إذا سارت قمة برلين التي ستعقد، الأحد، حول الأزمة في ليبيا وفقا لما هو مخطط لها، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستجد نفسها عرضة لضغوط لتأمين قوات للمساعدة في مراقبة أي هدنة محتملة.
وأعلن جوزيب بوريل، كبير الدبلوماسيين في التكتل، بشكل لا لبس فيه أن بروكسل لن تقبل بأن يجري تهميشها بينما تتحرك موسكو وأنقرة بجرأة للإشراف على إنهاء النزاع بشروطهما.
لكن الاتحاد الأوروبي لا يملك جيشا خاصا به، كما أن دبلوماسيين أوروبيين حذروا، الجمعة، من أن الدول الأعضاء في الاتحاد لديها وسائل محدودة لإنشاء قوة سلام حتى على مقربة من سواحلها الجنوبية.
وقال بوريل لمجلة دير شبيغل "إذا تم التوصل لوقف لإطلاق النار في ليبيا، فيجب أن يكون الاتحاد الأوروبي مستعدا للمساعدة في تنفيذه ومراقبته، وربما عبر قوات أيضا، كجزء من مهمة للاتحاد الأوروبي على سبيل المثال".
وأضاف للأسبوعية الألمانية "خذوا حظر الاسلحة على سبيل المثال. نحن الأوروبيون عهدت إلينا الأمم المتحدة لتطبيقه. في الواقع حظر الأسلحة غير فعال، ولا أحد يسيطر على أي شيء هناك".
وكان بوريل، وزير الخارجية الأسباني السابق الذي يشغل منصب ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أبلغ البرلمان الأوروبي، في وقت سابق هذا الأسبوع، أنه يتعين على أوروبا أن تتعلم مما حدث في سوريا.
في سوريا، كما هي الحال الآن في ليبيا، نشرت تركيا وروسيا قوات لدعم أطراف محلية منخرطة في النزاع، حيث تمارسان الآن نفوذا أكبر من الأوروبيين الأكثر حذرا.
وقال بوريل لأعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ "نحن الأوروبيين، بما أننا لا نريد المشاركة في حل عسكري، بتنا أسرى الاعتقاد بأنه لا يوجد حل عسكري".
وحذر بوريل "في سوريا الحل كان عسكريا فرضه الأتراك والروس، وهذا غير التوازنات في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط".
وأثار بوريل مخاوف السياسيين الأوروبيين من موجهة هجرة جديدة من شمال إفريقيا، عبر الإيحاء أنهم سيخسرون نفوذهم على الساحل الليبي لصالح روسيا وتركيا.
وتشهد ليبيا حالة اضطراب منذ الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي في انتفاضة مدعومة من حلف شمال الأطلسي عام 2011، وتوجد في طرابلس في حكومة وفاق معترف بها من الأمم المتحدة.
لكن في أماكن أخرى تسيطر الميليشيات على الدولة المتوسطية الغنية بالنفط، وشنت قوات موالية للمشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد، هجوما للسيطرة على العاصمة.
وفي وقت سابق هذا الاسبوع، التقى حفتر ورئيس حكومة طرابلس فايز السراج في موسكو، وهما سيشاركان في مؤتمر برلين الذي يهدف للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار.
ومن المتوقع أن يتم التوصل إلى هدنة، والاثنين سيتوجه وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الى بروكسل لمناقشة كيفية تنسيق ردهم، إنما يبقى السؤال هل سيقومون بإرسال قوات؟
الدبلوماسيون الأوروبيون يتعاملون بحذر مع هذه المسألة، والبعض أشار إلى أن بعض العواصم قد لا تكون قادرة او راغبة.
وقال أحدهم "بالنظر إلى ما سيتم الاتفاق عليه في برلين حول وقف لإطلاق النار، كما هي الحال على سبيل المثال بالنسبة إلى مراقبة حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، سنرى كيف يمكن للاتحاد الأوروبي المساهمة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه".
وحذر مبعوث آخر من أن بوريل "لديه طريقته المختلفة تماما في العمل. وهذا له وجهان، في بعض الأحيان يكون محفزا وأحيانا أخرى غير منتظم".
وعندما سأله مسؤول أوروبي رفيع حول مخاطر السماح لروسيا وتركيا بتولي الأزمة أجاب بوريل "هل تقترح أن ينخرط الاتحاد الأوروبي في دبلوماسية الزوارق الحربية في وسط البحر المتوسط؟".
وأشار بوريل الى أن "هذا ليس في العادة عمل الاتحاد الأوروبي"، ومع ذلك قال دبلوماسيون إن عواصم الاتحاد الاوروبي تعارض السماح لروسيا وتركيا بالعمل وفق طريقتهما.
وقال "إنهم مثيرو المشاكل الذين فرضوا أنفسهم بشكل متناقض كصناع سلام".
ولفت دبلوماسي أوروبي آخر إلى أن فرنسا منشغلة بمالي والساحل الإفريقي حيث يقاتل جنودها الجهاديين، فيما ألمانيا تخشى على سلامة جنودها.
وقد يكون هناك خيار آخر يتمثل في إعادة تنشيط "عملية صوفيا"، البعثة البحرية للاتحاد الأوروبي التي تتخذ من روما مقرا وأنشئت عام 2015 لمكافحة الاتجار بالبشر، لكن تم تعليقها بحكم الأمر الواقع عام 2019 عندما رفضت إيطاليا استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم.
ولا يزال تفويض العملية ساريا لكن لم يتم تخصيص أي سفن حربية لها، وستكون هناك حاجة إلى اتفاق مع إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا لتعزيزها.