"وجبات غذائية للمحروسين نظريا والأحداث المحتفظ بهم".. الداكي: المغرب تبنى خيارا حقوقيا متقدما

بشرى الردادي

وصف الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة، الانطلاقة الرسمية للشروع في تنزيل أحكام المرسوم المتعلق بتغذية المحروسين نظريا والأحداث المحتفظ بهم، بكونه "قفزة نوعية وطفرة حقوقية هامتين في مجال تكريس مختلف الحقوق، التي أفرزتها مقتضيات قانون المسطرة الجنائية للأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية وللأحداث المحتفظ بهم".

وقال الداكي، في كلمة ألقاها بهذه المناسبة، إن هذا المرسوم الذي جاء ثمرة لمجموعة من الاجتماعات التي انعقدت بوزارة العدل، بحضور ممثلين عن كافة المصالح والقطاعات المعنية بالموضوع، "كان مطلبا ملحّا لدعم آليات تنزيل إصلاح المنظومة القانونية، التي تصب في تعزيز إحدى أهم مجالات حقوق الإنسان، ألا وهي حقوق الموقوفين باسم القانون، لتواجدهم في نزاع معه، خلال البحث معهم من أجل الاشتباه في ارتكابهم لأفعال جرمية".

وأضاف: "لا يخفى عليكم أن المشرع المغربي أحاط الأشخاص المحرومين من الحرية بسياج من الضمانات القانونية والإجرائية، التي تروم حماية الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى القانون، وتفادي أيّ مساس بحريتهم وسلامتهم الجسدية والبدنية، وذلك بالنظر لتواجدهم في فضاءات مغلقة، موضحا أن ذلك "تجسد، بوضوح، من خلال دستور المملكة، لسنة 2011، وكذا قانون المسطرة الجنائية النافذ حاليا".

وتابع الداكي أنه "في إطار تعزيز المكتسبات التي حققتها بلادنا في مجال احترام حقوق وحريات الأشخاص المحرومين من الحرية، جراء خضوعهم لتدبير الحراسة النظرية، أو تدبير الاحتفاظ بالنسبة للأحداث، تمّ استحداث نص قانوني يتعلق بمنح هؤلاء حقا آخر ينضاف لتلك المكرسة قانونا، ويتعلق الأمر باستفادتهم من وجبات غذائية، طيلة مدة خضوعهم للتدابير المذكورة، وكان ذلك بموجب المرسوم رقم 2.22.222، المؤرخ في 6 ماي 2022، المتعلق بتغذية الأشخاص المحروسين نظريا والأحداث المحتفظ بهم"، مشيرا إلى أنه "وعيا بأهمية تفعيل أحكام هذا المرسوم وانسجاما مع المادة الرابعة منه، أصدر رئيس الحكومة قرارا تحت رقم 3.99.22، بتاريخ 17 نونبر 2022، يحدد مجموعة من الضوابط المتعلقة بالوجبات الغذائية المقدمة للأشخاص المحروسين نظريا والأحداث المحتفظ بهم، كضرورة احترامها لشروط النظافة والسلامة والتوازن في مكوناتها، وعدم التمييز بين المستفيدين منها، وخضوعها لتدابير المراقبة، ومراعاة الحالات المرضية التي تستوجب نظاما غذائيا خاصا، وكذا خصوصية بعض الفئات؛ كالنساء الحوامل والمرضعات".

واسترسل رئيس النيابة: "وممّا لا شك فيه أن هذا المكسب الحقوقي الذي سيعهد بتنفيذه إلى مصالح الشرطة القضائية التي تستقبل الأشخاص الموقوفين، سواء التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، أو المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أو قيادة الدرك الملكي، أو إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة،  سيشكّل لبنة إضافية لأنسنة ظروف الإيداع، لاسيّما مع حرص مختلف ضباط الشرطة القضائية على الانخراط، بشكل جاد وفعال، في هذا الإطار، وذلك على غرار ما تجسده على مستوى التفعيل الأمثل لباقي المقتضيات الدستورية والقانونية، التي تعنى بتنظيم الحقوق المكفولة للأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية أو الأحداث المحتفظ بهم".

وتابع: "باعتبار أن المشرّع قد أناط بالنيابة العامة مهمّة السهر على احترام إجراءات الحراسة النظرية، بما فيها تغذية الأشخاص المحروسين نظريا والأحداث المحتفظ بهم، فإنها ستولي اهتماما خاصا لهذا الحق المخول للموقوفين، بمناسبة زياراتها لهذه الأماكن، تطبيقا لأحكام المادة 45 من قانون المسطرة الجنائية التي ألزمت النيابة العامة بالقيام بها، مرتين في الشهر على الأقل، لاسيّما وأن هذه الرئاسة تولي الزيارات المذكورة أهمية خاصة وتتبعا دقيقا لمدى مراعاتها، وفق الغايات والآجال المؤطرة قانونا؛ ما سمح بتحقيق نتائج طيبة؛ إذ تجاوز إعمالها العدد المفترض قانونا، وهو ما يؤكده عدد الزيارات  المنجزة، خلال سنة 2022، والتي بلغت 22263 زيارة منجزة من أصل 19056 زيارة مفترضة قانونا، والتي يكون الهدف المبدئي منها، هو التكامل في تكريس دور الساهرين على إنفاذ القانون في هذا المجال، من حيث ضبط وتفعيل وضمان المقتضيات التي تكفل كل الحقوق المخولة لفائدة هذه الفئات من الأشخاص الذين يشتبه في كونهم في نزاع مع القانون".

وأكد الداكي أن "المغرب بتنزيله للمقتضيات المؤطرة لتغذية الأشخاص المحروسين نظريا والأحداث المحتفظ بهم، يكون قد تبنّى خيارا حقوقيا متقدّما، يجعل جميع الأشخاص الموقوفين من طرف ضباط الشرطة القضائية يستفيدون من وجبات غذائية على نفقة الدولة، وهو ما سيمكن من تجاوز الصعوبات التي كانت تطرح في هذا الصدد؛ حيث كانت تتم هذه التغذية من طرف الشخص الموقوف أو من طرف أقاربه، وأحيانا، من طرف ضابط الشرطة القضائية، بصفة شخصية، خاصة إذا ما تم استحضار عدد هؤلاء الذي يتضاعف كل سنة؛ حيث يكفي التذكير بأن سنة 2021 سجلت 395832 محروسا نظريا، بينما بلغ عدد الأحداث المحتفظ بهم، خلال نفس السنة، 15726 حدثا".