تقرير رسمي يشرح اختلالات الصحة بالقطاعين العمومي والخاص

أحمد مدياني

قدم تقرير أعدته المفتشية العامة لوزارة الصحة تشريحاً دقيقاً لمختلف الاختلالات التي يعاني منها القطاع، خاصة التي تهم المؤسسات الصحية العامة والخاصة وطريقة تدبير الأدوية.

تقرير رسمي يرصد ما يعانيه المواطنون الذين يبحثون عن الخدمات الصحية؛ سواء داخل المستشفيات أو المصحات، ويقدم ما وقف عليه أطر المفتشية من نواقص تدبيرية ومالية وإجرائية وخدماتية، فضلاً عن توصيات مستعجلة لتجاوز ما تم الوقوف عليه خلال الفترة ما بين يناير 2018 ويونيو من العام الجاري.

تقرير المفتشية العامة لوزارة الصحة تم عرضه الأربعاء، خلال اجتماع موسع مع أعضاء المفتشية العامة لوزارة الصحة، ترأسه الوزير أنس الدكالي، وخصص لتقديم حصيلة عمل هذا الجهاز الرقابي الداخلي، في ما يخص تدخلاته في مجال المراقبة والتدقيق، سواء على مستوى القطاع الصحي العمومي أو في ما يتعلق بالمؤسسات الصحية الخصوصية.

بالأرقام.. مهمات التفتيش

وحسب التقرير الذي حصل "تيل كيل عربي" على نسخة كاملة منه، أنجزت المفتشية ما مجموعه 225 مهمة تفتيش وتدقيق منها 27 مهمة تدقيق تتوزع غلى الشكل التالي:

بالنسبة للمفتشية العامة المركزية  تم انجاز:

 138 مهمة تفتيش وتدقيق همت كافة جهات المملكة، منها 10 مهمات تدقيق وافتحاص،

 44 مهمة تفتيش وتدقيق بالمؤسسات الصحية التابعة للقطاع الخاص.

وقد شملت هذه التدخلات 300 مؤسسة صحية، منها 66 مؤسسة تابعة للقطاع الخاص، وكذا مستشفيات جامعية، جهوية، إقليمية ومستشفيات القرب إضافة إلى المستشفى المتنقل ومراكز صحية.

بالنسبة للتنسيقيات الجهوية لأعمال التفتيش تم إنجاز:

112 مهمة  تفتيش وتدقيق، منها 17 مهمة تدقيق.

 وقد شملت هذه التدخلات 112 مؤسسة صحية منها 06 تابعة للقطاع الخاص.

وتجدر الاشارة إلى إعداد المفتشية العامة لـ03 تقارير الافتحاص التقني لبرنامج من أجل النتائج PPR الخاص بدعم المؤسسات الصحية بالعالم القروي الممول من طرف البنك الدولي.

شكايات المواطنين

وحسب التقرير ذاته، تم خلال الفترة التي أنجزت خلالها مهمات التفتيش والتدقيق دراسة ومعالجة 701 شكاية، أهم الملاحظات بخصوصها:

-تشكل الشكايات الواردة من طرف المرضى وذويهم نسبة 52 في المائة.

-تتصدر الشكايات المتعلقة بالخدمات الصحية وجودتها عدد الشكايات بنسبة 78 في المائة.

-كما توصلت المفتشية العامة بما مجموعه 50 شكاية تتعلق بالرشوة والابتزاز.

في سياق متصل بشكايات المواطنين ومهمات التفتيش والتدقيق، عرض تقرير المفتشية أنها قامت، في إطار التنسيق بخصوص الخطة القطاعية لمحاربة الفساد، بمتابعة وتنسيق تنزيل مضامين الخطة القطاعية لمحاربة الفساد، ومشروع يهم تحسين الاستقبال بالمرافق الصحية العمومية (مستشفى الجديدة)، بالإضافة إلى مشروع يهم اعتماد الإدارة الإلكترونية ورقمنة الخدمات الإدارية بالمؤسسات الصحية.

