أفاد المركز المغربي للاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، في دراسة حديثة له، بأن قرار الامتناع عن ذبح أضحية عيد الأضحى قد يؤدي إلى توفير سيولة مالية تصل إلى 20 مليار درهم، وهو ما يعادل نسبة مهمة من الإنفاق السنوي للأسر المغربية، خلال هذه المناسبة.
وسلط التقرير الذي أثار جدلا واسعا، الضوء، على التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لهذا السيناريو، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه المغرب.
ميزانية ضخمة
ووفقا للدراسة، فإن الأسر المغربية تخصص جزءا كبيرا من ميزانياتها لشراء الأضاحي؛ حيث يُقدّر إجمالي الإنفاق بحوالي 20 مليار درهم، سنويا، وهو ما يضع عبئا ماليا على العديد من الأسر، خاصة في ظل الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية والتكاليف المعيشية.
وأشارت التقديرات إلى أن متوسط سعر الأضحية يتراوح بين 1500 و5000 درهم، حسب النوع والجودة، بينما قد تصل الأسعار إلى 7000 درهم أو أكثر بالنسبة لبعض السلالات الممتازة؛ وهو المبلغ الذي يُثقل كاهل الأسر ذات الدخل المحدود، التي غالبا ما تلجأ إلى الاقتراض أو الاستدانة لتغطية كلفة الأضحية؛ مما يخلق ضغطا اقتصاديا يمتد لعدة أشهر بعد العيد.
من المستفيد ومن المتضرر؟
وسجل التقرير أن الامتناع عن ذبح الأضاحي قد يؤدي إلى تحرير جزء مهم من السيولة المالية لدى الأسر المغربية؛ مما يتيح لها توجيه هذه الأموال نحو حاجيات أخرى؛ مثل التعليم، والصحة، وتحسين ظروف العيش، أو حتى الاستثمار في مشاريع صغيرة.
لكن في المقابل، أبرز التقرير أن هذا القرار قد يُلحق خسائر اقتصادية كبيرة بقطاع تربية المواشي، الذي يعتمد، بشكل كبير، على الطلب الموسمي المرتبط بعيد الأضحى، مشيرا إلى أن هذا الموسم يُعد فرصة أساسية للفلاحين والمربين لتحقيق عائدات تعوّضهم عن تكاليف الإنتاج المرتفعة خلال السنة، بما في ذلك الأعلاف، والرعاية البيطرية، والتربية.
المخاطر
ووفقا للإحصائيات، فإن المغرب يضم أكثر من 25 مليون رأس من الأغنام، وتشكل تجارة الأضاحي مصدر دخل رئيسي لأكثر من 1.5 مليون فلاح ومربي، خاصة في المناطق القروية.
وفي حالة انخفاض الطلب بسبب الامتناع عن شراء الأضاحي، سيؤدي ذلك إلى تراجع أسعار الماشية؛ مما قد يدفع العديد من المربين إلى التخلي عن نشاطهم، وهو ما قد يؤثر، بشكل مباشر، على الأمن الغذائي الوطني، واستقرار الأسواق الفلاحية.
ما البدائل الممكنة؟
وطرح التقرير عدة توصيات للتعامل مع هذا الموضوع بطريقة متوازنة؛ حيث اقترح إطلاق برامج دعم للفلاحين والمربين لتخفيف الأثر الاقتصادي عليهم، في حال تراجع الطلب على الأضاحي، وتشجيع التضامن الاجتماعي من خلال مبادرات لمساعدة الأسر الفقيرة على اقتناء الأضاحي دون اللجوء إلى الاستدانة، بالإضافة إلى تعزيز التوعية المالية لتوجيه الأسر نحو تدبير أمثل للميزانيات العائلية، وتجنب الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الإنفاق المفرط خلال العيد، فضلا عن النظر في إمكانية بدائل رمزية؛ مثل التبرع للمحتاجين، أو دعم المشاريع التنموية، بدلا من شراء الأضاحي لمن لا يستطيع تحمل تكلفتها.