قضت محكمة هولندية، أول أمس الثلاثاء، بالسجن المؤبد، لأخطر تاجر مخدرات في هولندا، بعد إدانته بسلسلة جرائم قتل ارتكبت، بين عامي 2015 و2017، بنتيجة محاكمة حظيت بمتابعة واسعة.
ويعتبر رضوان تاغي (46 عاما)، الذي و لد في المغرب، ونشأ في هولندا، العقل المدبر لعصابة مخدرات ملقبة بـ"Mocro Maffia"، وهي منظمة وصفتها النيابة العامة بأنها "آلة قتل عالية الفعالية".
وصدر الحكم بعد ست سنوات تقريبا من بدء هذه المحاكمة، التي جرت وسط إجراءات أمنية مشددة؛ حيث انتشر الجيش في محيط المحكمة لتوفير الأمن، فيما توجه المدعون والقضاة إلى المكان في سيارات مصفحة بطريقة سرية. كما أجرى عناصر مدججون بالسلاح في قوى الأمن دوريات أمام المحكمة في ضواحي أمستردام، أول أمس الثلاثاء.
ونظرا لحجمها، تعتبر المحاكمة التي تسمى "مارينغو"، غير مسبوقة في هولندا، بحسب مراقبين. حتى أن منصة هولندية للبث التدفقي أنتجت مسلسلا حمل اسم العصابة.
وقال القاضي: "أصدرنا حكما بإدانة جميع المشتبه بهم. وحكمنا على رضوان تاغي بالسجن مدى الحياة".
وكان الرجال السبعة عشر يحاكمون بتهمة القتل العمد، والضلوع في أربع محاولات قتل، والتخطيط لعمليات إعدام أخرى. وحكم عليهم جميعا بفترات سجن يخصم منها الوقت الذي أمضوه في الحبس الاحتياطي.
بالإضافة إلى تاغي، حكم، أيضا، على متهمين آخرين بالسجن مدى الحياة، وهما ماريو ر. وسعيد ر.
وقال القاضي مخاطبا المتهمين: "اضطررتم للانتظار طويلا لمعرفة الحكم بحقكم، ولكن هذا ينطبق أيضا على أقارب الضحايا".
وقتل ثلاثة أشخاص مرتبطين بشاهد الادعاء نبيل ب.، وهو عضو سابق في العصابة، أثناء المحاكمة؛ هم شقيقه، في عام 2018، ومحاميه ديرك فيرسوم، في عام 2019، والصحفي بيتر رودولف دي فريس، الذي كان معروفا بأنه كاتم أسراره، في عام 2021.
وأضاف القاضي: "كل هذا ألقى بظلاله إلى حد كبير على هذه المحاكمة".
لكن جرائم القتل هذه تخضع لإجراءات قانونية منفصلة. ويتعلق حكم الثلاثاء بجرائم مرتكبة، بين عامي 2015 و2017، استهدفت في المقام الأول أفرادا كانت العصابة تشتبه في أنهم مخبرون للشرطة.
واعتبر الادعاء أن جريمة قتل رجل يدعى حكيم شنغاشي في أوتريخت، عام 2017، وقعت عن طريق الخطأ. وبعد ذلك بوقت قصير، ذهب نبيل ب. إلى الشرطة ووافق على أن يصبح شاهد إثبات، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات.
وقبض على رضوان تاغي، في دبي، عام 2019، وأودع في سجن هولندي شديد الحراسة. ورغم ذلك، استمر في قيادة عصابته من خلال نقل رسائل إلى شركائه في الخارج، بحسب النيابة.
ويعتبر تاغي العقل المدبر لمنظمة دولية للجريمة المنظمة، تعود جذورها جزئيا إلى دول منطقة بينيلوكس (هولندا وبلجيكا ولوكسمبرغ)، ويطلق عليها اسم "Mocro Maffia"، بفعل الأصول المغربية للكثير من أعضائها.
ويشير المصطلح، في الواقع، إلى مجموعة إجرامية تعتبر من أكبر موزعي الكوكايين في هولندا.
ووفقا للمحكمة، فإن تاغي، الذي نفى دائما الاتهامات، كان "الزعيم بلا منازع" للمنظمة الإجرامية، واستخدم "العنف الشديد لتخويف الناس".
ولم يدل أي من المشتبه بهم بأي تصريح خلال المحاكمة التي شهدت تباطؤا، بسبب انعطافات كثيرة في مسارها.
وألقي القبض على محامية تاغي، إينيز ويسكي، في أبريل 2023، للاشتباه في مساعدتها موكلها على التواصل مع العالم الخارجي.
واستقال محامون جدد قائلين إنهم لم يمنحوا الوقت الكافي للاستعداد للمهمة، ليقرر تاغي تولي مهمة الدفاع عن نفسه.
ويتكون ملف الادعاء من أكثر من 800 صفحة، تتضمن أدلة قدمها نبيل ب. ومحادثات من هواتف مشفرة.
وقال القاضي: "عندما نقرأ الرسائل الموجودة في الملف، نجد أنفسنا في عالم لا قيمة فيه لحياة الإنسان".
ولاحظت المحكمة، أيضا، أن أيا من أقارب الضحايا لم يجرؤ على الإدلاء بشهادته حول المعاناة التي تعرضوا لها.