تفاصيل مثيرة من حياة بنكيران.. هكذا هزم الخطيب وهزمه الرميد

الشرقي الحرش

بدأ عبد المولى المروري، القيادي في حزب العدالة والتنمية، وعضو المكتب التنفيذي لمنتدى الكرامة لحقوق الانسان، في نشر سلسلة من المقالات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعنوان "المسار السياسي لابن كيران، محاولة في فهم التحول".

ويحاول المروري تتبع عدد من المحطات التي طبعت حياة رئيس الحكومة السابق والتعليق عليها، مقدما بذلك شهادته، باعتباره واحدا من الذين عاشوا تجربة الاندماج بين رابطة المستقبل الإسلامي وحركة الإصلاح والتجديد التي كان يقودها بنكيران، وكذا البدايات الأولى لنشأة حزب العدالة والتنمية.

شرعية النظام.. دستور96..20فبراير

وكشف المروري أن اعتراف بنكيران بشرعية النظام الملكي "جر عليه انتقادات واسعة ومعارك إعلامية وسياسية وصلت حد الاستهزاء به والسخرية منه وتخوينه.. ليس فحسب من التيارات السياسية والإسلامية الأخرى ، بل حتى من داخل الجماعة الإسلامية آنذاك". واعتبر المروري أن كل تلك الحملات الممنهجة والعشوائية والجماعية والفردية واجهها بنكيران بكل شجاعة وثبات وإقدام، دون تراجع أو تردد أو تعب أو كلل، فالرجل يعرف ما يريد ، ويعرف كيف يصل إلى ما يريد ، ولا يهتم لا للزمن ولا للضغوط ولا أي شيء" .

ويحكي المروري أن بنكيران كان له خلاف كبير مع عبد الكريم الخطيب مؤسس العدالة والتنمية حول الموقف من دستور 1996 ، حيث ارتأى ابن كيران التصويت له ب " نعم " ، مستعملا آلية الشورى التحتية مع الفيدراليات ( هي المكاتب الإقليمية خلال مرحلة اسم الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية )، هذه الفيدراليات التي عرفت اكتساح أعضاء حركة الإصلاح والتجديد بعد التحاقهم بحزب " الخطيب "، بينما الخطيب كان له رأي راديكالي من الدستور الذي - حسب رأيه - لا يستحق التصويت عليه.

ودعا إلى مقاطعته من خلال بيانه الشهير المنشور بجريدة الصحوة التي كان يديرها المصطفى الرميد ، ورئيس تحريرها المرحوم عبد الرزاق المروري. وكشف المروري أن هذه الواقعة كانت أولى الاختلافات السياسية الجوهرية بعد الوحدة بين الاصلاح والتجديد ورابطة المستقبل والتحاق جل أعضاء وقيادات حركة التوحيد والإصلاح بالحزب، مشيرا إلى ظهور تيارين: الأول تيار يمثله الخطيب والرميد والمروري وبلاجي والمشتالي وآخر يمثله ابن كيران ويتيم والمرحوم بها ورباح. ويحكي المروري أن هذا الخلاف أدى إلى ظهور بعض التقاطبات التي عانا منها الحزب لسنوات، وأخذ يتعافى منها تدريجيا حسب المناطق والأشخاص ومستوى النضج الأخلاقي والفكري والتنظيمي.

واعتبر المروري أن "هذه المحطات والهزات لم تزد ابن كيران إلا عزما وإصرارا ، رغم خفوت صوته خلال المرحلة من 1997 إلى غاية 16 ماي 2003، التي عرفت العود القوية له". وقال المروري "لقد أخلص ابن كيران لتصوره من الملكية (...) ودعا إلى الاقتراب منها والوفاء لها ومساعدتها ودعمها ( لما تمثل من رمزية دينية وتاريخية ). ورمى بكل بيضه في سلة واحدة".

