بنعطية يعتزل اللعب للمنتخب.. نهاية مسار شاق

صفاء بنعوشي

في سن الـ 32، أعلن الدولي المغربي، مهدي بنعطية، لاعب فريق الدحيل القطري، تعليق مشواره الدولي مع المنتخب الوطني، بعد 12 سنة، تدرج خلالها المدافع بين الأولمبي ووصولاً للكبار، حيث أصبح واحد من الأسماء الأساسية الحاضر في جميع الاستحقاقات القارية والعالمية التي شارك بها "أسود الأطلس" بالسنوات الأخيرة.

واختار الإسم السابق بصفوف يوفنتوس الإيطالي، إعلان الخبر للجماهير هاته المرة، بحوار حصري عبر شبكة "بي إن سبورت" القطرية، كشف خلالها الأسباب التي دفعته لإعادة التفكير في الإعتزال، وإتخاذ القرار مجدداً، بعد إعلانه في 2017 أيضاً، نفس الخبر، مباشرة بعد نهاية منافسات كأس إفريقيا، التي غادرها الأسود على يد منتخب مصر.

بداية متعثرة في فرنسا

لم يكن مشوار مهدي بنعطية بعالم الساحرة المستديرة مفروشاً بالورود، ولا جذب ظهوره الأول بالملاعب الفرنسية أعين المهتمين، بل دائماً ما يحرص عميد المنتخب المغربي السابق، على التأكيد أن صبره على العراقيل التي وجدها في طريقه عند قراره أن يصبح لاعباً محترفاً، كانت سلاحه الوحيد بأولى خطواته.

بنعطية الذي رأى النور في الضواحي الباريسية وتحديداً ببلدية كوركون الشهيرة بتواجد عدد كبير من المهاجرين المغاربيين، التحق لأول مرة بفريق يُدعى أورانجيس للناشئين، ليتعلم أبجديات اللعبة، ويتحول بعدها للدفاع عن ألوان كريتيل، قبل الوصول إلى مدرسة مارسيليا.

اللاعب كان يحلم دائماً بحمل قميص الفريق المنتمي لجنوب فرنسا، رغم  فشله في الجمع بين الدراسة وكرة القدم بالمعهد الشهير، بكليرفونتين، الذي يحتضن المواهب الكروية ويوفر لها جميع الظروف لإعدادها لتجارب مهمة، إلا أنه ظل يشتغل إلى حين تمكنه من لفت الأنظار، وتوقيع أول عقد إحترافي مع مارسيليا، رغم إهتمام إنجليزي بموهبته في سن الـ 17 سنة.

مارسيليا الحلم..مارسيليا الكابوس

لعب مهدي بنعطية لفريق مارسيليا في موسم 2005/2006، عندما كان الفريق بمنافسات "الليغ 2"، لكنه فوجيء بتبخر كل أحلامه ، عندما اصطدم بواقع المشاركة الغير المنتظمة مع المجموعة.

بنعطية اعترف سابقاً في إحدى خرجاته الإعلامية التلفزيونية، أنه كان يريد تقديم كل شيء والتأكيد على أنه يستحق الثقة التي تم وضعها في شخصه، إلا أنه بعد سنة من عقده الاحترافي الأول، قرر النادي إعارته، لتكون الوجهة هاته المرة نادي تور، وبعدها بسنة إلى لوريان، ليقرر إنهاء تجربته والبحث عن آفاق جديدة خارج الفريق الذي كان يعشقه.

حمل "صخرة دفاع" أسود الأطلس ألوان كليرمونت، وتحديدا في موسم2008/2009، وهو الاختيار الذي فتح أمامه أبواب تجارب لم يكن بنعطية ينتظرها، بسبب كابوس مارسيليا الذي لاحقه، والإعارات التي فرضت عليه، بسبب اختيارات المدرب السابق آنذاك، خوسي أنيغو.

انتظر اللاعب موسمين رفقة المجموعة، حيث جمع 57 مباراة بالدوري الفرنسي الثاني، ليٌحول وجهته صوب أودينيزي، الفريق الإيطالي الذي ظفر بعقده في فترة الانتقالات الشتوية لسنة 2010، ومدة العقد كانت لـ 5 مواسم.

إيطاليا تبتسم لـ "الكابيتانو"

بدأ بنعطية أولى مبارياته مع أودينيزي، وهو لازال يحمل "جرح " مارسيليا في أذهاته، ليكون الرد هاته المرة قويا في المستطيل الأخضر باختياره في مناسبات عديدة أفضل لاعب في "الكالتشيو".

فرض المدافع إحترام الجميع، وبدأ اسمه يتردد بين أندية أوروبا، فالشاب الذي فشل في أن تكون انطلاقته الحقيقة من بدأ المنشأ، قال كلمته من إيطاليا، بعد أن منحوه الثقة، ليدشن أولى مشاركته بمنافسات دوري أبطال أوروبا، خلال السنوات الـ 3 التي قضاها مع المجموعة.

