يمثل فوز الديموقراطي جو بايدن في الانتخابات الأميركية كما يرى خبراء، انتكاسة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الحليف القوي للرئيس السابق دونالد ترامب، لا سيما أن الرئيس الجديد قد يستأنف العلاقات مع الفلسطينيين.
وهنأ نتانياهو الأحد، جو بايدن على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وكذلك فعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ووصف نتانياهو، الرئيس الأميركي المنتخب بأنه "صديق عظيم لإسرائيل"، وتوجه بالشكر لدونالد ترامب على رفع العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة إلى "ذروات لا مثيل لها".
وكتب نتانياهو في تغريدة على حسابه على تويتر "نهنىء جو بايدن وكامالا هاريس". وأضاف "جو نعرف بعضنا منذ حوالى أربعين عاما وعلاقتنا دافئة وأنا أعلم أنك صديق عظيم لإسرائيل".
من جهته، هنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأحد، الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بفوزه في الانتخابات، معربا عن أمله في "تعزيز العلاقات الفلسطينية الأميركية" التي شهدت جمودا في السنوات الأخيرة.
وأعرب عباس في بيان "عن تطلعه للعمل مع الرئيس المنتخب بايدن وإدارته من أجل تعزيز العلاقات الفلسطينية الأميركية وتحقيق الحرية والاستقلال والعدالة والكرامة لشعبنا (...) ومن أجل السلام والاستقرار في المنطقة والعالم".
ولطالما وصف نتانياهو صديقه ترامب بأنه أقوى حليف لإسرائيل، وقد أسعدت السياسات المتقدمة للرؤساء الجمهوريين، القاعدة اليمينية لنتانياهو.
وعن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، يعتقد سائق شاحنة إسرائيلي يدعى شموئيل نيميروفسكي أنه وعلى الرغم من أن "ترامب سيكون أفضل"، فإن بايدن "ليس لديه أي شي ضد إسرائيل".
وتمثل الدعم الأميركي لإسرائيل بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني واعتراف بالقدس عاصمة "موحدة" لإسرائيل، ثم نقل سفارة الولايات المتحدة إليها من تل أبيب في أيار/مايو 2018.
وأيد ترامب أيضا، السيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان التي استولت عليها من سوريا وقال إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، لا تتعارض مع القانون الدولي.
وكشف استطلاع للرأي نفذه معهد الديموقراطية الإسرائيلية قبل الانتخابات الأميركية، أن 63 في المئة من الإسرائيليين كانت لديهم الرغبة بفوز ترامب بولاية رئاسية ثانية، مقابل 17 أو 18 بالمئة يفضلون بايدن.
لكن من المتوقع أن يتراجع بايدن عن الكثير من قرارات ترامب.
وأكد الرئيس المنتخب الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل قبل عقدين، كما أيد مشروع قانون لمجلس الشيوخ عام 1995 يقضي بإنشاء سفارة أميركية في القدس بحلول عام 1999.
وقالت حملة بايدن 2020، إنه لن يتراجع عن نقل ترامب للسفارة، لكنه سيعيد فتح القنصلية في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل "للتواصل مع الفلسطينيين".
وفي الوقت نفسه، عارض بايدن البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، متماشيا مع الإجماع الدولي الذي يعتبرها مخالفة للقانون الدولي.
ومع ذلك، توصف علاقات بايدن بإسرائيل بأنها عميقة وتتماشى مع سياسة أسلافه. فهو مؤيد للدولة العبرية، وزارها في العام 1973، بعد أشهر فقط من انتخابه ولأول مرة في مجلس الشيوخ الأميركي.
وأكد في خطاب في 2015 عندما كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، التزام الولايات المتحدة "بالوعد المقدس بحماية وطن الشعب اليهودي".
وفي 2012 وخلال مناظرة لمنصب نائب الرئيس، أكد بايدن ردا على انتقادات خصمه الجمهوري بول راين حول معاملة إدارة أوباما لإسرائيل، أنه ونتانياهو "صديقان منذ 39 عاما".
بالنسبة للفلسطيني محمد براهمة (52 عاما)، فإن أي رئيس أميركي "سيتبع سياسة محددة ولن يتجاوز الخطوط الحمر التي تتعلق بأمن إسرائيل وتفوقها في المنطقة". وقال "كفلسطينيين، لن يتغير علينا شيء".
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية إيتان جلبوع، إن المسؤولين الإسرائيليين قلقون من تأثير منتقدي إسرائيل في الحزب الديموقراطي على إدارة بايدن.
ووصف السناتور عن ولاية فرمونت بيرني ساندرز المرشح لمنصب وزاري محتمل ، نتنياهو بأنه "عنصري رجعي".
كذلك، اتهمت إسرائيل النائبتين الديموقراطيتين، رشيدة طليب وإلهان عمر، بدعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل بسبب معاملتها للفلسطينيين.
وقال جلبوع إن "الفرع التقدمي الراديكالي للحزب الديمقراطي" هو "معاد لإسرائيل" ويزداد قوة. وقال "لا نعرف حتى الآن مدى تأثيرهم على صنع السياسة".
دفعت السياسات الأميركية المؤيدة لإسرائيل، الفلسطينيين إلى قطع العلاقات مع واشنطن.
وجمدت القيادة الفلسطينية الاتصالات الدبلوماسية بالبيت الأبيض جراء اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وأغلقت الإدارة الأميركية السابقة، القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، و"المفوضية العام ة لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن". وقطعت مساعداتها عن الفلسطينيين، كما أوقفت مساهمة واشنطن في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وتعهد بايدن بأنه "سيعيد المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني".
وانتقدت القيادة الفلسطينية خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط ورفضوها بشكل قاطع.
وتضمنت الخطة ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح في ضواحي القدس الشرقية التي ينظر إليها الفلسطينيون على أنها عاصمة دولتهم المستقبلية.
بدوره، دعا رئيس حركة حماس الحاكمة في قطاع غزة إسماعيل هنية، بايدن السبت إلى "تصحيح" سياسات ترامب الجائرة ".
ويتفق الخبراء على أنه من غير المرجح أن تتصدر دفعة السلام في الشرق الأوسط جدول أعمال بايدن الفوري، لكن إدارته ستسعى إلى استعادة دور أمريكا التقليدي كوسيط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
انسحب ترامب بشكل أحادي من الاتفاق النووي الذي وقعته طهران والقوى العالمية في 2015، لكن نتانياهو كان يعارضه.
يقول السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن مايكل أورين، إن احتمال إحياء إدارة بايدن للاتفاق النووي الإيراني "مرتفع للغاية"، وأنه سيوسع الخلاف بين الإدارة الأميركية الجديدة وإسرائيل.
وفي الوقت الذي ترى إسرائيل أن امتلاك إيران للأسلحة النووية يمثل تهديدا لها، تؤكد طهران أنه مخصص للأغراض المدنية فقط.
من جهة أخرى، يرى جلبوع أن إحياء الاتفاق الإيراني قد يؤثر على اتفاقيات تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية والتي أبرمت برعاية أميركية. ويقول "سيقول الإيرانيون لا يمكنك التفاوض معنا، والمساعدة على توسيع التحالف ضدنا في الوقت نفسه".
وكانت إسرائيل قد وقعت منتصف أيلول/سبتمبر، اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع كل من الإمارات والبحرين.
ويشير خبراء إلى أن اتفاقيات التطبيع كانت مدفوعة جزئيا بالرغبة المشتركة بين دول الخليج وإسرائيل، في تقويض إيران ذات الأغلبية الشيعية ونفوذها.