جدل واسع حول مياه الشرب بعكاشة..والنيابة العامة تنفي أي نية لـ"تسميم" الزفزافي داخل السجن

ناصر الزفزافي
تيل كيل عربي

تحولت الجلسة الثالثة للاستماع إلى المعتقل محمد جلول، أحد معتقلي حراك الريف، امام جنايات الدارالبيضاء، أول أمس الخميس، إلى جلسة محاكمة "الماء" كما قال دفاع الطرف المدني.

وكانت البداية من التماس النقيب عبد الرحيم الجامعي، منسق هيئة الدفاع عن معتقلي الحراك من المحكمة رفع الجلسة التي انطلقت بدقائق لتمكن الدفاع من التخابر مع موكله ناصر الزفزافي الذي جلب معه قارورة ماء، بها ماء متسخ، واحتج من داخل القفص الزجاجي قائلا إن المياه التي يستهلكونها داخل سجن عكاشة "ملوثة".

وسلم الزفزافي قارورة الماء لهيئة المحكمة عبر رجال أمن قاعة الجلسات حيث تقدم الجامعي بملتمسه عبر إعطاء النيابة العامة لأوامرها لعناصر الأمن للسماح له بذلك.

قارورة الماء "لتر ونصف" التي جلبها الزفزافي معه كان لونها غير صاف، والتمس من المحكمة إجراء تحليل مخبري عليها للتأكد من ثلوثها  قائلا "واش هاد الما يقدر شي مسؤول يعطيه لولادو".

  قارورة الماء أثارت تساؤولات  خاصة انها قارورة من الحجم الكبير وطرح السؤال كيف احضرها الزفزافي من داخل السجن، في حين فسر الاخير ذلك بانه صباح اليوم وجد الماء داخل زنزانته متغيرا فملأ منه القارورة وجلبها معه ليشتكي للمحكمة ما يتعرض له داخل السجن من "مضايقات ومعاملة مسيئة شأنه شأن باقي معتقلي الحراك"

المحكمة استحابت لملتمس الدفاع ورفعت الجلسة، رغم ما طرحته النيابة العامة من اعتراض حول "طلب التخابر مع المعتقل داخل الجلسة" وما يطرحه من إشكال قانوني.

دقائق تتحول إلى ازيد من ساعتين

امتد رفع الجلسة بعد استجابة رئيس هيئة الحكم من دقائق إلى أزيد من ساعتين كان فيها  الترقب والملل سيدا الموقف.

وبعدها دخلت الهيئة القضائية معلنة استئناف الجلسة، في حين حمل حكيم الوردي، ممثل النيابة العامة، معه قارورتي ماء "لتر ونصف" ووضعهما إلى جانب أوراق ملف القضية، حيث كان اول المتحدثين، النقيب الجامعي، دفاع المعتقلين، الذي قال إنه كدفاع يحس بمسؤولية كبيرة داخل الجلسة بعدما طرحه موكله الزفزافي أمامها، وأن المحكمة أيضا تحس بالمسؤولية ذاتها عندما استجابت لطلب الدفاع.

والتمس النقيب الجامعي بعد مرافعة مطولة تطرق فيها إلى قرار المعتقل "النعيمي"  الدخول في اضراب عن الطعام والشراب، وايضا "الماء الملوث" الذي أحضره الزفزافي احتجاجا على "ممارسات تمس بحقوق المعتقلين وظروفهم داخل السجن.

وناشد النقيب المعتقل النعيمي التوقف عن الاضراب، والتمس من المحكمة اجراء خبرة لدى مركز صحي عمومي أو مختبر للتاكد مما يوجد بالماء، وأيضا منح الدفاع القليل منه لاجراء تحليل عليه.

كما طالب باحالة الماء على الوكيل العام ليصدر امره باجراء بحث والتحقيق مع المؤسسة السجنية التي لها امر احتجاز المعتقلين لمعرفة إن كان خطأ شخصيا او غير ذلك.

