بعد مرور شهرين على انفجار قضية صفقة "سوث-بريدج"، قررت لمياء بوطالب، كاتبة الدولة المكلفة بالسياحة، التلاؤم مع قانون الصفقات العمومية، واحترامه، بنشر طلب عروض بشأن إنجاز دراسة حول القطاع.
يبدو أن لمياء بوطالب، كاتبة الدولة المكلفة بالسياحة، تعلمت الدرس، من قضية "سوث-بريدج"، مكتب الدراسات المملوك لحسن بلخياط، زميلها في المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي منحته صفقة، بشكل مباشر، خلال الصيف الماضي، إذ تراجعت إلى الوراء وقررت التلاؤم مع القانون.
ويأتي ذلك، بنشرها طلب عروض، يخص صفقة "إنجاز دراسة حول إنشاء نظام مواكبة تنفيذ وإدارة خارطة طريق قطاع السياحة"، وهي الصفقة التي كان مفترضا أن يقوم بها مكتب "سوث-بريدج"، وتحول انكشافها إلى فضيحة تضارب للمصالح وتبادل المنافع، خلال شتنبر الماضي، بسبب انتماء صاحبة الصفقة، والمستفيد منها، إلى المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار.
عن ماذا تبحث بوطالب؟
"رغم أن وجهة المغرب السياحية قاومت السياق الدولي والإقليمي الصعب، فالإنجازات تعرف تقهقرا مقارنة بالأهداف المرسومة"، يشرح مضمون إعلان طلب العروض، مشددا على ضرورة "تنفيذ فعال" لرؤية 2020 حول السياحة.
أما هدف الدراسة، حسب الوثيقة ذاتها، فهو "إرساء وتفعيل نظام يسمح بضمان إدارة فعالة للأوراش، والبرامج، والمشاريع، المعهودة إلى قطاع السياحة".
والمستفيد من الصفقة، الذي سيعلن عنه في دجنبر المقبل، سيكون عليه، تحديد المشاريع وأولياتها من حيث الأهداف والتوجهات الإستراتيجية، ومتابعة تقدم المشاريع، بإعداد تقارير وإرساء دعامة تنفيذية لكل مشروع، مع تصميم لوحات قيادة دقيقة".
وفيما سيكون على المستفيد من الصفقة، أيضا، تعيين فريق من الخبراء يساعدون المسؤولين المكلفين بالمشاريع، يصل مبلغ الصفقة إلى ثمانية ملايين درهم.
الدراسة ليست الأولى
وتعد الدراسة الجديدة، الثانية التي تطلبها وزارة السياحة، منذ 2016، إذ شهدت السنة الماضية، تكليف لحسن حداد، الذي خلفه محمد ساجد، على رأسه الوزارة، مكتب "مجموعة بوسطون كونسولتينغ"، بدراسة حول رؤية 2020.
وكانت أهداف الصفقة التي منحها لحسن حداد، "تقييم وتحليل التقدم في تنفيذ الرؤيو خلال الفترة بين 2011 و2015، مقارنة بالنتائج المنتظرة، وتقديم حصيلة وتقييم الخطوات والتدابير المتعلقة بمواكبة وتفعيل أوراش رؤية 2020، مع تحليل الاتجاهات الدولية لقطاع السياحة، ومستوى الطلب والعرض، وطبيعة المنافسة، في أفق 2020".
وعرضت نتائج الدراسة المذكورة على مهنيي القطاع السياحي في يونيو الماضي، أما الخلاصات فقد تبناها محمد ساجد، الوزير الجديد، علما أن فريق "مجموعة بوسطون كونسولتينغ"، عليها بدورها، وفق الصفقة، مصاحبة الفريق الجديد المسير لوزارة السياحة.
وفي المقابل، اتخذت لمياء بوطالب، كاتبة الدولة لدى وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، المكلفة بالسياحة، قرارا مغايرا، في غشت الماضي، بأن عادت إلى مكتب "سوث-بريدج"، الذي أسسه حسن بلخياط، ثلاثة أشهر فقط قبل منحه الصفقة.
وكشف مصدر قريب من الملف، قائلا "عندما دخل سوث-بريدج على الخط من أجل إنجاز دراسة جديدة، شرحت كاتبة للدولة لمكتب بوسطون كونسولتينغ، بأنه لم يعد سيتكلف إلا بالجانب الإستراتيجي، أما الشق التنفيذي فسيصير تحت مراقبة حسن بلخياط".
وفي النتيجة: تخلى "بوسطون كونسولتينغ" عن كل شيء، تاركا مقاليد الحكم لـ"سوث-بريدج"، ورغم تراجع لمياء بوطالب، كاتبة الدولة في السياحة، عن خطواتها بعد الفضيحة، إلا أنها لم تتخلى عن رغبتها في دراسة ثانية حول رؤية 2020.