"عدم التمييز عند تطبيقها ".. مجلس المستشارين يصادق على قانون العقوبات البديلة

عبد اللطيف وهبي
محمد فرنان

صادق مجلس المستشارين في جلسة عامة تشريعية، عشية اليوم الثلاثاء، على مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة.

في هذا الصدد، قال  وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بمناسبة تقديم مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة، في كلمة له، أمام أعضاء مجلس المستشارين، إن "العقوبات البديلة شكلت وجها مشرقا في تاريخ السياسة الجنائية وأضحت خيارا أساسيا وركيزة من الركائز الأساسية في السياسات العقابية الحديثة، حملت تغييرا عميقا في فلسفة العقوبة ووظائفها عبر تدعيم غايتها الإصلاحية والإدماجية على حساب البعد الانتقامي وإن كانت العقوبات البديلة تاريخيا تعد أقدم من العقوبات السالبة للحرية، وهو ما تؤكده الأعراف الجنائية التي كانت تؤطر تدبير العنف داخل المجتمع القبلي خاصة عبر جزاءات التشهير والإبعاد والتغريم والإقصاء وجبر الضرر".

وأضاف في كلمته، أن "جل الأنظمة الجنائية الحديثة راهنت بشكل كبير على تبني نظام العقوبات البديلة كسبيل لتحديث وتطوير سياستها العقابية والحد من إكراهات الوضع العقابي القائم نتيجة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية والتغلب على مساوئ العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة التي لا تكفي زمنيا لتحقيق البرامج التأهيلية والتكوينية، بل بالعكس تسهم سلبا في إدماج المحكومين بها بفعل الاختلاط مع من هم أكثر خطورة".

 ولفت الانتباه إلى أن "اعتماد نظام العقوبات البديلة أصبح في منظومتنا القانونية العقابية والتأهيلية مطلبا أساسيا وطموحا منشودا حمله ودافع عنه العديد من الفاعلين الحقوقيين والقانونيين وغيرهم في مناسبات متعددة، وتم استحضاره في العديد من المحطات والمناسبات الكبرى بدءا بأشغال هيئة الإنصاف والمصالحة ومناظرة مكناس حول السياسة الجنائية لسنة 2004 والحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة وكذا العديد من توصيات المناظرات والندوات والمؤتمرات والورشات الوطنية، وهو ما دفع الملك محمد السادس في إطار إرساء توجهات السياسة الجنائية الحديثة إلى الدعوة لاعتماد نظام العقوبات البديلة في خطاب 20 غشت 2009 بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب".

وأحاط المجلس علما "أن الوزارة استحضرت في إعداد هذا النص جل المرجعيات والقواعد والمعايير الدولية المعتمدة وعلى رأسها المبادئ العامة الواردة في قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير الاحتجازية (قواعد طوكيو)، لضمان التوازن بين حقوق المحكوم عليهم وحقوق الضحايا وحق المجتمع في الأمن العام ومنع الجريمة، من خلال توسيع دائرة الاستفادة مع استثناء الجرائم الخطيرة والأشخاص العائدين والتنصيص على تدابير إصلاح أضرار الجريمة، وتوفر الصلح أو تنازل الضحايا في أهمها وخضوع ذلك لرقابة القضاء سواء عند تقرير العقوبة البديلة أو حق المنازعة فيها لتصحيح ما قد يشوب تحديدها وفق مساطر محددة ومبسطة لإضفاء المرونة. زيادة على الحرص على مراعاة عدم التمييز عند تطبيقها على أفراد المجتمع بغض النظر عن وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية كما هو الحال بالنسبة للعقوبة البديلة المتعلقة بالغرامة اليومية التي أفرد لها أحكاما خاصة بما فيها قدر الغرامة من حد أدنى إلى حد أقصى ليتلاءم والوضعية المادية للمحكوم عليه. ولم تغفل أيضا مراعاة كرامة المحكوم عليهم عند تطبيق العقوبات البديلة وحياتهم الخاصة ووضعية بعض الفئات الخاصة كالنساء والأحداث والمسنين وذوي الإعاقة".

وأشار إلى أن "هذا المشروع يسعى لوضع إطار قانوني متكامل للعقوبات البديلة سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تهم تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة، كما يهدف إلى  إيجاد حلول للإجرام البسيط وفق مقاربة تأهيلية وإدماجية بعيدة عن السجن وغرس روح المواطنة والواجب والالتزام خاصة من خلال عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة، زيادة على المساهمة في الحد من حالات الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية والتي وصل عدد ساكنتها ما يفوف 100 ألف نزيل، خاصة وأن نصف الساكنة السجنية محكوم بعقوبات قصيرة المدة الشيء الي يؤثر على العديد من البرامج والخدمات المعدة من قبل الإدارة المكلفة بالسجون من جهة ويرفع من التكلفة المالية للسجناء من جهة أخرى".