أرباب المطاعم والمقاهي يستنجدون.. صغار القطاع على حافة الافلاس ويشتكون من الأبناك

أحمد مدياني

من بين القطاعات الأكثر تضرراً من الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمحاصرة تفشي فيروس "كورونا" بالمغرب، أصحاب المطاعم والمقاهي، خاصة منهم الذين يملكون محلات كان تدبر قوت من يملكها ومن يعمل فيها باليوم والذي يليه.

هذا الوضع دفع "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب"، لدق ناقوس خطر افلاس الآلاف من أرباب هذه المحلات، وانقطاع رزق من كانوا يعملون عندهم، خاصة وأن القطاع يعاني من وجود مستخدمين غير مصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك باعتراف من يسيرون القطاع.

وفي ظل استمرار تعليق الأنشطة التجارية للمطاعم والمقاهي وتقديم خدماتها، بسبب حالة الطوارئ الصحية المفروضة منذ منتصف شهر مارس الجاري، أرسلت "الجمعية" مذكرة إلى رئيس الحكومة وعدد من المؤسسات للتدخل العاجل من أجل انقاذ القطاع. مذكرة تحمل مجموعة من المقترحات، وتتعلق أساساً بواجبات الكراء والضرائب المفروضة على أرباب المطاعم والمقاهي. وتلت المذكرة التي بعثها أرباب المقاهي والمطاعم، مراسلة بعثوها يوم السبت 11 أبريل الجاري إلى وزارة الاقتصاد والمالية ولجنة اليقظة الاقتصادية، يتشكون فيها من "رفض البنوك منحهم قروضاً من أجل مواجهة تدعايات الأزمة".

مذكرة "الجمعية" وكل مراسلاتها، حسب رئيسها نور الدين حراق، يجب أن يسبقها تعهد من الدولة بعدم "معاقبة من يرغبون في تصحيح أوضاعهم". لكن كيف؟ وهل استجابت  الحكومة لمقترحاتهم. "تيلكيل عربي" يعرض آخر تطورات الملف.

حافة الإفلاس

يوم 31 مارس الماضي، بعثت "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب" مذكرة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.  وحسب المذكرة التي يتوفر "تيلكيل عربي" على نسخة منها، فإن الجمعية تطالب بـ"إعداد خطة آنية لإنقاذ المهنيين وتسريع وثيرة دعم أجراء القطاع".

نور الدين حراق رئيس "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب"، أوضح في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أنهم "ينتظرون الاستجابة الفعلية للحكومة بعد المذكرة التي أرسلوها لرئيسها، كما توصلت به مجموعة من الهيئات والمؤسسات، من بينها جامعة الغرف المهنية ".

وأضاف المتحدث ذاته: "القطاع على حافة الإفلاس. هناك تباينات كبيرة بين المهنيين في القطاع، الآلاف من المقاهي والمطاعم "على قد الحال"، وهناك أرباب محلات لا يستطيعون اليوم توفير حتى قوت عيش عائلاتهم".

وتابع رئيس "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب"، أن "وضعية جل المهنيين المغاربة أصبحت مقلقة، وتسوء يوما بعد يوم، وهو ما جعلنا نراسل رئيس الحكومة، للتدخل من أجل إعداد خطة إنقاذ آنية تخفف قليلا من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي نتجت عن تعطيل مورد عيش أرباب المطاعم والمقاهي، و نتوخي منها ان يحظى المهنيون بالإهتمام".

في السياق ذاته، علم "تيلكيل عربي" من مصادر موثوقة، أن وزيرة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي نادية فتاح العلوي، تواصلت مع أرباب المقاهي والمطاعم، ونلقت لهم أن "الحكومة توصلت بكل مقترحاتهم"، وأن "لجنة اليقظة الاقتصادية سوف تناقش ملفهم من كل الجوانب يوم الثلاثاء القادم (14 أبريل الجاري)".

قرار فجائي!

وفي إنتظار وما سوف تفرزه نقاشات لجنة اليقظة الاقتصادية، خلال اجتماعها القادم بخصوص هذا الملف، صرح نور الدين حراق، أن ما "ضاعف أزمة أرباب المقاهي والمطاعم، هو فجائية قرار الإغلاق الذي اتخذته الحكومة يوم 16 مارس 2020، ما حال دون اتخاذ المهنيين للاحتياطات الضرورية ودون تأمين النفقات الأساسية التي يفرضها الحجر الصحي، مع الأخذ بالاعتبار كذلك احتمال استمرار إغلاق المقاهي والمطاعم حتى بعد الحجر الصحي درءا لاحتمالية نقل وعودة انتشار الوباء".

أمام هذا الوضع، يضيف المتحدث ذاته، هناك "الثقل والتعدد الضريبي والمراجعات الجبائية المهولة التي أقدمت عليها جل مجالس المدن في السنتين الأخيرتين، ما حال دون تحقيق الفائض في القطاع، بل أدخلت جل المهنيين في دوامة الاقتراض لأداء ما تم إثقالهم به من مراجعات، وانعكست حتى على الوضعية القانونية للأجراء".

