طارق والبوز يرصدان اختلالات تنزيل الدستور

الملك محمد السادس يتسلم نسخة من دستور 2011 - أرشيف
نور الدين إكجان

قدم كل من حسن طارق، أستاذ القانون الدستوري، وأحمد البوز، أستاذ العلوم السياسية، قراءتهما لتنزيل الدستور، بعد سنوات على إقراره.

قال حسن طارق، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، إن دستور سنة 2011، أراد القفز على منطق الملكية التنفيذية لكن دون الوصول إلى  ملكية برلمانية. فلأول مرة تمت دسترة المجلس الحكومي، وأصبح يملك سلطة القرار في بعض الأشياء، لكن الحسم يعود دائما إلى المجلس الوزاري برئاسة الملك. وأوضح طارق أن الدستور المغربي يقبل قراءة ثنائية، الأولى برلمانية، والثانية رئاسية وهي التي تتجلى بشكل واضح في علاقة الملك بالحكومة.

وأضاف طارق، في ندوة لتقديم دراسة حول حصيلة الدستور من 2011 إلى 2017 بكلية الحقوق بالعاصمة الرباط، أن دستور ما بعد حراك 20 فبراير، يمكن مساءلته من زوايا عدة أهمها، هل ضبطنا العملية السياسية بالدستور؟ وهل الحياة السياسية الحالية المتواجدة مؤطرة به؟ مبينا أن الفخ يكمن على مستوى الصلاحيات الاستراتيجية الموزعة على مختلف الفاعلين، فالتعيينات في المجالات الاستراتيجية تبقى في يد الملك، مع هامش تحرك صغير لدى رئيس الحكومة.

وسجل طارق، وجود صراع على مستوى الشرعيات، برز بشكل كبير بعد الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر الماضي، إثر صعود حزب العدالة والتنمية، حيث لاحظ جميع المتتبعين نقاش "الشرعية الانتخابية" و"الشرعية الدستورية"، في إعفاء وتنصيب رؤساء الحكومة.

من جهته أكد القيادي في حزب الاشتراكي الموحد، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، أحمد البوز، أن الدستور الحالي به هفوات عديدة، وهناك جنوح نحو جعل مضامينه تنتج صلاحيات قديمة، خصوصا فيما يتعلق بالفصل 19، فالمنطق القديم لا يزال حيا، أو على الأقل هناك مظاهر عدة لمحاولات بعثه، من خلال تدخل الملك في بعض اختصاصات الفاعلين الأخرين، من قبيل التعيين في المؤسسات العمومية، كما حصل في إعادة هيكلة جامعة القرويين بظهير ملكي، وتعيين كبار المسؤولين من مستشارين ملكيين ورئيس مجلس الحسابات ورئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، دون صدور سند دستوري مواز للتعيين في الجريدة الرسمية.

وانتقد البوز، أداء المحكمة الدستورية واصفا إياه بالمنبطح للتوازنات السياسية في العديد من قراراته، أبرزها تمديد ولاية 90 مستشارا رغم انتهاءها بناء على دستور 1996، فالقرار يتضح تعلقه بمحاولة تصحيح وضع سياسي عام ولا علاقة له بما ورد في الدستور، إضافة إلى لعبه دور الحارس الأمين للسلطة التنفيذية عبر تحويله لاختصاصات رئيس الحكومة في التعيينات على رأس المؤسسات الدستورية إلى الملك، بعد أن نص الدستور على توفر رئيس الحكومة على صلاحية تعيين رؤساء بعض المؤسسات بمراسيم.وفي ذات السياق، قال البوز، إن الخطب الملكية اتخذت طابعا تقريريا تنفيذيا، فأصبحت تحدد أولويات البرنامج الحكومي والرقابة والتشريع، إضافة إلى تقييم البرامج، وهو ما يطرح أسئلة حول مدى دستورية الأمر.

وختم البوز مداخلته، برصد مجموعة من الخروقات في التعاطي مع النص الدستوري، من خلال استصدار قوانين منافية للدستور، كالتصويت بالوكالة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، رغم أن النص واضح في كون التصويت حق فردي خاص، كما لمس البوز صعوبة الترتيبات فيما يخص تأسيس الأحزاب السياسية من خلال إجراءات تجعل الأمر شبه مستحيل".