انتشرت قوات الامن بكثافة في العاصمة الجزائرية في الجمعة الرابعة والعشرين من التظاهرات الاسبوعية الاحتجاجية في البلاد، وذلك بعد أيام على رفض الجيش طلبات "إجراءات التهدئة" تسهيلا للحوار بين السلطة وقيادة حركة الاحتجاج.
وانتشر مئات الشرطيين بالزي أو باللباس المدني في محيط مبنى البريد المركزي وسط العاصمة، ونشر آلاف في باقي العاصمة، بحسب مراسلي فرانس برس.
وتم توقيف عشرة أشخاص قرب مبنى البريد لدواع مجهولة ونقلوا بعربة الأمن.
وكما حدث في الأسابيع الماضية تم ركن العديد من عربات الامن على جانبي طرقات وسط العاصمة التي يفترض أن يسلكها المحتجون ما حد من المساحة المتروكة للمتظاهرين.
كما قطعت عربات منافذ عدة شوارع تؤدي الى وسط العاصمة.
وتجمع نحو مئة شخص مرددين هتافات ضد النظام وضد قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في البلاد منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل 2019.
كما رددوا "لا حوار مع العصابة" رفضا لمباحثات اقترحها الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح في محاولة لاخراج البلاد من المأزق السياسي والدستوري الذي تواجهه.
وكان تم الغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الرابع من تموز/يوليو بسبب عدم توفر مرشحين ما أدى الى ابقاء بن صالح على راس الدولة بعد انتهاء مدة الرئاسة المؤقتة كما حددها الدستور.
وازاء حركة الاحتجاج الذي بدا في 22 فبراير 2019 والتي تطالب قبل اي اقتراع برحيل رموز نظام بوتفليقة وبينهم قائد الجيش والرئيس المؤقت، اقترحت السلطة "حوارا" لتحديد اجراءات الانتخابات الرئاسية بهدف ضمان أن تكون منصفة واخراج الجزائر من الازمة.
وتم تشكيل هيئة وطنية للحوار لكن اتهمها عدد من الشخصيات المؤهلة لتمثيل حركة الاحتجاج، بأنها موالية للسلطة رافضين الانضمام اليها.
وقالت المتظاهرة اسماء (طالبة، 25 عاما) "هل يتصور اعضاء الهيئة انهم يمثلون مختلف توجهات حركة الاحتجاج؟ كيف يمكنهم البقاء (في الهيئة) حين يملي عسكري القواعد؟"، حسب قولها.
وبعد اسبوع من تشكيلها تواجه الهيئة احتجاجات.
غير ان ذلك لم يمنعها من أن تعلن الخميس "الشروع الفوري" في عملها رغم رفض قائد الجيش "اجراءات التهدئة" التي طالبت بها "قبل الحوار"، وكان الرئيس الجزائري تعهد بشكل حذر بها.
وبين اجراءات التهدئة تخفيف الانتشار الامني أيام التظاهر وازالة الحواجز في العاصمة ووقف القمع الامني للتظاهرات.
وعلاوة على الانتشار الامني الكبير الجمعة في العاصمة، عرقلت حواجز الطرق التي نصبت منذ الفجر بشكل كبير الوصول الى العاصمة، بحسب شهادات جمعتها فرانس برس.
وكانت السلطة أظهرت خلال الاسبوع تصميمها عدم الرضوخ لاي من شروط حركة الاحتجاج والهيئة الوطنية للحوار التي وصفها قائد الجيش بأنها "املاءات".
وفي حين طلبت حركة الاحتجاج الافراج عن المعتقلين من المتظاهرين، رفض القضاء طلب الافراج المؤقت لخضر بورقعة (86 عاما) وهو من قيادات حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي، ومتهم بالاساءة للجيش وموقوف منذ شهر.
ويعتبر محتجون بورقعة من "مساجين الرأي" ويرون ان سجنه كان بسبب نقده الشديد لقايد صالح، ويطالبون بالافراج عنه وموقوفي الاحتجاجات.
وردا على مطالب بوقف قمع وسائل الاعلام، قال وزير الاتصال الاربعاء ان على الصحافيين أن "يمضوا في اتجاه جهود المؤسسات الوطنية وأسلاك الامن في مجال الدفاع عن صورة البلاد ومصالحها".
في غضون ذلك، تساءل التاجر حسين سليماني (67 عاما) "لماذا يرفض قايد اجراءات التهدئة؟ لماذا يبقي شبانا في السجن؟ كيف يكون الحوار ممكنا في هذه الظروف؟".