نزل متظاهرون من "السترات الصفراء" إلى الشوارع مجددا في فرنسا السبت على أمل استعادة زخم حراكهم الاجتماعي غير المسبوق بعد عام من انطلاقه، لكن التحركات شهدت عودة للعنف في بعض أحياء باريس وفي مدن فرنسية أخرى.
وشهدت احتجاجات السبت أعمال تخريب وإحراق لحاويات نفايات ورمي حجارة على الشرطة التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وفي جنوب العاصمة، تحولت ساحة إيطاليا إلى ميدان مواجهات متقطعة وضاقت اجواؤها بالغاز المسيل للدموع، وفق صحافيين في وكالة فرانس برس شاهدوا العديد من المتظاهرين المصابين بجروح مع منع لعناصر الإطفاء من التدخل.
وبقي الوضع مضطربا لمدة ساعتين في فترة بعد الظهر، فيما تدخلت الشرطة أكثر من مرة لتفريق مجموعات صغيرة من المخربين، متصدية لهم ومطلقة الغاز المسيل للدموع ومستخدمة خراطيم المياه أكثر من مرة.
"ونظرا لأعمال العنف والتجاوزات"، منعت الشرطة تظاهرة للسترات الصفراء كانت مقررة عند الساعة 14,00 (13,00 ت غ) في الساحة.
وقال مدير شرطة باريس إن من كانوا في الساحة "ليسوا أفرادا يدافعون عن قضية بل أشخاص يعمدون الى التخريب" والقيام "باعتداءات ممنهجة ضد قوات الأمن وعناصر الإطفاء".
وعاد الهدوء بعد الظهر إلى ساحة إيطاليا التي أخلتها الشرطة.
وعند الساعة 19,00 (18,00 ت غ)، أعلنت الشرطة توقيف 129 شخصا في باريس. وبحسب النيابة العامة في باريس وضع 78 شخصا رهن الحجز الاحتياطي.
وتوتر الوضع كذلك في ساحة الباستيل حيث أوقفت الشرطة مسيرة كان مصرحا بها في وقت سابق اتجهت من شمال غرب باريس، كما شاهدت صحافية في وكالة فرانس برس.
ومع بداية المساء، نزلت مجموعات صغيرة من المتظاهرين إلى محيط الوسط التجاري في باريس الذي يقصده العديد من الناس في مثل هذا الوقت.
واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وقامت بتوقيف عدد من الأشخاص.
وبقيت جادة الشانزيليزيه التي أغلقت مداخلها ومنع التظاهر فيها بمنأى من العنف.
وتريد السترات الصفراء التي جمعت قبل عام 300 ألف شخص، من "الفصل الـ53" لتحركها إعادة الحياة إليه، وخصوصا انه لم يجمع في الأشهر الأخيرة سوى بضعة آلاف.
وشهدت مناطق فرنسية أخرى كذلك أعمال عنف.
وعمدت قوات الأمن الى إطلاق الغاز المسيل للدموع في ليون (وسط-شرق)، حيث نجح نحو ألف متظاهر بالوصول إلى وسط المدينة الذي كان ممنوعا عليهم التظاهر فيه.
وفي نانت (غرب) اندلعت مواجهات بين قوات الأمن ونحو ألف متظاهر، وكذلك في بوردو (جنوب غرب) التي جمعت 1800 شخص، وفي تولوز (جنوب غرب) التي جمعت المئات.
وفي مونبيلييه (جنوب)، تعرض مقر نائب في حزب الجمهورية إلى الأمام الحاكم إلى التخريب.
وفي الجنوب الشرقي وفي الشرق في النورماندي وبروتاني، احتل ناشطون من "السترات الصفراء" مستديرات، ووزعوا مناشير على العابرين بدون أي توتر يذكر.
وأطلقت العديد من دعوات التظاهر خلال عطلة نهاية الاسبوع في كافة أنحاء فرنسا بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للحراك الذي اندلع بالأساس احتجاجا على ضريبة على المحروقات، قبل أن يتحول لحراك اجتماعي واسع هز ولاية إيمانويل ماكرون.
وفي اليوم نفسه في باريس، قطع متظاهرون جادة الشانزيليزيه التي أصبحت في ما بعد ملتقى لتظاهرات أيام السبت، إلى أن حظرتها السلطات في منتصف آذار/مارس بعدما شهد أحد أيام الاحتجاجات تلك أعمال تخريب في الجادة المحاطة بمتاجر فاخرة.
وبعدما قدمت الحكومة تنازلات مثل صرف مكافآت ورفع الضرائب عن ساعات العمل الإضافية ونظمت حوارا وطنيا واسعا ، تراجع زخم حراك "السترات الصفراء" تدريجيا حتى الربيع ولم يعد يجمع سوى بضعة آلاف.
واورد مارتان العاطل عن العمل والقادم من سوريسن (غرب العاصمة)، أن ما يذكره من العام المنصرم للاحتجاجات "الأشخاص الرائعون الذين التقيتهم، والقمع الشديد الذي تعرضنا له"، مؤكدا عزمه على الاستمرار في التظاهر.
ولا يزال لدى المتظاهرين العديد من المطالب، مثل خفض الضريبة على المواد الأولية الضرورية، فرض ضريبة على رأس المال، وإجراء "استفتاء مبادرة شعبية".