 كما قامت بالتحقيق في الشكايات المتعلقة بتفويت الصفقات العمومية وتنفيذها، كذا التدقيق وافتحاص الصفقات العمومية بالمؤسسات الصحية.

وأشار التقرير إلى أنه في إطار العلاقات مع هيئات الرقابة والحكامة، تم دراسة ومعالجة 51  تظلما واردا من مؤسسة الوسيط، بالإضافة إلى تأطير أجوبة وردود مسؤولي مصالح  وزارة الصحة حول الملاحظات الواردة في 36  تقريرا للمجلس الأعلى  للحسابات، وكذا دراسة وتأطير أجوبة وردود مسؤولي المؤسسات الصحية على الملاحظات الواردة في 22 تقريرا للمفتشية العامة للمالية، وأخيراً متابعة تنزيل التوصيات الواردة في تقارير هيئات الحكامة والرقابة.

اختلالات المستشفيات العمومية

وبخصوص المستشفيات العمومية، وقف تقرير المفتشية بالنسبة لمستوى نظام الحكامة والتدبير على:

-غياب مشروع المؤسسة الاستشفائي بالمؤسسات الاستشفائية (PEH)،

-غياب أو عدم استكمال وضع هيئات الدعم والتشاور والأقطاب بالمستشفيات.

وعلى مستوى الخدمات العلاجية:

-غياب نظام معلوماتي مندمج،

-نقص في خدمات استقبال وتوجيه المرضى، في تدبير المواعيد،

-نقص في بعض التخصصات كطب وانعاش المواليد الجدد، تفاوت في إنتاج الخدمات بين المؤسسات الصحية، اختلالات في تدبير الشواهد الطبية.

على مستوى تدبير الأدوية بالمستشفيات:

-اختلالات في تحديد الحاجيات، في استعمال النظام المعلوماتي الخاص بتدبير الأدوية، وفي تدبير مخزون الأدوية.

على مستوى تدبير الموارد البشرية:

-اختلالات في تطبيق نظام مراقبة التغيب، في أنظمة العمل (مدة العمل، الحراسة والالزامية) ونقص في الموارد بالبشرية.

على مستوى التدبير المالي:

-نقص في استخلاص واجبات الخدمات الطبية مع قصور في تحصيل المداخيل بالمستشفيات.

على مستوى تدبير التجهيزات والصيانة:

-نقص في مسك دفاتر جرد التجهيزات والمعدات الطبية ونقص في تتبع صيانتها.

المصحات الخاصة.. غياب احترام تعريفة العلاج

وبخصوص المؤسسات الصحية التابعة للقطاع الخاص، وقف التقرير على أنه على مستوى احترام الضوابط القانونية، سجل عدم احترام بعض المعايير التقنية بالمصحات الخاصة.

ومن بين أبرز ما وقف عليه التقرير عدم نشر تعريفة الخدمات الصحية ببعض المصحات الخاصة، وعدم احترام التعريفة المرجعية للخدمات الصحية خلال تحديد أثمنة الخدمات الصحية.

أما على المستوى المهني، وقف تقرير مفتشية الصحية على اشتغال المهنيين التابعين للقطاع العام بالمصحات الخاصة، واشتغال المهنيين بمؤسسات صحية تابعة لهيئات غير مسجلين فيها.

سوء تدبير الأدوية

وبالنسبة لتدبير نظام التموين بالأدوية، أورد التقرير وجود تعقيد مسطرة تمويل شراء الأدوية (الصندوق الخاص بالصيدلية المركزية)، وغياب نظام معلوماتي موحد ومندمج بالنسبة لتموين المؤسسات الصحية.

كما أشار التقرير إلى ضعف فعالية نظام الشراء الموحد والتوزيع للأدوية.

وسجل مفتشو وزارة الصحة أن الأخيرة تباشر حاليا مراجعة نظام التموين بالأدوية والمستلزمات الطبية لتحقيق النجاعة في شراء وتوزيع الأدوية.

