الأمير مولاي الحسن يمعن في مضايقة حكومة عبد الله إبراهيم(18)

تيل كيل عربي

طيلة عمرها القصير، كانت حكومة عبد الله إبراهيم مستهدفة من كل الاتجاهات، ولكن الرجل ظل صادما ويشتغل برباطة جأش.

 

"طيلة الـ16 شهرا التي ستعيشها، تعرضت حكومة عبد الله إبراهيم لحملات بالصحف ولمزايدات على عملها. كما ستعمل منظمتان تابعتان لحزب الاستقلال – 'الاتحاد المغربي للفلاحة' و'الاتحاد المغربي للتجار والصناع والحرفيين' اللتان تمثلان الجناح اليميني للاستقلال- على مهاجمة الحكومة بدون توقف لأنهما كانتا تعارضان الاختيارات التقدمية للحكومة الجديدة.

ونفس الشيء بالنسبة للحركة الشعبية التي كان على عبدالله إبراهيم أن يقبل على مضض الترخيص لها في شهر فبراير 1959.

كما أن هناك معارضة الليبراليين مثل أحمد رضا كديرة الذي أصدر صحيفة، 'Les Phares' ، فقط لمهاجمة الحكومة، وهي الهجمات التي ستتعاظم شهرا بعد آخر مع اقتراب الانتخابات لأن عبدالله إبراهيم الذي كان الجميع يريد دفعه الى الاستقالة، قاوم وظل يشتغل برباطة جأش.

ولكن الخصم الأساسي لعبدالله إبراهيم- الذي كان يجمع كل الجهات المتطرفة من تحت الطاولة في البدء، ثم في واضحة النهار- هو ولي العهد مولاي الحسن الذي شكل حكومة ظل لمضايقة الفريق الحكومي بمساعدة من الجيش والشرطة التي كان يشرف عليها خادمه لغزاوي.

كان الأمير وفريقه يسعون إلى السخرية من رئيس الحكومة بتنظيم استعراض عسكري بالدار البيضاء، بمناسبة عيد الاستقلال في 2 ماري 1959. وكانوا لا يتوانون عن انتقاد ما يسمونه " تصلبه الأيديولوجي" و"غياب حس المسؤولية لدية".

وكانوا يحاولون الإضرار بعلاقاته الجيدة مع محمد الخامس ويتحالفون مع المحافظين لتدمير كل الإجراءات التي يقدم عليها.ونجح الأمير مولاي الحسن في فرض إرادته على والده.

هكذا ستظل العديد من المشاريع الحكومية عالقة لمدة طويلة بالديوان الملكي منتظرة خاتم الملك الذي دخل في نوع من الإضراب عن التوقيع، حسب ما قاله بنبركة والفقيه البصري.

صحيح أن محمداً الخامس كان على وئام مع رئيس حكومته، الرجل المحترم واللبق، وهذا الأمر كان يثير حنق المحافظين. ولكن هذه العلاقة الطيبة لم تكن تمنع الملك من تعقيد مهمته. هكذا استقال في شهر فبراير 1959 محمد مدبوح وزير البريد لأنه، كما قال، كان المغربي الوحيد في وزارته إذا ما استثنينا الشاوشات. لكن هذه الاستقالة ستمكنه بعد 9 أشهر من تقلد منصب رئيس الحرس الملكي.

حادث مزعج آخر سيتعرض له عبدالله إبراهيم في شتنبر 1959. ويتمثل في اضطراره الى توقيع مرسوم ينص على حظر الحزب الشيوعي المغربي بعد ان إدانته من طرف القضاء بتهمة  "عقيدة متعارضة مع المصالح الوطنية".

(...) وفي شهر دجنبر 1959، جاء الحدث الأكثر إيلاما والمحمل بالتداعيات الأكثر خطورة، ويتجلى في قيام الشرطة، التي لم يكن للحكومة أي سلطة عليها باعتقال اثنين من أصدقاء الفريق الحكومي- عبدالرحمان اليوسفي والفقيه البصري- بسبب مقال نشر في جريدة "التحرير، لسان حال "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي رأى النور للتو، وكان هذا المقال يطالب بأن تكون الحكومة مسؤولة امام الشعب، وينتقد ازدواجية السلطة وتحركات قوات الأمن.