التعليم عن بعد.. نتائج حصرية لأول دراسة تقوم بها وزارة التعليم

أحمد مدياني

بعد نهاية المرحلة الأولى من إقرار التعليم عن بعد، وإعلان عطلة قصيرة امتدت لأسبوع، تناسلت الإشاعات بخصوص مصير الموسم الدراسي الجاري، ما اضطر وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، لإصدار بلاغات تنفي فيها ما يتداول حول تواريخ الإمتحانات وإلغاء بعضها وإقرار سنة بيضاء وأيضا إعلان نجاح كل التلاميذ.

رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، حسم خلال لقاء تلفزيون مع قنوات القطب العمومي وقناة "ميدي 1 تيفي" مساء الخميس 7 ماي الجاي، الجدل بنفي قاطع لنية الحكومة الإعلن عن سنة دراسية بيضاء، لكن كيف سيتم تدبير مسار استمرار الموسم الدراسي وإنهائه؟ وهل هناك مؤشرات تفيد بنجاح عملية التعليم عن بعد؟ وهل ضمنت مبدأ تكافؤ الفرص؟

التعليم عن بعد.. أي حصيلة؟ 

الجواب عن هذا السؤال، يعرضه بالتفاصيل الحصرية لـ"تيلكيل عربي" مدير المناهج في وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي فؤاد شفيقي، والذي قدم بالأرقام نتائج أول دراسة تم الإنتهاء منها، بخصوص نتائج التعليم عن بعد، همت جهة سوس – ماسة، وشملت 53 ألف و456 مستجوب، من بينهم 27 ألف و253 تلميذ وتلميذة، و16 ألف و582 أب وأم أو ولي الأمر و9621 إطار تربوي.

وأوضح مدير المناهج بالوزارة، على أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، وينتظر أن ترسل الأكاديميات الجهوية الأخرى خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر نتائج الدراسات التي قامت بها. حديث مدير المناهج لـ"تيلكيل عربي"، جاء قبل أن تعلن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، يوم أمس الأحد 10 ماي، رسمياً، عن اطلاق استطلاع للرأي يستهدف التلاميذ وأولياء الأمور والأطر التربوية، هدفه تقييم عملية التعليم عن بعد.

وتابع المتحدث ذاته، أن الدراسة التي قامت بها الأكاديمية على مستوى جهة سوس – ماسة، وإن كانت غير وطنية، لكنها تقدم مؤشرات على أن عملية التعليم عن بعد حققت "نتائجا فاقت التوقعات التي وضعت خلال التخطيط لها صبيحة يوم السبت 14 مارس، خلال أول اجتماع عقد لإصدار قرار تعليق الدراسة الحضورية".

وأضاف: طرحت على المستجوبين مجموعة من الأسلئة، أولها بالنسبة للتلاميذ هي: هل كنتم منذ 16 مارس في حالة عطلة أم تتابعون دراستكم؟، وكان جواب 94 في المائة منهم، أن التوقف عن الدراسة الحضورية ليس بعطلة.

كما طرح عليهم سؤال حول طبيعة الأنشطة التعليمية التي استفادوا منها في التعليم عن بعد، وكان جواب 54 في المائة من التلاميذ، تعلم دروس جديدة أو مراجعة دروس سابقة بالنسبة لتلاميذ المستويات الإشهادية.

وسألت الأكاديمية التلاميذ أيضاً، هل هناك من يساعدهم في منازلهم؟ وكان جواب 46 في المائة منهم بأن أساتذتهم هم من يتابعونهم ويساعدونهم في ذلك. وقال 29 في المائة منهم إن  الأم هي من تساعدهم في التعليم عن بعد. وأجاب 27 في المائة منهم أز الأب من يساعدهم. و22 في المائة لا يواكبهم أي أحد في التعليم عن بعد.

وبالنسبة للوسائل التي يستعملها التلاميذ في عملية التعليم عن بعد، أجاب 85 في المائة منهم أنهم يستعملون الهاتف الذكي، والوسائط الاجتماعية الأكثر استعمالات في هذه العملية هي "واتساب وفيسبوك ويوتوب"  بنسبة تقارب الـ70 في المائة.

كما يلجأ 68 في المائة التلاميذ المستجوبين في الدراسة، إلى الكتب المدرسية.