وتابع "فعلا لقد نجح ابن كيران بامتياز في دمج الحركة الإسلامية في العمل السياسي القانوني والمؤسساتي، وجعل القصر يجرب التعامل مع الوافد السياسي الجديد بحذر وضبط، وكلما نجح الاعتراف المتبادل كلما ازداد ابن كيران قوة وشجاعة وإيمانا بتصوره وخطته، ولا يجد فرصة أو مناسبة قوية إلا ويحاول إيجاد مخرج ومساعدة للملكية والتذكير بمكانتها ودورها في المشهد السياسي ، كان آخرها الموقف من حركة 20 فبراير التي توجس منها ولَم يعترف بها، بل ضغط بكل قوة "وخشونة " من أجل إخراج الحزب وشبيبته وقياداته من تلك الحركة، فأسدى بذلك خدمة كبيرة للقصر"، بحسبه.

غضبات بنكيران وهزائمه داخل البيجيدي

 قصة أخرى يرويها المروري، وتكشف انزعاج بنكيران الكبير من محاولات تهميشه داخل الحزب، مشيرا في هذا الصدد إلى عدم حصوله على التزكية للترشح في الانتخابات البرلمانية لسنة 1997، الأمر الذي أغضبه واختلى بنفسه لمدة شهرين مقاطعا أشغال الأمانة العامة، قبل أن يحصل على التزكية من الحركة والحزب ويخوض غمار الانتخابات الجزئية بسلا سنة 1999، وهي الانتخابات التي فاز بها.

محطة أخرى، تحدث عنها المروري وتكشف حجم الخلافات القديمة بين بنكيران ومصطفى الرميد. ويتعلق الأمر بموقف حزب العدالة التنمية من حكومة اليوسفي بعد ظهور "الخطة الوطنية لادماج المرأة في التنمية" وكشف المروري أن الحزب انقسم في تلك المرحلة إلى رأيين كبيرين، رأي يقول بالبقاء في المساندة النقدية يتزعمه ابن كيران صحبة المرحوم بها .. ورأي يقول بالخروج إلى المعارضة يتزعمه الرميد والمرحوم الخطيب والعثماني، حيث اشتد التقاطب بين الرأيين.

ويروي المروري أنه "لهذا الغرض انعقد المجلس الوطني للحزب ببوزنيقة وطرح الموضوع للنقاش بين أعضائه، وترأس حينها المرحوم الخطيب المجلس رغم مرضه" وتايع "وليتمكن كل طرف من بسط رأيه وإقناع أعضاء المجلس الوطني بأحد الرأيين، أقيمت مناظرة عمومية بين الرميد و ابن كيران ، وأعطيت لكل واحد 20 دقيقة فقط، قبل تصويت المجلس الوطني، وكانت النتائج لفائدة الرميد والخروج إلى المعارضة .

ويعلق المروري على ذلك بالقول "قد كان نصرا معنويا للرميد الذي عانى في تلك المرحلة من العديد من المضايقات والتحرشات المخزنية، وزادت من شعبيته داخل الحزب وخارجه، ولقد كانت هزيمة نفسية كبيرة لابن كيران التي بمقتضاها وضع لدى الأمانة للحزب طلب استقالته على الفور، معترفا بفشله في عدم إقناع المجلس الوطني برأيه الأمر الذي ينسجم مع الاستقالة".

 "هذه الاستقالة التي يجب أن تعرض على أنظار المجلس الوطني ذاته في ذلك الْيَوْمَ ، وقبل ذلك بثوان تقدم المرحوم الخطيب بكلمة عاطفية مؤثرة في حق ابن كيران معربا عن أسفه من هذه الاستقالة وما آلت إليه الأمور"، مشيرا إلى أنه مباشرةً بعد نهاية كلمته، ومن أقصى القاعة إلى المنصة وبخطى متسارعة تقترب من الجري، أخذ ابن كيران الميكروفون ، وصرح بتراجعه عن الاستقالة بعد تأثره بكلمة الخطيب، وتم الاستغناء عن عرضها للتصويت أمام المجلس الوطني".