قضية بوعشرين.. مواجهة قانونية بين المحامي البريطاني ديكسون والهيني

بيان المحامي ديكسون يجر المحامي الهيني للرد عليه في قضية بوعشرين
سعيد أهمان

جدل قانوني بين المحامي المغربي محمد الهيني، عضو هيئة دفاع "الضحايا المفترضات" في قضية بوعشرين، مع محامي هذا الأخير البريطاني روندي ديكسون، حول المسطرة القانونية للمتابعة، وصك الاتهام وسيرورة الملف أمام المحكمة.

وجاء الجدل عقب عدد من الملاحظات التي تطرق إليها المحامي البريطاني في بلاغ له، ما دفع القاضي المعزول الهيني للرد عليه، ومحاولة "دحض" ما جاء به من دفوعات لصالح مدير نشر "أخبار اليوم" وموقع "اليوم 24".

انتقادات البريطاني ديكسون

اعتبر روندي ديكسون، وهو محام بريطاني متخصص في القانون الجنائي يرافع أمام المحاكم الدولية والإقليمية والوطنية، أن موكله توفيق بوعشرين "معتقل بشكل تعسفي وغير قانوني، وأن الدعوى القضائية لا تستند إلى أي دليل مادي، في غياب أمر بالقبض أو الحبس الاحتياطي، وبأنه لم يتم تقديم أي أمر بالإيداع عن طريق قاضي التحقيق".

وأشار ديكسون، في بيان له نشره بحر الأسبوع الجاري، إلى أنه "لم يتم إحراز أي تقدم في الملف، بعد عدد من الجلسات، في غياب أي أدلة أولية تدعم الادعاءات الموجهة  لبوعشرين، وبالتالي فإن وضعية الملف مقلقة للغاية".

واسترسل ديكسون، وفق البيان الذي نشرته صحيفة "أخبار اليوم"، أن "هذه الدعوى اعتمدت في فصولها على تقديم سيدتين لشكايتين ضده، حيث زعمتا أنهما تعرضتا للاغتصاب، أو التحرش، من دون تحديد تاريخ معين للوقائع"، مسجلاً أن "المشتكيتين لم تقدما أي دليل ملموس على مزاعمهما، كما لم يتم تقديم أي معلومات دقيقة عن ظروف هذه الوقائع المذكورة".

واعتبر المحامي البريطاني، أن "النساء الأخريات الواردة أسماؤهن في ملف التحقيق، تم استدعاؤهن فقط، من أجل الاستماع إليهن بعد توقيف بوعشرين، إذ قدمن تصريحات بعدما تم عرض عدد من الفيديوهات المجهولة المصدر عليهن، وهي الفيديوهات التي تبقى مجهولة المصدر، ولم يتم التحقق من سلامتها في غياب أي أثر للوقائع المدعاة".

وسار المصدر ذاته، إلى أن "أيا من المشتكيات لم يسبق لها أن قدمت تصريحاً ضد بوعشرين. كما لم يسبق أن تقدمت أي واحدة منهن بشكوى قضائية ضده، لتبقى تفاصيل الوقائع مجهولة".

وبخصوص "الفيديوهات التي تستند إليها التهم المنسوبة إلى المشتكى به ليست في أي حال من الأحوال أدلة معتمدة، ولا تكشف عن ارتكاب أي جريمة". حسب ديكسون.

وسجل المحامي البريطاني أن "مجموعة من المشتكيات المفترضات ينفين بشكل قاطع أنهن كن ضحايا، كما عبرن عن أنهن لا يرغبن في المشاركة في هذه المتابعة، وأنه رغم اعتراضهن، تستمر المحكمة في طلب إفاداتهن خلافا لرغبتهن، ما جعلهن يلتجئن إلى جمعيات لحقوق الإنسان لحماية حقوقهن وضمان ألا تستخدم أسماؤهن في هذه القضية".

ودعا ديكسون المحكمة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار "تدهور صحة توفيق بوعشرين، بسبب معاناته مع السكري، والضغط الشديد الذي يعانيه جراء الادعاءات الكاذبة المعلنة ضده"، معتبرا أن "هذه المزاعم غير المسندة تؤثر على سمعة بوعشرين، كما أن حالته الصحية وحدها كافية لتبرير إطلاق سراحه".

اقرأ أيضاً: الوكيل العام للملك باستئنافية البيضاء يتهم محيط بوعشرين بالضغط على المشتكيات بالمال والتهديد

ونبه المحامي البريطاني، حسب نص بيانه، إلى "إمكانية مباشرته لإجراءات لدى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، وباقي الهيئات الأخرى التابعة للاتحاد الإفريقي، كما أن المنظمات الدولية، لا سيما هيئات الصحافيين وهيئات الدفاع عن حقوق الإنسان مدعوة لإثارة قضية الصحافي المغربي بوعشرين".