أما الدروس التي تبثها القنوات التلفزيونية، فحوالي 35 في المائة من التلاميذ يتابعونها، وأضاف مدير المناهج بالوزارة فؤاد شفيقي، أن القنوات التلفزية تحصد يومياً، مليون و200 ألف مشاهدة للدروس على الصعيد الوطني.

هل يستفيد التلاميذ من الخدمات التي تقدمها مختلف المنصات في عملية التعليم عن بعد؟

سؤال طرحته الدراسة، وبحسب نتائجها التي كشفها مدير المناهج لـ"تيلكيل عربي"، فإن قرابة 86 في المائة من أولياء الأمور عبروا عن استفادة متفاوتة. وبلغت نسبة الاستفادة بشكل متوسط ولا بأس به وبشكل جيد  68 في المائة. وقال 18 في المائة  من أولياء الأمور إن الاستفادة كانت بشكل قليل.

وعبر التلاميذ، حسب نتائج الدراسة، عن استفادتهم بدرجات متفاوتة  بمجموع يصل إلى 89 في المائة، وأجاب 46 في المائة منهم  أنهم استفادوا من دروس التعليم عن بعد بين المتوسط والجيد.

CDT: المجهودات كبيرة والنتائج متواضعة 

في المقابل، هناك تقييم آخر مخالف لما جاءت به الأرقام التي قدمها مدير المناهج بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي،  في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، يقدمه الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنتمية إلى الكونفدرالية الديمقراطية للشغل .

الراقي  قال إن الوزارة اتصلت بهم وبباقي النقابات الأكثر تمثيلية في القطاع، يوم 5 ماي الماضي، لاستطلاع أرائهم،  بعد شهر ونصف على تعليق الدراسة في المؤسسات العمومية، وطرحت عليهم سؤالين، وهما: "كيفية اتمام السنة الدراسية؟ وكيفية إجراء الإمتحانات؟".

وتابع المتحدث ذاته: "حسب تقدير قامت به النقابة، فإن ثلثي التلاميذ في مختلف المستويات،  كانوا خارج تغطية عملية التعليم عن بعد، خاصة في البوادي وضواحي المدن والأحياء الفقيرة ".

واعتبر المتحدث ذاته أن "الأساتذة والأطر الإدارية والمفتشين بمساهمة من الوزارة، قاموا بمجهودات كبيرة، ولكن النتائج لم تكن بالحجم المتوقع".

وأضاف: "هناك تضحيات كبيرة، ولكن المحتوى لم يصل لكل التلاميذ على قدر المساواة، لأن عددا كبيرا من الأسر معوزة، ولا يمكنها أن تستقبل محتوى التعليم عن بعد  في ظل غياب الهواتف النقالة الذكية، وانعدام صبيب الأنترنت في  مجموعة من مناطق المغرب، أو ضعفه حتى داخل المدن. 10 دراهم يومياً لشحن الهاتف بالإنترنت مكلفة جداً للعديد من الأسر. هذا واقع عنيد لا يرتفع".

وختم الراقي حديثه بالقول "الوزارة قالت إن البديل هو التلفزة، ولكن لا توجد عند جميع المغاربة أكثر من شاشة في البيت، وفي كل أسرة قد نجد أكثر من طفلين أو حتى أربعة، وهذا إكراه، بالنظر إلى استعمال الزمن المعتمد في بث الدروس من خلال القنوات التلفزية".

جمعيات أولياء التلاميذ.. حاجز الفقر

نفس الرأي يتبناه  يوسف جيملي ممثل جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمجلس الأعلى للتعليم.

وقال الجيملي في حديثه لـ"تيلكيل عربي" إن "الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، في ما يخص التعليم عن بعد، من الناحية النظرية ترقى للمستوى المطلوب، أما على مستوى تنزيلها على أرض الواقع لم تنجح كما كانت متوقعاً، أو كما يتم تسويقه، خاصة في الوسط القروي وبالنسبة للأسر المعوزة التي لا تلك الوسائل اللوجستيكية الرقمية التي تؤهل أطفالها للتعليم عن بعد".

