البلاد.

وأعلنت ميلوني أنها ستقود الحكومة المقبلة، في خطاب مقتضب في روما: "الإيطاليين بعثوا رسالة واضحة لدعم حكومة يمينية بقيادة فراتيلي ديتاليا"، واعدة "بأننا سنحكم لجميع" الإيطاليين.

وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات لدى إغلاق مكاتب الاقتراع 64,07 في المائة مقارنة بـ73,86 في المائة في 2018.

ويتوقع أن يفوز التحالف الذي يشكله حزب فراتيلا ديتاليا مع كل من الرابطة اليمينية المتطرفة بقيادة ماتيو سالفيني، وحزب فورزا إيطاليا المحافظ بقيادة سيلفيو برلسكوني، بما يصل إلى 47 في المائة من الأصوات. ومع اللعبة المعقدة للدوائر الانتخابية، يفترض أن يضمن هذا التحالف لنفسه غالبية المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ.

وإذا ما تأكدت هذه النتائج، فإن حزب فراتيلي ديتاليا والرابطة سيكونان قد حصلا معا على "أعلى نسبة من الأصوات التي سجلتها أحزاب اليمين المتطرف على الإطلاق في تاريخ أوروبا الغربية، منذ عام 1945 إلى اليوم"، بحسب المركز الإيطالي للدراسات الانتخابية.

وسيشكل ذلك زلزالا حقيقيا في إيطاليا، إحدى الدول المؤسسة لأوروبا، وثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو.

وفي هذا السياق، أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي "أدوات" لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة.

وكتبت ميلوني، صباح اليوم الأحد، على "تويتر" متوجهة إلى أنصارها: "اليوم، يمكنكم المساهمة في كتابة التاريخ".

وأضافت: "في أوروبا، إنهم قلقون جميعا لرؤية ميلوني في الحكومة. انتهى العيد. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية".

وبعث زعيم حزب "VOX" الإسباني اليميني المتطرف، سانتياغو أباسكال، التهاني إلى ميلوني، قائلا إنها "أظهرت الطريق نحو أوروبا فخورة وحرة".

ونجحت ميلوني المعجبة سابقا بموسوليني، والتي ترفع شعار "الله الوطن العائلة"، في جعل حزبها مقبولا كقوة سياسية، وطرح المسائل التي تحاكي استياء مواطنيها وإحباطهم ببقائها في صفوف المعارضة، في وقت كانت الأحزاب الأخرى تؤيد حكومة الوحدة الوطنية بزعامة ماريو دراغي.

وأيا تكن الحكومة التي ستنبثق من الانتخابات لتتولى مهماتها اعتبارا من نهاية أكتوبر، فهي تواجه منذ الآن عقبات على طريقها؛ حيث يتحتم عليها معالجة الأزمة الناجمة من الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه إيطاليا دينا يمثل 150 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان.

وفي هذا السياق، إيطاليا بحاجة ماسة لاستمرار المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي في إطار خطته للإنعاش الاقتصادي بعد "كوفيد-19"، والتي يمثل هذا البلد أول المستفيدين منها، وبفارق كبير عن الدول الأخرى.

ومثلما فعلت قبلها زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبن، تخلت ميلوني في نهاية المطاف عن مشروعها القاضي بالخروج من اليورو، لكنها تطالب بـ"مراجعة قواعد ميثاق الاستقرار" المعلقة بسبب الأزمة الصحية، والتي تحدد سقف العجز في ميزانية الدول وديونها بـ3 في المائة و60 في المائة على التوالي من إجمالي ناتجها المحلي.

وفي المسائل الاجتماعية، تعتمد ميلوني المتحدرة من روما مواقف محافظة متشددة؛ حيث أعلنت في يونيو: "نعم للعائلة الطبيعية، لا للوبي مجتمع الميم-عين! نعم للهوية الجنسية، لا لإيديولوجيا النوع الاجتماعي!".

وسيؤدي وصولها إلى السلطة أيضا إلى إغلاق حدود بلد يصل إلى سواحله سنويا عشرات آلاف المهاجرين، وهو ما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية التي تغيث مهاجرين سرا يعبرون البحر في مراكب متداعية هربا من البؤس في إفريقيا.

ويتفق الخبراء منذ الآن على أن ائتلافا حكوميا كهذا ستواجه فيه ميلوني تحديا حقيقيا في التعامل مع حلفاء مربكين، سواء سيلفيو برلوسكوني أو ماتيو سالفيني، لن يستمر طويلا في بلد معروف بافتقاره إلى الاستقرار الحكومي.