اما المحامي لحبيب حجي، دفاع المعتقلين،  فالتمس معرفة مصدر الماء إن كان يوزع بشكل عمومي "المكتب الوطني للماء الصالح للشرب" أم بشكل خاص، واصفا قارورة ماء الزفزافي ب"القنبلة اليدوية الحقيقية".

شريطا فيديو وقنينتا ماء من دوش وغرفة الزفزافي

ممثل النيابة العامة، حكيم الوردي،  وردا على ما جاء به المعتقل الزفزافي، قال إن المحكمة غير مختصة بالنقاش حول قارورة الماء، وليس من اختصاصها ما طرح امامها، لكن مادام الأمر يتعلق بالماء فإن النيابة العامة بادرت لتبيان الحقيقة معلنا أن ماء سجن عكاشة صاف وكذا ماء غرفة المعتقل الزفزاقي صاف زلال.

وحمل الوردي قنينة ماء أحضرها معه وشرب منها امام جميع الحضور في قاعة الجلسات رقم 7.

ورغم أن ما قاله أثار ضحك المعتقلين إلا ان الوكيل العام مضى قائلا "نخبر الدفاع والمعتقلين أننا بعد رفع الجلسة ربطنا الاتصال بإدارة المؤسسة السجنية لمعرفة "من أين أتى هذا الماء!؟"، وكان الجواب واضحا فاضحا للحقيقة".

واضاف الوردي "ليست هناك ارادة لاغتيال أحد، سمعنا كلاما قاسيا لا يمكن لعاقل تصديقه وهو وجود جهات تريد اغتيال المعتقل داخل السجن"، ومضى قائلا "القول أن اوضاع المعتقلين مزرية داخل السجن فاقد للمصداقية فهم يحضرون واحيانا يهتفون ويتكلمون داخل القاعة، ولكن أن تقول كلاما واهيا وتعتبره حقيقة وتصدقه فهذا نوع من البروبكاندا"، ملتمسا من المحكمة رفض ملتمس الدفاع بمراقبة وضع السجناء داخل السجن من طرف المحكمة لأنه ليس من اختصاصها ولادأن المادتين 620  و621 من قانون المسطرة الجنائية تحدد الجهات المختصة بذلك.

كما كشف الوكيل العام عن توفر إدارة سجن عكاشة على تسجيلات تبين أن المعتقل الزفزافي خرج خاوي الوفاض من زنزانته، وأنه تعرض للتفتيش مرتين قبل حضوره للمحكمة، وأن التدقيق في التسجيلات كشف أنه لم يكن متحوزا على قنينة ماء، وأن التسجيلات اظهرت ان المعتقل المجاوي محمد كان يحمل قنينة ماء صافية لا علاقة لها بقنينة الزفزافي.

وقدم الوكيل العام للمحكمة التسجيلات وهي شريطي فيديو الاول يظهر الزفزافي قبل خروجه من السجن والثاني يظهر مدير سجن عكاشة وهو يملأ قارورتي ماء من دوش وغرفة الزفزافي بأمر من النيابة العامة تبين أن الماء صاف، والتمس من المحكمة عرض الشريطين.

وقال الوكيل العام "ليس هناك مسعى لتسميم احد داخل السجن، وسجن عين السبع"عكاشة" لايوجد فيه المعتقلون في هذا الملف وحدهم ".

وختم الوكيل العام مرافعته التعقيبية قائلا "الأمر يدعو للاسف. ففي الوقت الذي تقدم فيه المؤسسة السجنية الدليل تلو الدليل حرصا منها على الشفافية وعلى صحة المعتقلين رغم أنها تعرضت للتهجم كثيرا في هذا الملف، نجد في المقابل أن ماجاء به الزفزافي يعوزه الدليل".

وأكد الوكيل العام ان النيابة العامة ستفتح بحثا من اين جاء الماء ولماذا جاء؟ وانها ستباشر الاجراءات القانونية لاستجلاء الحقيقة وترتيب المتابعة القانونية.

وزاد قائلا "نلتمس رفض ملتمسات الدفاع ونشكر المحكمة على سعة صدرها بسماعها لنقاش ليس من اختصاصها لانه لن تجد محكمة تخصص جلسة لمناقشة قنينة ماء"