شهد المغرب، خلال السنوات الأخيرة، تطورا ملحوظا في قدراته العسكرية؛ حيث استمر في تعزيز قواته المسلحة من خلال اقتناء أسلحة متطورة، وتنويع مصادر التسلح، وتوقيع اتفاقيات عسكرية جديدة.
ووفقا لأحدث تقارير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن المغرب احتل المرتبة 31 عالميا في قائمة مستوردي الأسلحة لسنة 2025، مسجلا تراجعا طفيفا مقارنة بسنة 2023، حيث كان في المرتبة 29، لكن دون انخفاض حاد في وتيرة التسلح.
التقدم مجددا؟
وعربيا، احتل المغرب المرتبة السادسة بين أكثر الدول استيرادا للأسلحة، بعد كل من السعودية وقطر ومصر والإمارات والكويت.
أما على المستوى الإفريقي، فحلّ في المرتبة الثانية بعد الجزائر، علما أنه تصدّر القائمة، خلال بعض الفترات السابقة.
ورغم أن الجزائر لا تزال المتصدر الإفريقي في مجال الواردات العسكرية، إلا أن انخفاض وارداتها بنسبة 73 في المائة، مقارنة بالفترة 2015-2019، قد يمنح المغرب فرصة للتقدم مجددا، خلال السنوات القادمة.
مصادر التسليح
وتعتمد المملكة على مجموعة متنوعة من الشركاء الدوليين لتزويدها بالأسلحة المتقدمة، على رأسها الولايات المتحدة؛ حيث تأتي 64 في المائة من واردات المغرب العسكرية من واشنطن، تليها فرنسا بنسبة 15 في المائة، ثم إسرائيل بـ11 في المائة.
أبرز الصفقات
وسجل التقرير أن أبرز الصفقات التي عقدها المغرب كانت شراء 25 طائرة مقاتلة من طراز "F-16 Block 72" لتعزيز قدرات سلاح الجو المغربي، وتطوير أسطول الدبابات عبر اقتناء دبابات "M1A2 Abrams" التي تعد من بين الأكثر تطورا في العالم، بالإضافة إلى الحصول على منظومات دفاع جوي متطورة، بما في ذلك نظام "Patriot" وأنظمة مضادة للطائرات بدون طيار، وعقد صفقات مع إسرائيل لتعزيز قدرات الاستطلاع والتجسس باستخدام الطائرات بدون طيار، فضلا عن اتفاقيات لتطوير الصناعة العسكرية المحلية، بالتعاون مع شركات أمريكية وإسرائيلية.
معايير التصنيف
ويتم تصنيف الدول في قائمة أكثر مستوردي الأسلحة وفقا لعدة معايير؛ أبرزها حجم الواردات من الأسلحة الثقيلة، وتنوع مصادر التسلح، وشبكة التحالفات العسكرية، بالإضافة إلى عقود الشراء المستقبلية والتحديثات التي تخضع لها الترسانة العسكرية، والدور الاستراتيجي للبلد في محيطه الجغرافي.
ويعتمد المغرب على استراتيجية مزدوجة؛ حيث يسعى إلى تعزيز قوته العسكرية في مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة، بالإضافة إلى تطوير صناعته الدفاعية لتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية.
المغرب والجزائر في مواجهة دائمة
وأبرز التقرير أنه لطالما كان التنافس بين المغرب والجزائر عاملا رئيسيا في تحديد سياسات التسلح لدى البلدين. ومع تراجع الجزائر في واردات السلاح، خلال السنوات الأخيرة، استمر المغرب في نهج تصاعدي لتعزيز قوته العسكرية، مدعوما بشراكات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
كما أشار إلى أنه رغم كون الجزائر لا تزال تمتلك واحدة من أقوى الترسانات العسكرية في إفريقيا، إلا أن المغرب يعمل على تقليص الفجوة، بشكل ملحوظ، عبر اقتناء أسلحة نوعية متقدمة، وتطوير قواته البرية والجوية، وتعزيز قدرات الدفاع الجوي.
استثمارات متزايدة واتفاقيات استراتيجية
وتوقع المعهد أن يواصل المغرب تعزيز قدراته العسكرية خلال السنوات المقبلة، وذلك من خلال توسيع برامج التصنيع المحلي للأسلحة، خاصة في مجالات الطائرات بدون طيار والرادارات، وتعزيز التعاون العسكري مع الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا لاقتناء مزيد من المعدات الحديثة، فضلا عن رفع مستوى الدفاع الجوي عبر تطوير أنظمة صاروخية متقدمة، والعمل على تطوير البنية التحتية العسكرية، من خلال بناء قواعد جديدة وتحديث الوحدات القائمة.