وذكر عضو المجلس الأعلى للتعليم، بأن الأخير سبق له وأن أصدر توصية بتطبيق التمييز الإيجابي في الولوج إلى الإنترنت، وامتلاك الوسائل الرقمية للتلاميذ في الوسط القروي وتلاميذ الأسر المعوزة، قبل جائحة فيروس "كورونا" المستجد، وشدد في هذا الصدد على أن "مثل هذه الخطوات تظهر قيمتها اليوم، سبق لنا أن أوصينا بها في المجلس الأعلى للتعليم، لكن لم يكن هناك تجاوب معها، وتجاهلها الفاعلون في قطاع الاتصالات والإنترنت بالمغرب، ونحن اليوم نتابع أهميتها في إنقاذ الموسم الدراسي".

واعتبر عضو المجلس الأعلى للتعليم، أن "الأخذ بعين الاعتبار المستوى الاجتماعي للأسر هو المدخل الأول، قبل التفكير في عملية التعليم عن بعد، وهذه فرصة لإعادة النظر بشكل جذري في سياسات التعليم العمومي".

وتابع في السياق ذاته، أنه "كيف يعقل أن عائلة تسكن في غرفة واحدة، نطلب منها أن تبقى حبيسة تلك الغرفة، ونطلب منهم فوق ذلك أيضاً أن يعملوا على تلقين أبنائهم ما يتوصلون به من منصات التعليم عن بعد، وفي نفس الوقت تسخير التلفزة الوحيدة التي يتوفرون عليها طيلة اليوم لنفس السبب، أرى أن الأمر صعب جداً، ولن يلمس صعوبته سوى من عاشوا أو يعيشون نفس الظروف".

كواليس خطة الإنقاذ

"يوم الاثنين 16 مارس، أي يوم إعلان تعليق الدراسة الحضورية بجميع المؤسسات التعليمية، قامت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بجرد كل ما تتوفر عليه من وسائل وإمكانيات بشرية ولوجستيكية لإطلاق عملية التعليم عن بعد"، يقول مدير المناهج بالوزارة فؤاد شفيقي.

 إن أول مسألة بدت بديهية، يقول شفيقي، هي توفر التلاميذ على الكتاب المدرسي، خاصة وأن 4 مليون تلميذ يستفيدون بالمجان منها بداية كل موسم دراسي، والكتاب المدرسي مرافق ضروري. لكن طرح سؤال: هل 390 كتاب مدرسي مصادق عليها تساعد على التعلم الذاتي؟ وكان جوابه لا.

وتابع مدير المناهج، أن "الكتاب المدرسي بوابة التلاميذ، لكن هذه الأداة لا توفر شروط التعليم عن بعد، لأنها لم تصغ لأجلها. لذلك تم اللجوء إلى بوابة (تلميذ تيس)، والتي كانت تتوفر قبل اطلاق عملية التعليم عن بعد على 400 محتوى تعليمي رقمي، كان يستعان بها لتكوين الأساتذة المجددين، أي أنه سبق الاطلاع عليها من طرف المفتشين".

وأوضح الدكتور شفيقي، أن "الـ400 محتوى رقمي، أنتجت داخل المؤسسات التعليمية، في وقت سابق، لأنه تقريبا اليوم كل المدارس تتوفر على قاعة متعددة الوسائط، وبالنسبة للمدارس في المجال القروي كل مؤسسة تتوفر على حقيبة متعددة الوسائط. استعمال هذه الوسائل لم يكن إجبارياً، لكن هناك أطر تربوية وإدارية اجتهدوا وأنتجوا محتويات رقمية شكلت إنطلاقة عملية التعليم عن بعد. ونسجل حوالي 600 ألف زيارة لموقع (تلميذ تيس) يومياً".

بالإضافة إلى ذلك، رصدت الوزارة  كل البوابات الإلكترونية الخاصة بالتعليم عن بعد. بوابات أنشأها أساتذة لمساعدة تلامذتهم أساساً على التحضير للإمتحانات، ولكنها لم تكن خاضعة لأي تقييم من طرف الوزارة، لذلك قمنا بتنقيحها، واستعمال أجود ما تم بثه فيها.

كما قامت الوزارة، بالموازاة مع بدأ عملية التعليم عن بعد، بتقوية منصة "تلميذ تيس"، يقول الدكتور شفيقي، وجعل الولوج إلى محتواها أسهل وأكثر دقة وسلالسة. وبعد إنهاء إعادة تصميم الموقع، وتسهيل عملية الولوج إلى المستويات الدراسية، نتوفر حسب آخر إحصاء قامت به الوزارة يوم 3 ماي الجاري على 5500 مورد تعليمي رقمي.

