هذه مرتكزات مشروع الدعم الاجتماعي للفقراء..المستشارون يشرعون في مناقشته

الشرقي الحرش

 بدأت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، أمس الاثنين، مناقشة مشروع قانون يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، وهو المشروع الذي أحيل على مجلس المستشارين قبل مجلس النواب تطبيقا للفقرة الثانية من الفصل 78 من الدستور التي تنص على أن "مشاريع القوانين المتعلقة، على وجه الخصوص بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية، وبالقضايا الاجتماعية، تودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين".

خلافات برلمانية

بدأ اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية على ايقاع خلاف بين أعضائها بشأن منهجية مناقشة مشروع القانون، ففي الوقت الذي كان رئيس اللجنة، أحمد شدا وبعض أعضاء مكتبها يسعون للتسريع بالمناقشة من خلال دمج المناقشة العامة مع المناقشة التفصيلية، احتج مستشارو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على هذا القرار، معتبرين أن النظام الداخلي للمجلس يفرق بين المناقشتين، وهو الطرح الذي زكاه المستشار البرلماني عبد اللطيف أوعمو، قبل أن يقرر رئيس اللجنة البدء بالمناقشة العامة. وتسبب البدء بالمناقشة العامة في تأجيل المناقشة التفصيلية إلى غاية الأسبوع المقبل.

مشروع ابتكاري

 أجمعت تدخلات أعضاء اللجنة على أهمية المشروع الذي سيضع حدا لتشتت برامج الدعم الاجتماعي، والتي تفوق 100 برنامج دون أن يكون لها أثر ملموس على الفئات المستهدفة.

في هذا الصدد، اعتبر المستشار البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية عبد اللطيف أوعمو أن المشروع الحالي مشروع ابتكاري وذو أهمية قصوى، نظرا لكونه مهيكلا ويعالج الاشكالات البنيوية لمنظومة الدعم الاجتماعي من خلال توحيدها، ومعرفة المستحقين لها.

 من جهته، نوه مبارك الصادي، المستشار البرلماني عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمشروع، لكنه أكد على ضرورة الاستعانة برأي المجلس الوطني لحقوق الانسان واللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، مشددا على ضرورة أخذ الوقت الكافي في مناقشة مشروع القانون.

 كما نوه البشير العبدلاوي، المستشار البرلماني عن حزب العدالة والتنمية بالمشروع، معتبرا أنه سيحل مجموعة من الإشكالات من خلال توحيد برامج الدعم الاجتماعي، وتوجيهها نحو مستحقيها.

 مرتكزات المشروع

 يرتكز المشروع على أربع مرتكزات من شأنها تحسين مردودية البرامج الاجتماعية، وضبط المستفيدين منها عبر استعمال التكنولوجيات الحديثة. وهذه المرتكزات هي:

السجل الوطني للسكان

 ويهدف إلى توفير المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة بالمغاربة والأجانب المقيمين بالتراب المغربي بطريقة إلكترونية، من خلال تجميعها وتسجيلها وحفظها وتحيينها عند الاقتضاء.

 وسيفتح باب التسجيل في هذا السجل للمغاربة والأجانب المقيمين بالتراب الوطني، وتتكلل بمنح معرف مدني واجتماعي رقمي يمكن من التحقق من صدقية المعطيات الشخصية المدلى بها من قبل الأشخاص الراغبين في التقيد في السجل الاجتماعي الموحد من أجل الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.

 وبحسب نور الدين بوطيب الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، فإن التسجيل في السجل الوطني للسكان سيكون اختياريا، كما أن المعطيات الشخصية التي يتم الحصول عليها هي معطيات عادية جدا، ولا تتعلق بدخل الأفراد، بقدر ما تتعلق بهويتهم، ومحل سكنهم، وصورة لقزحية العين لتفادي التكرار.

 ويعتبر بوطيب أن ترك أمر التسجيل في السجل الوطني للسكان اختياري أمر يمليه الوقت الذي سيقضيه الموظفون في تسجيل الراغبين، إذ أن هذه العملية تتطلب حوالي نصف ساعة لكل مواطن.