الهيني يترافع قانونيا ضد ديكسون

‎وفي رده على المحامي البريطاني، عاب الهيني على زميله وخصمه القانوني ما أسماه "غياب اللمسة الاحترافية لرجل القانون في بيان ديكسون الذي كتب بطريقة صحفية، كبيان اعلامي تبريري، أكثر منه دراسة قانونية وقضائية وفقهية لمحتويات ملف المتابعة".

ومن بين المؤاخذات المسجلة في رد الهيني، "عدم احترام أدبيات التعليق القانوني على الملفات القضائية، مع الأخذ بعين الاعتبار احترام سلامة الإجراءات والإيقاف كذا حماية الموقوف ومعاملته بطريقة قانونية وإنسانية وغير مهينة وعدم تعريضه للتعذيب".

وزاد الهيني معلقاً مرافعة ديكسون، أن "البيان يستعمل عبارة وكيل الملك بمحكمة الاستئنافي، وليس الوكيل العام للملك". متسائلاً: "فهل الذي لا يعرف درجات النيابة العامة وتسلسليتها في التنظيم القضائي يمكن أن يفتي في نازلة على ضوء القانون المغربي؟"

وقارب الهيني بين ما حمله البيان من معطيات، من قبيل أن الوثيقة "تتحدث عن مذكرة النيابة العامة بإحالة توفيق بوعشرين على المحكمة في حالة اعتقال، باعتبارها مذكرة، وشتان بين قرار المتابعة  والاحالة".

وأضاف القاضي المعزول، أن البيان "يجهل أن قرار الإحالة الصادر عن النيابة العامة لا يحدد مدة الاعتقال، لأن المتهم يحاكم في حالة اعتقال ووضعيته تصبح خاضعة لقرارات المحكمة ولا يفرج عنه إلا تبعا لها،  أي بالبراءة والاعفاء أو السقوط أو إيقاف التنفيذ  طبقا للمادة 434 من قانون المسطرة الجنائية". وذهب الهيني حد القول: "لكن الخطير هو تجاهل مثل هذه الابجديات بالقول بعدم صدور أمر بالقبض أو بالحبس الاحتياطي، وكأن قرار الإحالة في حالة اعتقال ليس قرارا قضائيا ومسببا ومشروعا وصادر عن قاض مستقل وفقا للقانون المغربي".

وأشار محامي "الضحايا المفترضات"، إلى أن البيان "يدين دفاع بوعشرين، لأن تعثر مسار المحاكمة راجع إليه بالنظر للدفوعات غير المؤسسة المثارة في كل جلسة، والتي تستهدف تعطيل مسار المحاكمة. وهكذا أصبح تنبيه المحكمة لأطراف الدعوى بحقوقهم، ومن ذلك اخبار المطالبات بالحق المدني بحقهن في الحضور من عدمه، وفقا لما يفرضه القانون-المادة  427 من قانون المسطرة الجنائية لأطوار الجلسة، ترهيباً لهن وخرقا للحياد".

واعتبر الهيني أن بيان المحامي البريطاني، "لا يعترف إلا بمؤسسة قضاء التحقيق ويجهل قانون المسطرة الجنائية، ولاسيما المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية التي تخول للنيابة العامة الإحالة المباشرة على الجلسة في حالة اعتقال، مما يجعله في حالة شرود قانوني وقضائي كبير وخطير، يسائل حدود خبرة ومعرفة محرر البيان بالقانون".

اقرأ أيضاً: بالتزامن مع استئناف محاكمة بوعشرين.. إطلاق مبادرة "صحافيات ضد التحرش والاستغلال"

وبخصوص "غياب أي أدلة أولية" حسب قول المحامي البريطاني، رد الهيني على ذلك بأن "الحديث عن غياب الأدلة دون معرفتها ومناقشتها يجعل الكلام كلاما مرسلا وبعيدا عن لغة القانون والقضاء، وأن الفيديوهات المحجوزة تمت بالمقاولة".

وبسط الهيني عددا من المساطر القانونية والاجراءات من قبيل، أن "محاضر الشرطة القضائية لا يطعن فيها بالزور الفرعي، وإنما بالزور الأصلي، وأن المحظورات لا يطعن فيها بالزور، لأنها ليست وثائق. كما أن النيابة العامة لا تواجه بالزور لا فرعيا ولا أصليا ولا يحق انذارها أو استفسارها، وأن الانذار يكون عن طريق المحكمة وليس بين الأطراف مباشرة".

أما بخصوص الحالة الصحية لبوعشرين، فلفت الهيني إلى أنه يتعين أن "يفصح الدفاع عن أساسه القانوني أو القضائي أو الدولي، كأن الحالة الصحية أو النفسية هي من ارتكبت الجريمة، دون إثبات خطورتها بتقرير طبي".