وبخصوص بث الدروس في القنوات التلفزية، كشف مدير المناهج بالوزارة، أن الأخيرة قررت أن يكون الإنتاج بالتركيز على المستويات الأربعة الإشهادية (السادس ابتدائي والثالث إعدادي السنة الأولى والثانية باكلوريا). وذلك بوضع خطة عمل، انطلاقاً من فرضية أن التلاميذ توقفوا عن الدراسة في المؤسسات التعليمية خلال الأسبوع الـ24 من الموسم الدراسي، يعني تبقى لنا 10 أسابيع دراسية، منها 8 أسابيع دراسية حضورية.

وأوضح المتحدث ذاته، أن الوزارة قامت بإنتاج كبسولات لا تتجاوز مدتها 26 دقيقة، والحصيلة من 16 مارس إلى 3 ماي، هي إنتاج 2728 كبسولة تعليمية عن بعد، بثت عبر مختلف القنوات التلفزيونية التي انخرطت مع الوزارة في هذه العملية.

الصيغة الثالثة، التي وضعتها الوزارة، يضيف مدير المناهج، هي خلق الأقسام الافتراضية، خاصة من خلال منصة "تيمس" التي يمكن الولوج إليها مجاناً. وقال المتحدث ذاته، إن "الوزارة خلقت 725 ألف و799 قسم افتراضي".

هل كلها مفعلة؟ سؤال طرحه "تيلكيل عربي" على المسؤول في الوزارة، وكان جوابه: "أكيد لا"، قبل أن يستدرك بالقول: "ما يهم هو أنه هناك تغطية 95 في المائة من الأقسام الحضورية، وتحضير الأستاذ لهذه العملية تقنيا لم يكن سهلاً، لأنها تجربة غير مسبقة، وتبشر بأنها سوف تطور النظام التعليمي بالمغرب بعد إنجلاء الجائحة".

وبخصوص تأهيل الأساتذة لإنشاء أقسام افتراضية، ذكر مدير المناهج أن الوزارة "وجدت عند مجموعة من الأطر التربوية الرغبة في إنشائها، لكن لا يعرفون استخدام تقنياتها، لذلك نظمنا دورات تكوينية لهم، آخرها نظمت في أكاديمية جهة بني ملال - خنيفرة حضرها 600 إطار تربوي. كما أن المفتشين انخرطوا في تنظيم لقاءات تكوينية عن بعد لفائدة الأساتذة".

واقع الممارسة 

ما هو رأي الممارسين لعملية التعليم عن بعد من أسرة التعليم؟ الجواب يحمله أساتذة الفلسفة في ثانوية "الخنساء" بمدينة الدار البيضاء هادي معزوز.

وقال أستاذ الفلسفة المنخرط في دروس التعليم عن بعد، إن "الحديث عن التعليم عن بعد، يفرض الاتفاق بداية على أنه حل مرحلي جاء نتيجة الجائحة التي بات يعرفها العالم، وبما أنه ليس اختيارا وإنما ضرورة، فإن له ما له وعليه ما عليه".

وأضاف المتحدث ذاته، أنه "حسب تجربته في التعليم عن بعد منذ أولى أيام الحجر الصحي إلى يومنا هذا، فقد كان لزاما الوقوف عند العديد من النقط بإيجابياتها وسلبياتها".

وتابع تقييمه بالقول: "لازلت أتذكر أننا أنشأنا صفحة في (فيسبوك) حيث كانت الدروس تؤخذ أولا شكل فيديو مباشر، يعقبه بعدئذ إرسال الملخصات عبر تقنية (الوورد)، وبعد مرور حوالي أسبوع قمت بتقييم خاص بي، فوجدت أن نسبة التفاعل لم تتجاوز 10 في المائة. هنا أتحدث عن التفاعل الذي يقوم على التغذية الراجعة".

وصرح أستاذ الفلسفة هادي معزوز، أنه "اتصل ببعض زملائه، فكان لهم نفس الموقف، بل إن بعضهم لم يجد أي تفاعل يذكر".

في المقابل، حسب المتحدث ذاته، "تم اقتراح خطة أخرى تعتمد على شرح الدروس في (واتساب) عن طريق تقنية (الباور بوانت) والتي حققت تفاعلا مهما مقارنة بتقنية الفيديو على المستوى الأولي. ومع ذلك يمكن القول بعد مرور أكثر من شهر عن ذلك، إن للتعليم عن بعد مجموعة من المعيقات، يبقى من بينها صعوبة تحقيق التفاعلين الإيجابي والسلبي مقارنة بالدرس في القسم. أعني هنا بالتفاعل الإيجابي تحقق مطلب الفهم وبلوغ الأهداف والكفايات المسطرة، بينما يكمن التفاعل السلبي في طلب المتعلم مزيدا من الشرح لأنه لم يفهم الدرس جيدا".