وأوضح حراك، أن "الجمعية" في المذكرة التي بعثتها لرئيس الحكومة، دعت إلى الأخذ بعين الاعتبار الوضعية القانونية التي توجد عليها المقاهي والمطاعم والتي تتوزع على الشكل التالي:

* مقاهي ومطاعم ملك خاص لشركات خاصة أو لأشخاص ذاتيين ذات تسيير ذاتي،

* مقاهي ومطاعم بعقود كراء لشركات أو لأشخاص ذاتيين مقابل سومة كرائية شهرية،

* مقاهي ومطاعم بعقود تسيير حر مقابل مبالغ مالية شهرية،

هذا الوضع القانوني هو ما جعل مشكلة الإيجار تتصدر تساؤلات  جل المهنيين المغاربة،

بالإضافة إلى تساؤلات أخرى أرقت المهنيين المتعلقة بقروض و التزامات مع الممونين وقروض السكن والتجهيزات وغيرها من الفواتير العديدة والمتعددة، يضيف المتحدث ذاته.

خطة إنقاذ

وحسب المذكرة التي وضعتها "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب" على طاولة رئيس الحكومة، فإنها تتضمن 6 مقترحات وصفت بالمستعجلة، وهي:

1 توجيه البنوك لدعم المهنيين عبر قروض استعجالية مجانية أو شبه مجانية الفوائد ، وتوفير اعتمادات مالية للمهنيين الأكثر تضررا لتغطية النفقات الضرورية خلال فترة الحجر الصحي  .

2 إيجاد حل لمسألة الإيجار حتى لا تترتب عليها تداعيات قانونية قد تكون لها كلفة اجتماعية واقتصادية كبرى،

3 إيقاف جميع التصريحات و الضرائب الوطنية والجبايات المحلية وكل عمليات التحصيل،

4 تأجيل عمليات استخلاص جميع القروض بكل أنواعها،

5 تسريع وثيرة دعم أجراء القطاع،

6 فتح قناة حوار مع أعضاء من لجنة اليقظة للبحث معهم عن سبل إنقاذ المهنيين والأجراء،

في المقابل طرح "تيلكيل عربي" على نور الدين حراق رئيس "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب"، سؤالا حول الطريقة التي يمكن من خلالها معالجة وضعية الأجراء غير المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهل هم مستعدن لتصحيح الوضع إن قبلت الدولة بذلك؟

وكان جوابه: "نريد الوصل إلى الشفافية الضريبية ولكن في الوقت ذاته نحتاج لأن تكون عادلة. مثلاً نؤدي نهاية كل شهر ماي الضريبة المهنية، وهي ملزمة للجميع، سواء حققت أرباحاً أو حصدت الخسائر ولا (خرجت الماتش تعادل) خاصك تخلص، كما أن التصريح الكامل بكتلة الأجور لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يتسبب لنا في تنزيل ضرائب كبيرة".

حراك اعترف بأن مجموعة من أرباب المقاهي والمطاعم "يعطون تصريحات كاذبة"، وبرر ذلك بأنه "يستحيل تأدية المستحقات للدولة وتأدية الأجور وتأدية الضرائب وتوفير خدمات مصاريفها باهظة. بل أكثر من ذلك، النظام الضريبي المطبق على المقاهي والمطاعم لا يأخذ بعين الاعتبار التباين بينها".

الولوج للقروض البنكية

بعد الأزمة التي تسبب فيها فيروس "كورونا"، لجأ عدد من أرباب المقاهي والمطاعم، ودائماً "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب"، لطرق أبواب البنوك من أجل الحصول على قروض، لمواجهة تداعياتها.

ملجأ يبدو أنه لم يجد تجاوباً، حسب مراسلة بعثتها الجمعية لوزارة المالية ولجنة اليقظة الاقتصادية، يوم السبت 11 أبريل الجاري، جاء فيها أنه "بناء على رفض مجموعة من البنوك لطلبات القروض المقدمة من طرف المهنيين و المتعلقة بالمنتوجات التي أحدثت لمواجهة آثار وباء كورونا، يؤسفونا أن أخبركم بإخلال عدد من البنوك بالتزاماتها المتعلقة بتوفير إمدادات مالية للمهنيين الأكثر تضررا لتغطية النفقات الضرورية التي يفرضها الحجر الصحي".

وذكرت المراسلة بـ "وضعية عشرات الآلاف من المهنيين المغاربة"، ووصفتها بأنها "أصبحت جد مقلقة بعد التعطل الكامل لمصدر عيشهم، وهو ما جعلهم يطلبون توجيه دعوة إلى البنوك لتسريع وتيرة منح قروض للمهنيين'.

ويأمل أرباب المقاهي والمطاعم من خلال مراسلتهم، أن تكون "القروض مجانية أو شبه مجانية الفوائد". على تعبيرهم.

كما طالبوا بفتح قناة حوار مع أعضاء من لجنة اليقظة وعقد لقاء استعجالي لنقاش خطة الأنقاذ التي راسلوا بشأنها رئيس الحكومة.