ياسين ايصبويا - أحد ابناء أصيلة
نحن أبناء أصيلة، فقدنا اليوم ليس فقط وزيرا ودبلوماسيا بارعا ومثقفا، بل فقدنا الإنسان الملهم والمبدع، والداعم للمعرفة، الذي آمن بأن الثقافة يمكن أن تبني مدنا وتساهم في التنمية، وأن الإبداع يمكن أن يكون جسرا للعالم.
رحل محمد بن عيسى، لكنه لم يكن يوما مجرد اسم في السياسة أو الدبلوماسية او الثقافة، بل كان قلبا نابضا لأصيلة، وروحا سكنت كل جدار، وكل فكرة، وكل موسم ثقافي صنعه بحب وعزم.
كان يرى في مدينتنا لوحة تحتاج إلى ألوان الفكر والفن، وصوتا يحتاج إلى أن يسمع عالميا، فكان موسم أصيلة الثقافي شاهده الأكبر وإرثه الباقي.
لم يكن محمد بن عيسى مجرد ابن لأصيلة، بل كان أحد عشاقها الأوفياء، المدافعين عن هويتها، والحالمين بمستقبلها المشرق. عشقها كما عشق المغرب وملكه، وكان يطلب منا، كأبناء أصيلة، أن نكون دائما في قلب التنمية الديمقراطية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وأن نعمل على صون المكتسابات والعمل على إشعاع المغرب بين الأمم، نجعل من أصيلة منارة للعلم والمعرفة.
كان يؤمن أن الرعاية الملكية السامية لموسم أصيلة كانت الركيزة الأساسية لاستمراره وإشعاعه الدولي، وأن رؤية جلالة الملك للشأن الثقافي والفني هي التي أعطت أصيلة هويتها المتميزة، وجعلتها في مصاف المدن الثقافية العالمية وأرضا للحوار والسلام.
بفضل هذا العشق، أصبحت أصيلة خير سفير للمدن المغربية على المستوى الدولي، حيث اجتمع فيها المعارضون والمساندون من مختلف الدول، وكانت أرضا لمتغيرات سياسية دولية، وملتقى للحوار الإفريقي ولحوار جنوب-جنوب.
كانت أصيلة فضاء للفكر، ومنبرا للنقاش، ونقطة التقاء للثقافات والحضارات، تعكس روح المغرب المنفتح والمتجذر في تاريخه وهويته.
في هذه اللحظة الحزينة، نشارك ألم الفقد مع كل المثقفين والمبدعين في العالم الذين عرفوا في محمد بن عيسى رجلا جعل من الثقافة جسرا للحوار، ومن الإبداع وسيلة للارتقاء.
وداعا لمحمد بن عيسى، أحد رواد الثقافة العربية، وستبقى بصمته حاضرة في كل زاوية من أصيلة، وفي ذاكرة كل من آمن بأن الفكر والفن يمكنهما أن يصنعا المستقبل.