عميل إسباني يكشف قصة بابلو إسكوبار في الدارالبيضاء.. محاولة إدخال السلاح للمغرب

تيل كيل عربي

كشف عميل إسباني متقاعد، عاش في المغرب أكثر من ثلاثة عقود، عن تفاصيل مثيرة تتعلق بعالم عصابات تهريب الكوكايين من جنوب أمريكا إلى أوروبا مرورا بالمغرب، وكيف التقى أشهر زعيم عصابات "الكوكا" بابلو إسكوبار غافيرا، اللقاء احتضنته مدينة الدارالبيضاء سنة 1992.

لم يقتصر الأمر على كشف وجود زعيم كارتيل "مديلين" الكولمبي في جنوب الدارالبيضاء، بل كيف حاول بابلو إسكوبار فتح فرع لشبكته في المغرب، وكيف أقنعه الشرطي الإسباني بالتخلي عن هذه الفكرة والاكتفاء بالتعامل مع شركائه الغالسيين الإسبان.

ووفق ما كشفته صحيفة "إل موندو"، فإن القصة المثيرة التي كشف عنها العميل خوسيه مانويل كاماينو، وهو شرطي التحق بسلك الشرطة منذ أن كان عمره 18 عاما، اشتغل طيلة عشر سنوات كضابط اتصال، غير مرئي، ما مكنه من التسلل إلى شبكات تجارة المخدرات لمراقبة تحركاتهم.

وكانت الصدفة سيدة الموقف في لقاء كاماينو بشخص كولومبي قدم له على أساس أنه السيد دون إميليو، ويروي الشرطي الإسباني بداية التعارف بين الجانبين، عندما توصل الشرطي بإخبارية تتحدث عن وجود أفراد من شبكة غاليسية (نسبة إلى إقليم غاليسيا، الذي عاصمته هي مدينة كورونيا)، تبحث كيفية نقل كمية كبيرة من الكوكايين إلى إسبانيا عبر بواخر صيد.

يحكي كاماينو كيف أنه حجز طاولة في مطعم فاخر في الدارالبيضاء كان سيحتضن لقاء أفراد الشبكة الإسبانية، وكيف استطاع مجالستهم بعد أن قدم نفسه على أنه يعمل ضمن بعثة أكاديمية تعمل على مشروع تنقيب تاريخي في الحدود المغربية الجزائرية، فكانت هذه البداية.

توطدت العلاقة بين كاماينو والشبكة الإسبانية، إلى أن طلبت منه أن يتدخل، بحكم توفره على سيارة بعثة دبلوماسية تسهل تحركه في المغرب، لفض نزاع نشب بين الكولمبيين والمغاربة، الذين كانوا يخزنون البضاعة قبل إعادة إرسالها صوب أوروبا.

يقول كاماينو "كان الخلاف قويا بين المغاربة والكولمبيين، بعد أن طالب المغاربة بدفع مبلغ 100 مليون دولار لإعادة إرسال الكوكايين إلى إسبانيا، طلب مني أعضاء الشبكة الإسبانية مرافقتهم إلى قصر فاخر يقع جنوب مدينة الدارالبيضاء، وكان ذلك في صيف سنة 1992".

هناك سيلتقي كاماينو شخصا قدم إليه على أنه السيد دون إميليو، الذي سأله "ماذا يريد المغاربة، فالبضاعة ملكي؟"، فكان رد كاماينو، بأنه كولومبي ويتعامل مع الإسبان، لكن بضاعته موجودة فوق أراض مغربية، وبالتالي فإن من حق تجار المخدرات المغاربة أن يطلبوا نصيبهم"، فرد دون إميليو بالقول "إنه انتحار".

يكشف كاماينو أن دون إمليو أخبره بأن سيستقدم الأسلحة عبر طائرته، أو أنه سيشتريها من الداخل، فرد كاماينو، بأن العثور على السلاح في بلد كالمغرب أمر جد صعب، كما أنه سيشكل إعلان حرب سيخدم فقط وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية، فاقتنع دون إميليو، ليبادره كاماينو بمقترح سيعمق العلاقة بين الطرفين.

كان مقترح كاماينو يقضي بأن يبحث الكولمبيون عن طريق ثان لتمرير الكوكايين، والبحث عن شركاء في موريتانيا أو ناميبيا أو غينيا، وأنهم يتقاضون نصف ما يطلبه المغاربة، كما اقترح عليه أن يقدم عرضا بقيمة 130 مليون بسيطة، عوض 100 مليون دولار.

كانت هذه هي النصيحة الأولى التي وجهها كاماينو إلى الكولمببين، وهي ما ستبني جسور ثقة بين الطرفين، ليعود ويلتقي  الاثنان بعدها مرة أخرى.

يحكي كاماينو بأن اللقاء الثاني كان مغايرا، إذ بمجرد أن دخل إلى القصر الفاخر في جنوب الدارالبيضاء، حتى ألقى دون إميليو التحية قائلا "أهلا أيها الإسباني الصغير، هل تعرف من أكون؟ أنا بابلو إسكوبار غافييرا".

في هذا اللقاء يكشف كاماينو عن رغبة بابلو إسكوبار في فتح فرع لتجارته بالمغرب تفاديا لما سماه ابتزاز التجار المغاربة، فكان وجهة نظر الشرطي الإسباني معارضة مرة أخرى، بدعوى أن من شأن هذا الأمر أن يغضب الشركاء الإسبان، خصوصا الغالسيين، فما كان من إسكوبار سوى أن يقترح على كاماينو أن يتشغل معه كمستشار خاص، وأن يرافقه إلى كولومبيا.

يحكي كاميانو، الذي أحيل على التقاعد، وله روايتان بوليسيتان، بأن كل هذه المعلومات كانت تصل إلى القنصلية الإسبانية في طنجة، وأن معرفته بإسكوبار عمقت درايته بشبكات المخدرات في المغرب، إذ أنه كان وراء سقوط بارون المخدرات المغربي الشهير بلقب "النيني"، وأنه كان السبب في سقوطه في ايادي الأمن الإسباني، بل أنه كان حاضرا في عملية مطاردته التي انتهت بإصابة النيني بطلق ناري وسقوطه في البحر، دون العثور على جثته إلى اليوم.

ويروي كاماينو أن بابلو إسكوبار حل بالمغرب بشكل سري مباشرة بعد إغلاق سجنه الذي بناه في كولومبيا والشهير بـ"الكاتدرائية"، بعد أن تفاوض مع حكومة بلاده على قضاء العقوبة السجنية في سجن يبنيه من ماله الخاص ويحرسه حراسه الشخصيون عوض ترحيله إلى أمريكا وفق قانون خاص آنذاك بترحيل تجار المخدرات إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

يقول كاماينو "كانت لدينا تقارير استخباراتية تشير إلى قدوم إسكوبار إلى برشلونة لحضور الألعاب الأولمبية لسنة 1992، لكن الحقيقة التي كان الجميع يستبعدها هو أن يحل بالمغرب، وتحديدا في الدارالبيضاء، ولا يعرف كم لبث في المغرب، غير أنه بعد عودته إلى كولومبيا قتل في دجنبر 1993.