لم تستقر السلطات الفرنسية والبلجيكية على رأي نهائي بخصوص طريقة تأمين نقل المغربي صلاح عبد السلام، المتورط الوحيد في هجمات 13 نونبر 2015 في باريس الطي لازال على قيد الحياة، من سجنه في العاصمة الفرنسية للمثول أمام القضاء في بلجيكا على خلفية العملية الأمنية المشتركة بين البلدين في "فوريست" البلجيكية، 15 مارس 2016، والرامية إلى اعتقاله.
وقالت وكالات الأنباء، أنه في الوقت الذي تحدد موعد مثول المغربي، الموصوف بأنه أكثر سجين تعرضا للحراسة المشددة بفرنسا، أمام القضاء البلجيكي في 18 دجنبر الجاري، ما تزال كيفية نقله من فرنسا إلى بلجيكا، هاجسا مؤرقا بشدة لسلطات البلدين، إذ بعد تداول خيار "الطائرة الحوامة"، برز سيناريو آخر يتعلق بنقله إلى سجن فرنسي أقرب إلى بلجيكا، ويتعلق الأمر بنقله من سجن "فلوري مبروجيس"، الذي يقبع فيه تحت حراسة مشددة، إلى مركز الاعتقال بجماعة "فوندان دو فييل"، في منطقة "با دو كالي"، ليقبع فيه طيلة فترة محاكمته ببلجيكا، عوضا عن خيار نقله يوميا بطائرة حوامة، الي تم تداوله في السابق وكذبته السلطات.
ويرجح خيار سجن "فوندان دو فييل"، نظرا لميزاته المتعددة، وأبرزها أنه السجن الأكثر تأمينا في فرنسا، إذ يتوفر على 220 حارسا لحوالي 100 سجين، أي حارسين لكل نزيل، وهو معدل نادر بفرنسا التي تعيش سجونها اكتظاظا، إذ تبلغ الطاقة الاستيعابية لسجونها 59 ألف و151 سريرا مقابل عدد معتقلين ارتفع إلى 69 ألف و307.
وفيما تفيد معطيات الخريطة أن السجن الجديد لا تفصله عن بروكسيل سوى 142 كيلومترا عوض 300 التي تفصل باريس عنها، تأتي قضية كيفية تأمين نقل المتهم المغربي الأصل بين فرنسا وبلجيكا، بعد اتفاق البلدين على تمكينه من حضور محاكمته ببلجيكا على خلفية أحداث إطلاق النار في "فوريست" في مارس 2016، المرتبطة بمداهمة أمنية بحثا عنه، إذ تمكن بعد المشاركة في هجمات نونبر 2015 بفرنسا من الفرار إلى بلحيكا.
وانتهت المداهمة إلى فرار صلاح عبد السلام، ثلاثة أيام قبل اعتقاله، من الشقة التي كان يختبئ بها في زنقة "دغي" بفوريست نحو مولنبيك، رفقة سفيان عياري، بعد تبادل لإطلاق النار أسفر عن إصابة ثلاثة رجال شرطة، ومقتل الجزائري محمد بلقايد، المعروف باسم "سمير بوزيد"، برصاص قناص من الشرطة. يشار إلى أن صلاح عبد السلام، الذي نفذ مع مغاربة آخرين، أبرزهم عبد الحميد أباعوض وقريبته حسناء أيت بولحسن، اللذين توفيا في مداهمة أمنية بباريس، هجمات 13 نونبر 2015، يتحدر بمعية شقيقاه إبراهيم (قتل بدوره بعد مشاركته في الهجمات)، ومحمدد من الناظور.
ويحمل الأشقاء، وفق تحقيق سابق لجريدة "لوموند"، الجنسية الفرنسية، رغم أنهم ترعرعوا في مولنبيك البلجيكية، بحكم أن والدهم عبد الرحمان عبد السلام، رأى النور بوهران في 1949، واحتفظ بجنسيته الفرنسية أثناء التحاقه بالمغرب رفقة زوجته "مينة".
وعلى غرار جيل من العمال المتحدرين من الريف، غادر الزوجان مدينتهم الأصلية "بويافار"، في شمال المغرب، للعمل ببروكسيل، في إطار اتفاقية بين بلجيكا والمغرب في 1964 من أجل استقدام اليد العاملة التي حفرت أنفاق "مترو" بروكسيل، فظلت الأسرة بالعاصمة الأوربية، حيث يشتغل فيها ربها "ستيبيان"، أي سائق حافلة تابعة لشركة "ستيب"، للنقل الحضري.