السجل الاجتماعي الموحد

وهو بمثابة سجل رقمي يتم في إطاره تسجيل الأسر قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات والجماعات الترابية والهيئات العمومية، وذلك بناء على طلب يقدمه الشخص المصرح باسم الأسرة، كما يهدف إلى معالجة المعطيات الاجتماعية والاقتصادية للأسر بطريقة إلكترونية.

ويشير مشروع القانون إلى أن السجل الاجتماعي الموحد سيشكل المنطلق الوحيد للولوج لكافة برامج الدعم الاجتماعي، من خلال تحديد مدى قابلية الاستفادة منها عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية تتم وفق عملية تنقيط مبنية على المعطيات الاجتماعية المتوفرة وباستعمال التكنولوجيات الحديثة.

 كما يشترط مشروع القانون على من يريد التسجيل بالسجل الاجتماعي الموحد أن يكون قد سبق له التسجيل بالسجل الوطني للسكان.

 ويؤكد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية أن برامج الحماية الاجتماعية يمكن أن تستفيد منها الطبقة المتوسطة كذلك؛ إذ معيار التنقيط سيكون هو الفيصل في العملية، خاصة أن التسجيل في السجل الوطني للسكان سيظل مفتوحا دائما.

الوكالة الوطنية للسجلات

هي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية، سيتم إحداثها من أجل تدبير السجل الوطني للسكان، والسجل الاجتماعي الموحد، وتتولى مهمة ضمان حماية المعطيات الرقمية للسجلات وسلامة المنظومة المعلوماتية للمسجلين بها، كما تتولى مهمة منح المعرف المدني الاجتماعي الرقمي للأشخاص المقيدين بالسجل الوطني للسكان، وتقديم خدمات التحقق من صدقية المعطيات المضمنة في السجل الوطني الموحد والسجل الوطني للسكان، كما ستضع قائمة الأسر المؤهلة للاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.

المعطيات الشخصية

نص مشروع القانون على حماية المعطيات الشخصية، وذلك بإلزام الوكالة الوطنية للسجلات بمعالجة المعطيات التي تتوفر عليها بطريقة نزيهة ومشروعة، وعدم تسليمها لأي جهة أخرى، إلا أنه استثنى من ذلك ما يتعلق بأغراض الدفاع الوطني والأمن الداخلي والخارجي للدولة أو الوقاية من الجريمة أو زجرها، كما منح الأشخاص المسجلين في تلك السجلات حق الاطلاع على الجهات التي اطلعت على معطياتهم الشخصية باستثناء ما يتعلق بالدفاع والأمن.

 وبحسب نور الدين بوطيب، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، فإن جميع المعطيات التي يتم الحصول عليها من المواطنين يتم تشفيرها، ولا يمكن الاطلاع عليها من طرف أي جهة أخرى.

الاستغلال السياسي

 أثارت عدد من مداخلات المستشارين البرلمانيين، خاصة المنتمين لفرق المعارضة امكانية الاستغلال السياسي لهذا المشروع، مستدلين بما اعتبروه استغلالا سياسيا لبرنامج الدعم المباشر الموجه للأرامل من طرف حزب العدالة والتنمية.

 واعتبر مبارك الصادي، المستشار البرلماني عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن تسجيل النساء الأرامل يتم في مقرات حزبية، وهو الطرح الذي زكاه الاستقلالي النعمة ميارة، إلا أن  الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية نفى حدوث أي استغلال لهذا البرنامج، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية هي من تعمل على تنفيذه على أرض الواقع.

 من جهته، قال نبيل الشيخي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، في حديث مع "تيلكيل عربي" إنه يخشى أن يؤدي الحديث عن الاستغلال السياسي إلى تأخير خروج مشروع القانون إلى حيز الوجود، معتبرا أن الأحزاب لا تشرف على تنزيل المشروع على أرض الواقع، لكن من حق الحكومة أن تسوق لمنجزاتها بين المواطنين، فضلا عن كون المشروع الآن بيد البرلمان، ومن حق جميع الفرق البرلمانية أن تتقدم بمقترحاتها من أجل تجويده.