تهافتت أندية عديدة على خدماته، وتوالت التقارير الإعلامية حول اختياراته المستقبلة، ليتمكن "ذئاب روما" من خطف لاعب الأسود رسمياً في يوليوز 2013، وعقد بلغ أزيد من 13 مليون أورو، ليفرض على مدرب مارسيليا الإعتذار والخروج للإعلام، للتأكيد على أنه كان مخطئاً عندما لم يمنح الفرصة لمهدي بنعطية.

تحديات جديدة

سنة في فريق روما الإيطالي، كانت كافية ليعلن بنعطية نفسه واحداً من نجوم الدوري الممتاز، ويدخل قائمة المرشحين المقلصة لأفضل لاعب في إفريقيا.
توالت المباريات الكبيرة لبنعطية، الذي أصبح في مدة قصيرة إسماً لا يستغنى عنه في تشكيلة المدرب رودي غارسيا، إلا أن الإغراءات المالية، جعلت اللاعب يبدي رغبة كبيرة في المغادرة بعد سنة فقط،  ليفتتح تجربة استثنائية هاته المرة في صيف2014 مع بايرن ميونخ، النادي الألماني الذي ظفر بعقده بعد صراع قوي مع تشيلسي، وبرشلونة الذي كان مهتماً بضم المدافع إلى صفوفه.
سنتين أمضاهما اللاعب مع الفريق تدرج خلالها بين الرسمية ودكة البدلاء، وكانت الإصابات هي الشبح الذي لاحقه خطواته، لتكون العودة لإيطاليا عبر إعارة هاته المرة لفريق يوفنتوس، الذي اقتنع بأداء الدولي وقرر شراء عقده بصفة نهائية.

ولعل أبرز المفاجات الغير متوقعة في مسيرة بنعطية اختياره بعد سنتين خوض أول مغامرة خليجية، مع الدحيل القطري، بعد أن أقام الدنيا وأعقدها، بسبب وضعه في دكة البدلاء، رغم وعود تلقاها من طرف المدرب ماسيمليانو أليغري، بالاعتماد على المداورة رفقة أبرز نجوم فريق "السيدة العجوز".

إعتزال 2017 و2019

كانت بدايات مهدي بنعطية مع أسود الأطلس مع الكبار في 2008، عندما قرر حينها اللعب للمغرب بدلاً من فرنسا، بالرغم من حمله قميص "الديكة" في مباريات بالفئات السنية الصغرى,

الترحيب كان كبيراً لبنعطية ولأولئك الأسماء الشابة التي تشبثت باللعب لبلدها الأم، ليبدأ اللاعب مشواراً دولياً هادئا، قبل أن يتحول "الكابيتانو" إلى إسم مثير للجدل خلال الخمس سنوات الأخيرة.

كأس أمم إفريقيا 2017 كان مختلفا لبنعطية، وهو الذي جمع انذاك رصيداً قارياً هاما، من مباريات التصفيات ونسخ سابقة للبطولة فشل خلالها الأسود من الزئير، فالانتقادات هاته المرة نالت من لاعب الدحيل القطري، ليعلن بعد البطولة إعتزاله.
إعتزال في سن الـ 29، رفضه المدرب هيرفي رونار، الفرنسي الذي يربط صداقة قوية باللاعب منذ وصوله لقيادة زمام النخبة الوطنية خلفاً لبادو الزاكي، ما فرض على "الثعلب" التنقل للاجتماع بالمهدي، بحضور رئيس جامعة كرة القدم، وإقناعه بالعدول عن رأيه، وهو ما كان ليعود للمشاركة بعدها في نسخة مصر 2019، وقبلها بنهائيات كأس العالم روسيا 2019.

الشائعات تنال من القائد؟

عودة إلى الخروج الإعلامي الحديث لمهدي بنعطية، مساء أمس الثلاثاء، السبب الذي دفعه لإنهاء مشواره الدولي بحسب ما أكد للصحفي الذي تنقل إلى منزله لتوثيق لحظات بنعطية الدولية الأخيرة، هي الإشاعات التي أصبحت مرهقة ومزعجة بالنسبة إليه.

وقال بنعطية في هذا الصدد : "لقد فكرت بالأمر في كأس إفريقيا، وتأثرت كثيراً بإقصائنا أمام البنين، لأنني لم أرد أن أنهي مسيرتي الدولية بهاته الطريقة، استمعت لخاليلوزيتش، الذي أبدى تمسكه بي، وقال إن المنتخب بحاجة إلي، وهذا أمر يسعدني بأن مدرباً جديدا يتمسك بك..شرحت له أني لم أعد قادراً على اللعودة وسماع نفس القصص".

وأضاف : "منذ 12 سنة، وأنا أأعمل بجد وأضحي للوقوف مع المنتخب، وأضع المغرب بالمقدمة وفي النهاية يقولون عنك قصصا، مثل أن لدي يد في اختيار التشكيلة، أو أنني لا أتريد لاعباً أو لا أفضل لعب هذه المباراة،وقصصا لا أساس لها من الصحة وهذا أمر مزعج ومرهق جداً".

وبالرغم من أن مهدي بنعطية اختار الإعلان عن الخبر عبر شبكة تلفزيونية، إلا أنه أكد تواصله قبل 10 أيام مع وحيد خاليلوزيتش، ليخبره بقراره بخصوص الموضوع، الذي يعتبر حسمه كان صعباً بالنسبة إليه.