يعقد مجلس الأمن الدولي يوم غد الثلاثاء جلسة مغلقة لمناقشة الأزمة في السودان، بعد مقتل ما لا يقل عن ثلاثين شخصاً، جر اء تقارير عن فض القوات السودانية اليوم الإثنين، الاعتصام الذي يطالب بتسليم الس لطة إلى مدنيين.
وتعقد جلسة مجلس الأمن بعد طلب تقدمت به الإثنين ألمانيا وبريطانيا، وفق ما أفاد دبلوماسيون، في وقت أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استخدام قو ات الأمن السودانية القو ة المفرطة لفض الاعتصام.
وقال غوتيريش في بيان إنه "قلق" حيال تقارير تفيد أن قوات الأمن فتحت النار داخل مستشفى في الخرطوم، داعيا إلى إجراء تحقيق مستقل في الوفيات الناجمة عن أعمال العنف هذه.
من جهتها، أشارت لجنة الأطباء السودانيين المقربين من المتظاهرين إلى أن أكثر من 30 شخصا قتلوا وجرح العشرات في أعمال العنف تلك.
وصرح ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة "ما هو واضح بالنسبة إلينا، هو أن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة ضد مدنيين. هناك أناس ماتوا. هناك أشخاص أصيبوا".
وحض غوتيريش السلطات السودانية على تسهيل إجراء تحقيق مستقل في حالات الوفاة وضمان محاسبة المسؤولين.
بدورها، نددت المفو ضة العليا لحقوق الإنسان ميشيل باشليه في بيان بـ"الاستخدام الواضح للقو ة المفرطة في أماكن الاحتجاج"، داعية قو ات الأمن إلى "الوقف الفوري لهذه الهجمات".
غير أن المجلس العسكري السوداني نفى أن تكون قواته قد فرقت بعنف الاعتصام أمام مقر الجيش.
وجد د الأمين العام للأمم المتحدة دعوته إلى استئناف المفاوضات بشأن النقل السلمي للحكم إلى سلطة بقيادة مدنية.
وكانت أعداد كبيرة من عناصر قوات التدخل السريع شبه العسكرية المدججة بالسلاح قد انتشرت في الطرق الرئيسية في العاصمة السودانية.
ويتولى عناصر هذه القوات، في سيارات رباعية الدفع و ضعت عليها أسلحة رشاشة، حراسة الجسور فوق النيل. ويتنقل هؤلاء ضمن مواكب في أرجاء الخرطوم.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان "ارتفع عدد شهداء مجزرة القيادة العامة التي ارتكبها المجلس العسكري إلى أكثر من 30 شهيدا"، إضافة إلى "سقوط مئات من الجرحى والإصابات الحرجة".
وكانت حصيلة أولى تشير إلى مقتل 13 شخصا وإصابة 116 آخرين.
وأعلنت لجنة الأطباء المقر بة من المتظاهرين أن بين القتلى طفل عمره ثماني سنوات، داعية اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة "أطباء بلا حدود" إلى تقديم "مساعدة عاجلة" لإغاثة المصابين.
وبعيدا عن الانتشار الأمني الكثيف، بدت شوارع الخرطوم خالية تماما بعد ظهر الإثنين، مع حركة سير متفر قة وعدد قليل من المار ة، خصوصا مع توقف المواصلات العامة، بحسب صحافي في وكالة "فرانس برس".
وقال تجمع المهنيين السودانيين في بيان "ندعو جماهير شعبنا العظيم للخروج والتجمع صباح الغد (الثلاثاء) في كل مدن وقرى السودان، وأداء شعائر صلاة العيد وصلاة الغائب على أرواح الشهداء". وأضاف: "كما ندعو للتظاهر السلمي وتسيير المواكب في كل مكان بعد الصلاة مباشرة ، مع المواصلة في إغلاق كل الطرق الرئيسية والكباري والمنافذ بالمتاريس وشل الحياة العامة تماما بما يشمل حتى المؤسسات الحيوية".
وظلت شوارع عدة مغلقة الإثنين بسبب متاريس أقامها متظاهرون باستخدام حجارة وجذوع شجر وإطارات مشتعلة.
وأغلقت محال وصيدليات وشركات عدة في أنحاء المدينة.
وقال قادة الاحتجاجات إن موقع الاعتصام الرئيسي تم فضه. وأعلن تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير" أن "قوات الد عم السريع والجيش قامت بفض الاعتصام السلمي، ونؤكد أن منطقة القيادة الآن لا توجد بها إلا الأجساد الطاهرة"، واصفا ما تعرض له "الثو ار المعتصمون" بأنه "مجزرة دموية".
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن "القو ات الأمنية أطلقت النار داخل مستشفى أثناء مطاردة متظاهرين سلميين، مشيرة إلى تطويق مستشفى آخر ومنع المتطوعين من الوصول إليه".
وبدأ الاعتصام قرب مقر القيادة العام ة للجيش في الخرطوم في 6 أبريل للمطالبة بإسقاط الرئيس عمر البشير.
وأطاح الجيش في 11 أبريل البشير الذي حكم السودان ثلاثين عاما. وشكل الجيش مجلسا عسكريا انتقاليا يحكم منذ ذلك الوقت. لكن المعتصميني واصلون تحركهم، مطالبين بنقل السلطة إلى مدنيين.
وقرب موقع الاعتصام، قال أحد سكان منطقة شرق الخرطوم إنه شاهد قو ات في "ملابس الشرطة" يحاولون طرد متظاهرين.
وقال آخر يعيش في حي بوري إنه "سمع صوت إطلاق نار ورأى أعمدة دخان تتصاعد من منطقة الاعتصام".
لكن المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي قال لقناة "سكاي نيوز عربية" إن "المجلس العسكري لم يفض الاعتصام بالقوة". وتابع "الخيام في مكانها والشباب يتحركون بحرية".
في المقابل قال السفير البريطاني في الخرطوم عرفان صديق في تغريدة إنه سمع من منزله "إطلاق نار كثيفا ".
وتابع: "أنا قلق للغاية إزاء تقارير عن مهاجمة القوى الأمنية الاعتصام وعن وقوع إصابات... لا مبر ر لهجوم كهذا. يجب أن يتوقف هذا الآن".
بدورها، قالت السفارة الأميركية في الخرطوم إن "الهجمات التي تنفذها القوى الأمنية السودانية ضد المتظاهرين ومدنيين آخرين خطأ يجب أن يتوقف".
واعتبرت أن "المسؤولية تقع على المجلس العسكري الانتقالي. المجلس غير قادر على قيادة شعب السودان بشكل مسؤول".
وكتب تيبور نويج، مساعد وزير الخارجي ة لشؤون إفريقيا، على تويتر "لقد كان ذلك هجوما وحشيا ومنسقا قادته ميليشيا قوات الد عم السريع ويعكس أسوأ أفعال نظام البشير"، في إشارة إلى الرئيس المخلوع عمر البشير.
ودعت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي إلى استخدام "كل أشكال الضغط السلمي، بما في ذلك فرض عقوبات تستهدف الأعضاء المسؤولين في السلطات الانتقالية السودانية عن هجوم صباح اليوم العنيف ضد المحتجين أثناء نومهم".
وأعلن تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير" الإثنين "وقف كل الاتصالات السياسية مع المجلس الانقلابي ووقف التفاوض"، لأنه "لم يعد أهلا للتفاوض مع الشعب السوداني".
وعلقت المفاوضات بين المجلس العسكري والمتظاهرين في 21 ماي، بسبب عدم التوصل إلى اتفاق حول تشكيلة المجلس السيادة الذي قرروا إنشاءه.