وأضاف: "هناك مسألة مهمة تكمن في تقييم أداء المتعلمين على المستوى الكتابي، لأن القسم يضمن لك هامش المراقبة وأيضا قياس درجة ومستوى التعلمات، عكس التعليم عن بعد الذي يكاد يغيب فيه هذا الأمر، من ثمة فالحل يكمن في قابلية التعلم من طرف التلميذ، وأيضا مدى مراقبة الآباء لتفاعله أثناء إلقاء الدرس".

واعتبر أستاذ الفلسفة، أن "أنجع وسيلة لإنجاح الدرس عن بعد، رهينة بمساعدة الآباء لنا، خاصة ونحن نعرف تلك العلاقة المتوترة بين أغلب التلاميذ مع المدرسة خاصة الفئة المراهقة".

وقدم المتحدث ذاته، ما وصفه بالجانب الإيجابي في عملية التعليم عن بعد، وهو أنه "أفضل من تأجيل الدروس، لأنه يضمن بقاء التلميذ داخل دائرة ووتيرة التعلم، بحيث لا يقع لديه مشكل الانقطاع عن الدرس، زيادة على أنها تشعر الفئة المستهدفة بأهمية تدبير الزمن المدرسي، وأن فعل التمدرس والتعلم بصفة عامة ليس ترفا بقدر ما أنه حاجة ملحة في تكوين شخصية الفرد، بحيث يمكننا الانقطاع عن اللعب والتردد على المراكز التجارية أو ملاعب كرة القدم وما إلى غير ذلك، لكن لا يمكننا الانقطاع عن التعلم بتاتا".

وتعليقا على الملاحظات الخاصة  بقياس التزام التلاميذ بالدروس عن بعد، صرح مدير المناهج في الوزارة أنه "في التعليم عن بعد، هناك أمور نتحكم فيها، من بينها توجيه الأساتذة الذين يلقون الدروس بأن يكونوا أكثر تدقيقا في عملية تعليم التلاميذ، مع ضرورة الاستفادة بالمعينات السمعية البصرية ما أمكن، لأنها تسهل على المتلقي التعلم وتجعله يركز أكثر. لكن هناك جانب لا نتحكم فيه، وهو التزام التلميذ بالحضور اليومي للدروس عبر جميع الصيغ التي ذكرناها سابقاً، وهذا راجع بالأساس إلى التنظيم الأسري داخل البيت".

واقترح الدكتور فؤاد شفيقي أن الحل مستقبلاً، هو "تسريع إدماج المهارات الحياتية في التعليم، ومن بينها مهارة الصمود التي أصبحت تعتمد دوليا في جميع المجالات. عامل صمود التلميذ لمواصلة الدرس لا نتحكم فيه، ويمكن أن ينسحب التلميذ إذا وجد صعوبة في الفهم. لذلك أرى أنه من بين الدروس المستخلصة من هذه الجائحة، هي ضرورة تسريع إدماج المهارات التي تحدث عنها في جميع الأسلاك، كي نحضر الأجيال القادمة لتكون مسلحة بها، وتساعده على مواجهة أي تحد".

تحدي إجراء الإمتحانات

حسب مدير المناهج في وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي فؤاد شفيقي، بالنسبة "للمستويين الإعدادي والثانوي، اقتربت الوزارة من إنهاء المنهج. سوف نمر الآن إلى مرحلة المراجعة، والتي سوف تمتد لأسبوع أو أسبوع ونصف، كما سنطلق عملية التدريب على الإمتحانات، وهذه التداريب سوف تغطي السنة الدراسية من شهر شتنبر إلى شهر ماي الجاري".

الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم عبد الغني الراقي، اعتبر من وجهة نظرهم في النقابة، أن "عناصر الجواب عن إمكانية إجراء الإمتحانات مبنية على مجموعة من الثوابت التي نتشبث بها، وهي أن أبناء المغاربة يجب أن يكملوا أولا الزمن المدرسي الذي ضاع، ويقدر بشهرين إذا انتهى الحجر الصحي في 20 ماي".

