في البداية، بدا خبر وفاة 15 شخصا من سكان جماعة سيدي بولعلام، بسبب التدافع لتسلم مساعدات إحسانية، عبارة عن قفة لا تتجاوز قيمتها المالية 150 درهما، غير قابل للتصديق من قبل البعض، ومستفزا لآخرين. هنا يعود "تيلكيل – عربي"، إلى وثائق رسمية، حابلة بمؤشرات، تفيد أن "سيدي بولعلام"، (8142 نسمة)، جماعة فقيرة، على غرار أغلب جماعات إقليم الصويرة، الذي يعد الإقليم الرابع وطنيا من حيث الفقر المتعدد الأبعاد، بعد شفشاون، البطل الوطني في الفقر، وتاونات، ومولاي يعقوب.
أول واحدة بين الوثائق الرسمية التي تكشف الكثير عن واقع جماعة سيدي بولعلام، هي "خريطة التنمية المحلية المتعددة الأبعاد بالمغرب، المستوى والعجز"، التي صدرت في 28 شتنبر الماضي، عن المرصد الوطني للتنمية البشرية، وهو مؤسسة تابعة لرئيس الحكومة، ويديرها رشيد بن المختار، وزير التربية الوطنية في حكومة عبد الإله بنكيران.
وتضمنت الدراسة الجديدة والمفصلة، نتائج مؤشر جديد لقياس الفقر بالمغرب، لا يرتكز فقط على الفقر المالي، إنما يعتمد أيضا أوضاع التعليم والصحة والخدمات، ومختلف أوجه التنمية بشكل عام، فسمي "المؤشر المتعدد الأبعاد للتنمية المحلية بالمغرب (IDLM)"، القيمة الفضلى فيه هي 1، والدنيا، أي الفقر المذقع، هي 0.
وفيما يعتبر المؤشر أن المعدل الوطني المتوسط للتنمية المحلية هو 0.700، وجاءت فيه الرباط أغنى جماعة وطنيا، بقيمة 0.822، يشير بخصوص جماعة سيدي بولعلام، في إقليم الصويرة (رابع إقليم فقير وطنيا بقيمة 0.595 في المؤشر)، أن مؤشراتها المتعلقة بالفقر المتعدد الأبعاد، تجعلها في موقع أسوأ من إقليم شفشاون برمته، بوصفه البطل الوطني في الفقر المتعدد الأبعاد (0.555).
ذلك أن قيمة مؤشر التنمية المحلية المتعددة الأبعاد، الخاص بالجماعة، التي شهدت فاجعة اليوم، قيمته 0.514، وهو مؤشر أقل من المعدل الوطني المتوسط (0.700)، وأقل من المعدل العام لإقليم الصويرة (0.595)، الذي تنتمي إليه الجماعة، وهو ما يرحع إلى حالة سيئة لأوضاع الصحة، والنشاط الاقتصادي، والسكن، والخدمات الاجتماعية، ومستوى العيش، في الجماعة.
وفي هذا الصدد، يفيد مؤشر التنمية المحلية المتعدد الأبعاد، أن العجز في التربية والتعليم بسيدي بولعلام، هو 0.680، وهو بذلك أفضل قطاع في الجماعة، لكن في ما يخص قطاع الصحة فقيمة المؤشر المتعدد الأبعاد لا تتجاوز 0.412، وتنهار أكثر القيمة أكثر بالنسبة لقيمة المؤشر في النشاط الاقتصادي (0.387)، وفي السكن (0.370)، ليعاود التحسن في الخدمات الاجتماعية (0.447)، ولكن بعيدا، دائما عن المعدل الوطني المتوسط (0.700)، الذي يقترب منه مستوى العيش لسكان الجماعة (0.617).
وحتى نفهم تلك الأرقام على نحو جيد، من المهم معرفة أن المؤشرات التي تتراوح بين 0.700 و0.900 إيجابية وتعني تنمية محلية جيدة، وهي النسب التي حصلت عليها أقاليم الرباط (0.822)، والدار البيضاء (0.798)، ووجدة أنجاد (0.790) والعيون (0.788)، وفاس (0.774)، وطنجة (0.770)، أما التي تترواح بين 0.699 وما أدناها، فتعني تنمية محلية ضعيفة، وهي شفشاون (0.555)، ثم تاونات (0.569)، وكولاي يعقوب (0.580)، والصويرة (0.595)، وشيشاوة (0.612) ...
بقية الوثائق الرسمية، بخصوص مؤشرات الأوضاع في الجماعة، وثيقيتين إحصائيتين للمندوبية السامية للتخطيط، وتخصان نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى بالمغرب في 2014، وتفيد أن سيدي بولعلام، أغلب سكانها الـ8142 نسمة الموزعين على 1561 أسرة، عزاب (نسبة 52.3 %)، ومعدل سن الزواج الأول بالجماعة يصل إلى 24.8 سنة.
وإذا كانت نسبة التمدرس للأطفال ما بين 7 سنوات و12 في الجماعة، تصل إلى 94 %، فالأمية تضرب بحدة وسط بقية السكان، إذ تصل نسبتها في الجماعة إلى 56 %، وهو رقم مطابق لمستوى التمدرس لدى سكان الجماعة، فنسبة 57.4 % منهم مستواهم الدراسي "لاشيء"، مقابل 5.4 % فقط تلقوا تعليما أوليا، و4.5 %بلغوا مستوى الإعدادي، مقابل 1 % أنهوا المرحلة الثانوية، في حين لا تتعدى نسبة سكان الجماعة الذين تلقوا تعليما جامعيا (0.2 %).
في ما يتعلق بالسكان النشيطين في الجماعة، أي جميع الأشخاص الذين يشكلون اليد العاملة المتوفرة للإنتاج، فعددهم 2798، مقابل 5344 غير نشيطين، وفيما تصل نسبة البطالة في الجماعة إلى 4.9 %، تكشف الأرقام المتعلقة بطبيعة الوظائف التي يشغلها الناس حاليا، أو شغلها الذين سبق لهم أن اشتغلوا، أن 39.2 % يمارسون أعمالا مستقلة، و27.3 % يعملون في القطاع الخاص، و28.1 % لدى العائلة، وفقط 2.8 % مستخدمون قي القطاع العمومي.
التجهيزات المنزلية، تعطي بدورها صورة عن سكان الجماعة، فتشير وثيقة خاصة بذلك، مصدرها النتائج التفصيلية للإحصاء العام للسكان والسكنى في 2014، أن سكان الجماعة يقطنون بيوتا قروية (96 %)، و90.3 % يتوفرون على مرحاض، مقابل 6.2 % فقط يتوفرون على حمام منزلي، وإذا كان 85.2 % منهم يستفيدون من الربط بالكهرباء، فإن نسبة الذين تتوفر منازلهم على الماء الجاري لا تتعدى 35.6 %، وتتوفر 96.5 في المائة من الأسر على مطابخ في بيوتها، ولدى 44.1 % منها ثلاجة.
في ما يتعلق ببقية التجهيزات، 2.0 % فقط من أسر الجماعة، تتوفر على ربط بالأنترنت، و2.3 % لديها في بيتها حاسوب، أما التلفزيون فـ84.3 % من الأسر تتوفر عليه، و65.9 % لديها "راديو"، و84.9 % لديها هاتف محمول، مقابل 0.7 % لديها هاتف ثابت، و50.3 % لديها لاقط هوائي (بارابول).