تستأنف خلال عطلة نهاية الأسبوع في القاهرة المباحثات سعيا للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس في غزة، مع تأكيد الحركة الفلسطينية تمسكها بمطالبها لوقف الحرب في القطاع المدمر والمهدد بالمجاعة، والتي تدخل الأحد شهرها السابع.
ويتوقع أن يصل مسؤولون من الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى العاصمة المصرية، لاستكمال البحث في اتفاق يتيح وقف الحرب على غزة لإدخال مزيد من المساعدات، والإفراج عن رهائن إسرائيليين في القطاع، مقابل أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ومع تصاعد حصيلة الشهداء والأزمة الانسانية وخطر المجاعة في القطاع الذي يقطنه 2,4 مليون نسمة، شددت واشنطن الداعمة لإسرائيل من لهجتها حيال إسرائيل هذا الأسبوع.
وأبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بضرورة حماية المدنيين والتوصل الى "وقف فوري لإطلاق النار" يتيح الإفراج عن الرهائن في القطاع.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لوكالة "فرانس برس"، مساء أمس الجمعة، إن بايدن "كتب اليوم للرئيس المصري وأمير قطر بشأن وضع المحادثات وحضهما على الحصول على التزامات من (حماس) بالموافقة على اتفاق والالتزام به".
وشدد على أن "وقف إطلاق النار كان ليتحقق في غزة فيما لو وافقت (حماس) ببساطة على الإفراج عن الفئة الأكثر ضعفا من الرهائن: المرضى والمصابون والمسنون والشابات".
وأفادت وسائل إعلام أمريكية بأن مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" وليام بيرنز سيتوجه إلى القاهرة حيث سيلتقي رئيس "الموساد" ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل.
كما أعلنت "حماس" في بيان أن وفدا برئاسة القيادي خليل الحية "سيتوجه غدا الأحد إلى القاهرة استجابة لدعوة الأشقاء في مصر".
وذكرت الحركة بأن مطالبها لتحقيق الهدنة "تتمثل بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وعودة النازحين الى أماكن سكناهم وحرية حركة الناس وإغاثتهم وإيوائهم، وصفقة تبادل أسرى جادة".
وأكدت أن هذه "مطالب طبيعية لإنهاء العدوان، ولا تنازل عنها".
وتشهد المحادثات تعثرا منذ أسابيع، وسط تبادل اتهامات بين "حماس" وإسرائيل "بالمراوغة" و"التشدد".
وسبق للطرفين أن توصلا إلى هدنة لمدة أسبوع أواخر تشرين نونبر، أتاح الإفراج عن أكثر من مئة رهينة وإطلاق سراح 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت، في بيان أنه "استعاد خلال الليل جثة رهينة في خان يونس بجنوب قطاع غزة:.
وأفاد جيش الاحتلال بأن إلعاد كتسير الذي كان عمره 47 عاما عند أسره من كيبوتس نير عوز خلال عملية "حماس"، "قتل بحسب معلومات بأيدي منظمة الجهاد الإسلامي".
وأطلق سراح والدته هانا التي كانت معه، في 24 نونبر خلال الهدنة، بينما قتل والده أفرام خلال الهجوم على الكيبوتس، وفق جيش الاجتلال.
وأكد أن "مهمتنا تحديد مكان الرهائن وإعادتهم إلى الديار".
ووجهت شقيقة كتسير انتقادات إلى المسؤولين الإسرائيليين، معتبرة أن إبرام اتفاق هدنة مع "حماس" كان ليتيح عودة شقيقها على قيد الحياة.
وكتبت كارميت بالتي كتسير عبر "فيسبوك": "قيادتنا جبانة وتدفعها الاعتبارات السياسية، ولذلك لم يتم التوصل إلى هذه الصفقة"، مضيفة "رئيس الوزراء، حكومة الحرب، وأعضاء الائتلاف: أنظروا الى أنفسكم في المرآة وقولوا إن أيديكم غير ملطخة بالدماء".
ويتواصل القصف والعمليات العسكرية بلا هوادة في أنحاء مختلفة من القطاع.
وأفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت عن "عمليات دقيقة ومعارك تم خلالها استهداف عناصر من المقاومة الفلسطينية في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع والتي تعرضت لدمار واسع، بعدما باتت منذ أشهر مسرحا للقصف والعمليات العسكرية.
وأفاد بيان لوزارة الصحة في غزة أنه خلال 24 ساعة وحتى صباح السبت سجل مقتل 46 شخصا جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي في أنحاء مختلفة من القطاع.
وتتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل في الأيام الأخيرة، خصوصا لجهة السماح بإدخال مزيد من المساعدات الانسانية.
وطالب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بوقف أي مبيعات أسلحة لإسرائيل، في قرار عبر عن مخاوف من وقوع إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
من جانبه، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن التدابير التي أعلنتها إسرائيل "مشتتة" وغير كافية، فيما قال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة السبت إن الحرب في غزة "خيانة للإنسانية".
وحذرت رئيسة منظمة "سايف ذا تشيلدرن" غير الحكومية في الولايات المتحدة جانتي سوريبتو خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بأن "الموجة المقبلة من الوفيات الجماعية بين الأطفال في غزة لن تأتي بسبب الرصاص والقنابل، بل بسبب الجوع وسوء التغذية".
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة "فرانس برس" إن "قضية المجاعة" في مناطق شمال القطاع "مأساة جديدة يعيشها المواطن".
وأضاف "الأطفال يموتون من الجوع، النساء الحوامل لا يستطعن الحفاظ على جنينهن، كما لا تستطيع من أنجبت توفير الحليب لرضيعها، فالمواد الأساسية غير متوفرة في قطاع غزة، وإن كانت متوفرة فهي شحيحة بشكل كبير، وما يدخل القطاع والمناطق الشمالية من إمكانيات ومعدات ومواد أساسية لا يكفي بالمطلق حاجة القطاع".
وتدخل المساعدات الخاضعة لمراقبة إسرائيلية صارمة بكميات ضئيلة جدا إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح مع مصر، كما تقوم بعض البلدان بإلقاء مساعدات جوا، غير أن ذلك لا يكفي لتلبية حاجات السكان الهائلة.
وحذرت منظمات غير حكومية دولية بأنه من المستحيل العمل بأمان في القطاع وعلقت بعضها عملياتها بعد مقتل سبعة عاملين إنسانيين في منظمة "وورلد سنترل كيتشن"، ومقرها في الولايات المتحدة، بينهم ستة أجانب، الإثنين بضربات نفذتها مسيرة إسرائيلية.
وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب سلسلة "أخطاء جسيمة"، مؤكدا أنه ظن بأنه كان يستهدف "مسلحا من (حماس)" عندما قصف ثلاث سيارات كانت موكبا للمنظمة.
وطالبت "وورلد سنترال كيتشن" بتشكيل لجنة تحقيق "مستقلة"، فيما دعت بولندا التي قضى أحد مواطنيها في الضربة بإجراء "تحقيق جنائي" بتهمة "القتل".
كما اعتبرت أستراليا السبت أن ما عرضته إسرائيل حول مقتل عاملة إنسانية أسترالية "غير كاف ".