الحليمي: شرعنا في فحص النموذج التنموي واستقلاليتنا مستمدة من الإرادة الملكية

المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي - رشيد تنيوني
محمد فرنان

قال أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط، إن "المندوبية السامية للتخطيط، كما تعلمون، تستمد استقلاليتها المؤسسية من الإرادة الملكية، المتجسدة في بعدين أساسيين، يتعلق الأول بقرار إنشائها والثاني بالدعم المتواصل لتعزيز صمود الموضوعية العلمية لمنتوجها أمام ملابسات الظرفية السياسية والحكومية. ولذلك، ستبقى عاقدة العزم على دعم ثقافتها المؤسسية بما تتميز به من تعلق خاص بقيم العلم والحرص على المطابقة الصارمة للمعايير الدولية، وذلك في إطار خدمة تنمية بلادنا".

فحص النموذج التنموي

وأضاف الحليمي في لقاء له، أمس الإثنين، إن "البرنامج العالمي لأهداف التنمية المستدامة شكل منذ 2015، في نسخته الأممية والإفريقية، بالنسبة لنا، الإطار المرجعي لتقييمنا الدوري لإنجازات بلدنا بخصوص أهداف السياسات العمومية المرتقبة. وتشكل أهداف التنمية المستدامة، كما تعلمون، نموذجًا حقيقيًا للتنمية، بالنظر لمقاربتها المندمجة للاستدامة في ميادين النمو الاقتصادي والرقي الاجتماعي وحماية البيئة".

وتابع: "هكذا، يتم إغناء وهيكلة المرجعية الاستراتيجية لأنشطتنا المتعلقة بالبحوث والدراسات انطلاقا من التوجهات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والترابية التي حددها النموذج التنموي الجديد والتي دعا الملك محمد السادس، إلى اعتمادها كأرضية لميثاق وطني للتنمية ببلادنا".

وأبرز أن "النموذج التنموي الجديد، يشكلُ من الآن فصاعدا، الإطار الاستراتيجي والمعياري لتنزيل أهداف التنمية المستدامة في السياق الوطني، في أفق تحقيق التقائية ديناميكية لأهداف هذين النموذجين التنمويين".

في هذا السياق، أعلن الحليمي أن "المندوبية شرعت في إنجاز دراسة دقيقة لـلنموذج التنموي الجديد من أجل فحص تناسقه الداخلي وتحديد المؤشرات الضرورية لتتبع وتقييم السياسات العمومية على ضوء هذه الاتقائية".

الحكومات غير مدركة أهمية التقييم

وأوضح المندوب أنه "لم تتمكن، لحد الآن، الحكومات في كثير من الأحيان، لسبب أو لآخر، من إدراك الأهمية التي يكتسيها تعزيز وظيفة التقييم لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية من طرف مؤسسة مستقلة، ومساهمة ذلك في تحسين أدائها وجاذبيتها حيال الشركاء الدوليين".

وأشار إلى أنه "نظرا لارتباطها بميزانية الدولة، فإن المندوبية السامية للتخطيط تواجه صعوبات في الحصول على الموارد البشرية اللازمة والكافية لتنفيذ برامج عملها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرواتب المنخفضة لأطرنا والطلب الخارجي القوي على خريجي معاهدنا العليا (المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي (INSEA) ومدرسة علوم المعلومات (ESI)) كلها عوامل تدفع الأطر المكونة داخل مصالحنا إلى تغيير وجهاتهم نحو منظمات وطنية ودولية أخرى".

وذكر أن "المندوبية السامية للتخطيط سجلت على مدى السنوات الخمس الماضية، عجزا في التوظيف بلغ 168 منصبا، في الوقت الذي ستبلغ فيه حالات الإحالة على التقاعد بين 2022 و2026، زهاء 472 شخصا. ووفقًا لنتائج الدراسة التي أجريناها هذه السنة حول التدبير التوقعي للوظائف، تبلغ الحاجيات للمندوبية السامية للتخطيط، في المتوسط، حوالي 90 موظف كل سنة، برسم نفس الفترة".

وأبرز أنه "نتيجة لذلك، راكمت المندوبية السامية للتخطيط عجزا في الموارد البشرية المؤهلة، سيتفاقم مع حاجياتها من كفاءات جديدة وخبرات دقيقة، ضرورية، سواء، لمواكبة برنامجها المتعلق بالتحديث والتحول الرقمي أو للاستجابة لمتطلبات مهامها الجديدة الخاصة بالتنسيق الاستراتيجي للسياسات العمومية ومواكبة تنفيذ النموذج التنموي الجديد".

مشروع قانون 

وتجدر الإشارة إلى أن حركة ضمير حذرت سنة 2020 من مشروع القانون المتعلق بالنظام الإحصائي الوطني، الذي ينص على إنشاء مجلس وطني للمعلومات الإحصائية، ووكالة وطنية للإحصاء تحل محل المندوبية السامية للتخطيط وتخضع لسلطة الحكومة،  تم عرضه على حكومة عبد الإله بنكيران سنة 2015، ولم تتم المصادقة عليه.

وأكدت حركة ضمير في ذلك الوقت، أن "المندوبية السامية للتخطيط تعتبر كيانا رئيسيا في الصرح المؤسساتي المغربي وأنه سيكون من الخطر الشديد على مصداقية المعلومات ذات الطابع الإجتماعي والإقتصادي والمالي لبلدنا المساس باستقلال هذه المؤسسة".

ولفتت إلى أنه "أي إخضاع للجهة المسؤولة عن الإحصاءات الوطنية لسلطة حكومية، وأي تدخل في سياسة نشر المعلومات وأي عقبة أمام استقلالها التدبيري، لمن شأنه أن يُضر بشكل خطير بمصداقية البيانات الوطنية ويلحق الضرر بعملية تقييم الإقتصاد المغربي من طرف الأسواق المالية الدولية ووكالات التصنيف”.