مشاريع "متعثرة"

وبخصوص توسيع العرض الصحي وتدبير المعدات، رصد التقرير تأخرا في إنجاز مشاريع بناء وتهيئة المؤسسات الصحية، بالإضافة إلى ما وصفه بـ"وجود إكراهات في تدبير اقتناء التجهيزات والمعدات على الصعيد المركزي لفائدة المؤسسات الصحية".

أما على مستوى صيانة المعدات والتجهيزات الطبية، فقد ذكر التقرير عدم تفعيل النظام المعلوماتي المندمج الخاص بتدبير المعدات والتجهيزات الطبية (GMAO)، وشدد على وجود ضعف تدبير صيانة المعدات والتجهيزات الطبية ببعض المؤسسات الصحية.

ضعف في رقمنة الصحة

وفي ما يتعلق بالجانب المرتبط بالنظام المعلوماتي الصحي، وقف التقرير على تأخر في إعداد وتنزيل النظام المعلوماتي الصحي الموحد والمندمج، بالإضافة إلى ضعف فعالية النظام المعلوماتي الحالي، وتأخر في إصدار الإحصائيات الصحية، وتعدد الأنظمة المعلوماتية بالمؤسسات الصحية وغياب الانسجام بينها ( البرامج الصحية، الأدوية)، فضلاً عن قلة الموارد البشرية العاملة في مجال تدبير المعلومات على المستوى المحلي.

تدابير مستعجلة

ولتجاوز الاختلالات والنقائص التي تطرق إليها تقرير المفتشية العامة للصحة، اقترحت الأخيرة مجموعة من التدابير الاستعجالية التي يجب مباشرتها من أجل ضمان عرض صحي يتناسب مع انتظارات المغاربة.

وجاء في التقرير أنه على مستوى حكامة تدبير المؤسسات الاستشفائية، يجب الإسراع في إخراج المخططات الجهوية للعرض الصحي (SROS) على مستوى مختلف الجهات، وتنزيل مقتضيات النظام الداخلي للمستشفيات، وإعداد مشروع المؤسسة الاستشفائي، ووضع وتفعيل هيئات الدعم والتشاور المنصوص عليها في النظام الداخلي، وكذا القيام بمجهود إضافي لتحسين مداخيل المستشفيات.

وبخصوص تدبير تدبير الموارد البشرية، أوصى التقرير بضرورة تكثيف مراقبة التغيب، وضبط نظام الحراسة ونظام العمل بالمصالح الاستشفائية، مع تدعيم المستشفيات ببعض التخصصات (تقنيو المعلوميات وتقنيو المحاسبة والتدبير).

كما حمل التقرير توصية بضرورة مراجعة نظام شراء خدمات تصفية الدم، وطريق تدبير الأدوية.

وبخصوص الأدوية، دعا التقرير إلى مراجعة نظام الصيغة الحالية للشراء الموحد للأدوية والمستلزمات الطبية، مع التسريع في وضع وتعميم نظام معلوماتي للتحكم في تدبير الأدوية ومراقبة توزيعها.

وعن الجانب المرتبط بتوسيع العرض الصحي وتدبير المعدات، اقترح التقرير تفويت تدبير مشاريع البناء للمصالح ذات الاختصاص، وتفعيل نظام تتبع صيانة المعدات والتجهيزات الطبية.

كما تحدث التقرير عن التسريع في استصدار النصوص التطبيقية للقانون 13-131 بشأن ممارسة مهنة الطب، بما في ذلك القرار المتعلق بتحديد المعايير التقنية والفنية للمصحات الخاصة والمؤسسات الصحية المماثلة والتي ستسمح للمفتشية العامة بضمان القيام بمراقبتها.

وأوصى أيضاً بالعمل على إعادة تنظيم العرض الجهوي للعلاجات أخذا بعين الاعتبار معيار أقرب مؤسسة صحية للمواطنين.

وأوردت المفتشية في توصياتها، إنشاء أقطاب جهوية للتميز في التخصصات الطبية والجراحية بالمراكز الاستشفائية الجهوية لتخفيف الضغط على المستشفيات الجامعية، وأخيرا إعداد خرائطية المخاطر (cartographie des risques).