يخفي هاجس ندرة المياه والسبل الكفيلة بالحفاظ على تلك المادة الحيوية، الخوض في جودتها. هذا ما ديفع البنك الدولي إلى التنبيه إلى أزمة غير مرئية، متمثلة في جودة المياه، التي تساهم في تقليص النمو الاقتصادي الممكن، في المناطق الأكثر تلوثا، وتهدد رفاهية الناس وسلامة البيئة.
تلك من بين الخلاصات التي توصل إليها تقرير البنك الدولي، الصادر في الأسبوع الماضي، والذي حمل عنوان "مجهول الجودة، أزمة المياه غير المرئية"، وهو التقرير الذي لم يغب عنه المغرب، الذي يوجد ضمن البلدان التي تلتبس مياهها بالنترات.
ووضع التقرير المغرب ضمن اقتصاديات مثل الهند واليابان ولبنان والنيجر ونيجيريا وباكستان وفيليبين والسينغال وتركيا وغزة، والتي "غالبا ما تتجاوز نسبة النترات في الماء الشروب، مستويات السلامة التقليدية، ليس فقط بسبب التركيز العالي لهذه المادة في المياه السطحية، بل بسبب كذلك تلوث المياه الجوفية".
ويشير إلى المخاطر التي يمثلها النترات على الصحة في بعض البلدان، حيث يؤثر تعرض الأطفال له في سن مبكرة له على "نمو أجسامهم وأدمغتهم، فيُضعِف صحتهم، وقدرتهم على كسب الدخل في مرحلة البلوغ.
ويضيف بأنه "يمكن أن تؤدي زيادة كمية الأسمدة النيتروجينية المُستخدمة بواقع كيلوغرام لكل هكتار وذوبانها في المياه إلى زيادة مستوى التقزُّم لدى الأطفال بنسبة تصل إلى 19 في المائة، وخفض قدرتهم على كسب الدخل في مرحلة البلوغ بما يصل إلى 2 في المائة بالمقارنة مع من لا يتعرضون للنترات".
التقرير الذي يرصد وضعية المياه في العالم، يبرز "كيف أن تكاثف عوامل البكتيريا والصرف الصحي والكيماويات والمواد البلاستيكية، يمكن أن يمتص الأوكسجين من إمدادات المياه، ويحوّل المياه إلى مادة سامة للبشر والمنظومة البيئية".
وتوصل التقرير إلى أنه "مع زيادة ملوحة المياه والتربة بسبب اشتداد نوبات الجفاف والعواصف وازدياد معدلات استخراج المياه، تتناقص الغلات الزراعية. ويفقد العالم بسبب ملوحة المياه كل عام أغذية تكفي لإطعام 170 مليون نسمة"، حسب بلاغ للبنك الدولي.
وألح على ضرورة اتخاذ تدابير من أجل تحسين جود المياه، عبر "تحسين السياسات والمعايير البيئية، والرصد الدقيق لحجم التلوث، وتبني أنظمة فعَّالة لإنفاذ القوانين، وإنشاء بنية تحتية لمعالجة المياه تدعمها حوافز للاستثمارات الخاصة، والإفصاح الدقيق الذي يمكن التعويل عليه عن المعلومات للأسر للتحفيز على مشاركة المواطنين".