وشدد القيادي النقابي، على أنه "يجب أن تستدرك الوزارة ما ضاع من الزمن المدرسي، رغم اعتماد التعليم عن بعد، وهذا لا يمكن أن يكون في شهر واحد مثلاً".

الراقي، كشف لـ"تيلكيل عربي" أنهم سوف اقترحوا على الوزارة "تمديد السنة الدراسية"، وربط هذا الاقتراح بكونهم مقتنعون بأن "التعليم عن بعد، عملية لا يمكن أن تعوض التعليم الحضوري أو تفي بالغرض، كما لا يمكن أبداً إجراء الإمتحانات عن بعد".

وتابع الراقي: "عملية وضع الإمتحانات وتحديد تواريخها، يجب أن تحسب جيداً. في جميع الأحوال هذا قرار لا تملكه النقابات أو الوزارة".

وركز القيادي النقابي في ما يخص الإمتحانات على "المستويات الإشهادية الأربعة، التي يفرض تنظيمها، لأن القفز عليها سوف يحرم التلاميذ من مبدأ تكافؤ الفرص، وسوف يضر بمصداقية الشهادات المغربية".

في الوقت ذاته، يشدد الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم على ضرورة "تحضير ظروف سليمة للتلاميذ خلال إجراء الإمتحانات"، وأضاف في هذا الصدد: "لا يمكن أن نجازف وتصبح لدينا بؤر جديدة اسمها المدارس. يجب أن نكون حرصين على أن لا تحصل كارثة، ولهذا نقترح إجراء الإمتحانات في زمن كاف. إذا كان إجراؤها في الظروف العادية يتطلب ثلاثة أيام، يجب أن تصبح 6 أيام من أجل ضمان التباعد، وأن توفر الدولة للتلاميذ الكمامات مجاناً وظروف التعقيم والنظافة أيضاً".

وختم القيادي النقابي تصريحه بالقول: "لا نستبعد إن استمر هذا الوضع بعد 20 ماي، أن هناك فرضية لإنقاذ السنة الدراسية، بأخذ حيز من الموسم الدراسي المقبل، على أن ينطلق الموسم الدراسي 2020/2021 متأخراً. يعني اقتسام الضرر على موسمين دراسيين".

ممثل جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمجلس الأعلى للتعليم يوسف جميلي، رأى من وجهة نظره بخصوص إمكانية إجراء إمتحانات نهاية الموسم الدراسي، أن "إجراءها بناء على نتائج عملية التعليم عن بعد، التي يصعب الحسم في واقعيتها، قرار سوف يحكم على جيل بإجتياز مستوى دراسي دون تملك جميع حاجياته التعليمية، خاصة بالنسبة للأقسام الإشهادية. التلاميذ في هذه المستويات سوف يعانون، وسوف يجدون صعوبات كثيرة عند الانتقال إلى المستوى التالي من مسارهم الدراسي".

عضو المجلس الأعلى للتعليم، اقترح في حديثه لـ"تيلكيل عربي" أنه "على الحكومة أن تتدارك تعويض الزمن الدراسي بعد رفع حالة الطوارئ الصحية. يمكن إلغاء العطلة الصيفية من أجل ضمان المستوى الذي يجب أن يكون عليه تلامذتنا، قبل نجاحهم في المستويات الدراسية".

وذهب المتحدث ذاته حد القول، إن "السير نحو إجراء الإمتحانات مباشرة بعد رفع الحجر الصحي، سوف يقبر جيلا بأكمله، وحتى إن كان هناك تساهل إن صح التعبير، ووضعت الإمتحانات سهلة، هذا الخيار سوف يضر أولا بمستوى التلاميذ وثانيا بقيمة وجودة الديبلومات والشهادات المحصل عليها".

واتفق مدير المناهج في وزارة فؤاد شفيقي، مع الرأي الذي يقترح منح التلاميذ وقت للاستئناس بأجواء رفع الحجر الصحي.

وختم تصريحه لـ"تيلكيل عربي" بالقول: "الأولية اليوم هي برمجة الإمتحان الموحد للسنة الثانية باكالوريا. من يعيب على الوزارة عدم الكشف عن السيناريوهات المطروحة، يجب أن يعرف أننا لا نريد إعلان الفرضيات كي لا نشوش على التلاميذ وأسرهم".