تظاهر مئات آلاف الاشخاص في وسط مدينة برشلونة السبت وهم يلوحون بأعلام الاستقلال، في أحدث احتجاج جماهيري ضد أحكام السجن التي أصدرتها اسبانيا بحق تسعة زعماء انفصاليين.
وقدرت الشرطة المحلية ب 350 الف عدد المشاركين الذين احتشدوا في إحدى الجادات الواسعة بين الواجهة البحرية وكاتدرائية ساغرادا فاميليا، التي أغلقت أبوابها مرة أخرى أمام الزوار.
وعمت الاضطرابات كاتالونيا منذ صدور حكم المحكمة العليا في 14 أكتوبر بسجن قادة انفصاليين، ما أطلق موجة تظاهرات ضخمة تحولت بسرعة إلى أعمال عنف حيث ألقى المتظاهرون الغاضبون خلالها الحجارة وقنابل المولوتوف على الشرطة التي ردت بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
وبدأت الأزمة قبل عامين عندما أجرت كاتالونيا استفتاء في الأول من أكتوبر حظرته السلطات الاسبانية وتخللته أعمال عنف، قبل أن يصدر إعلان استقلال لم يدم طويلا وأدى الى أسوأ أزمة سياسية في إسبانيا منذ عقود.
ودعت لتظاهرة السبت الجمعية الوطنية الكاتالونية وأومنيوم كالتشر، وهما أكبر مجموعتين مؤيدتين للاستقلال على مستوى المنطقة وسبق أن نظمتا بعض أكبر الاحتجاجات الانفصالية في السنوات الأخيرة.
ورفع المتظاهرون في الجادة الواسعة لافتات كتب عليها "لن نستسلم"، وهم يهتفون "الأول من أكتوبر... لن نسامح... لن ننسى".
وقال مراسل فرانس برس إنه بينما كانت مروحية تابعة للشرطة تحلق في سماء المنطقة، بدأ المتظاهرون باطلاق الصافرات وصيحات الاستهجان المرتفعة.
وقال مارك فني الكمبيوتر البالغ من العمر 26 عاما الذي رفض اعطاء اسمه الكامل "أشعر بالغضب حقا"، واصفا الأحكام المشددة التي صدرت بحق تسعة قادة انفصاليين بأنها "تتجاوز الحدود ولاانسانية ومخزية".
وأضاف "لا اؤيد العنف ولكن من الطبيعي أن يكون هناك بعض الاضطرابات كما رأينا في تشيلي والإكوادور"، في اشارة الى موجة من الاحتجاجات الجماهيرية في أميركا اللاتينية.
وأكد "هناك طرق مختلفة للاحتجاج، ولكن نحن لدينا هدف واحد: الاستقلال".
وستكون المظاهرة الثانية التي دعت إليها جماعة "لجنة الدفاع عن الجمهورية" المتطرفة في الساعة 7,30 مساء (17,30 ت غ)، ما يثير مخاوف من احتمال وقوع اشتباكات جديدة مع الشرطة.
ويبقى الكاتالونيون على انقسامهم الحاد حول مسألة الانفصال عن إسبانيا، حيث أظهر استطلاع رأي أجري في سبتمبر الماضي أن 44 بالمئة يؤيدون هذه الخطوة مقابل 48,3 بالمئة، وأدى الغضب من أحكام سجن الانفصاليين الى تعميق هذا الانقسام.
وتراجعت أعمال العنف الأسبوع الماضي على الرغم من استمرار الاحتجاجات، حيث سار الآلاف من الطلاب وهم يلوحون بالأعلام في مسيرة سلمية في شوارع برشلونة الجمعة.
وجرح أكثر من 600 شخص في الاحتجاجات حتى الآن بينهم 367 مدنيا، وفق وزارة الصحة الكاتالونية. وأظهرت الأرقام الحكومية أن 289 شرطيا أصيبوا.
احتجاجات مضادة
وتظاهر السبت الآلاف في مدريد دفاعا عن وحدة إسبانيا بدعوة من حزب "فوكس" اليميني المتطرف الذي يتخذ موقفا متشددا من حركة الانفصال الكاتالونية ويطالب بحظر جميع الأحزاب الإقليمية المؤيدة للاستقلال.
وعلى الرغم من أن هذا الحزب لم يدخل البرلمان الاسباني إلا في أبريل، ترج ح استطلاعات الرأي أن يصبح ثالث أكبر حزب في الانتخابات المقبلة.
والأحد سيقوم نشطاء من حركة "المجتمع المدني الكاتالوني" بتنظيم تظاهرة مضادة من قبل هؤلاء الذين يطالبون بأن تبقى المنطقة جزءا من إسبانيا.
وقال رئيس الحركة فرناندو سانشيز كوستا لفرانس برس "هؤلاء الذين يعارضون الاستقلال هم غالبية، وهذه رسالة هامة لكاتالونيا ولإسبانيا والعالم، حيث غالبا ما ترتبط الانفصالية بكاتالونيا".
وقال "من المهم أن نعود ونقول، هذا ما يكفي من العنف والمواجهة" ، محذرا من أن الاضطرابات تسبب الكثير من الضرر للمجتمع الكاتالوني.
وحتى الآن أدارت حكومة بيدرو سانشيز الاشتراكية ظهرها لدعوات الحوار المتكررة التي أطلقها رئيس اقليم كاتالونيا كويم تورا، الذي يريد ضمان موافقة مدريد على إجراء استفتاء على الاستقلال.
وقالت كارمن كالفو نائبة سانشيز للصحافيين السبت "ما لن نتحدث عنه هو الحق في تقرير المصير".
واضافت "إذا كان الهدف، كما يقول الرئيس تورا كل يوم، هو تفكيك الوحدة الإقليمية لإسبانيا وفصل كاتالونيا عن إسبانيا، فنحن ببساطة لا يمكننا التحدث".