أضحية العيد.. كل ما تريد معرفته عن حلقة الكبش الصفراء وأساليب غش "الكسابة"

عبد الرحيم سموكني

بدأ كبش العيد يستحوذ على مواضيع حديث المغاربة قبل أكثر من أسبوع من المناسبة الدينية، التي تعرف ذبح أزيد من 5 ملايين رأس في يوم العيد. هذه مجموعة من المعلومات حول الحلقة الصفراء وأساليب الغش استقاها "تيلكيل عربي" من بياطرة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

بين السعر وجودة السلالة التي تشغل بال المشترين لأضحية العيد، تحرص المصالح البيطرية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية "أونسا" على مراقبة سلسلة تربية المواشي، سواء عبر مراقبة ماء وعلف القطعان، أو عبر توجيه النصح للمستهلك حول كيفية التعامل مع الأضحية قبل الشراء وبعد الذبح،  مخافة تكرار تلف اللحوم، خاصة وأن عيد الأضحى يتزامن، في السنوات الماضية مع فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.

أهمية الحلقة الصفراء

ينظر مسؤولو "أونسا" إلى تجربة ترقيم الأضاحي بعين الرضا، فقبل عامين تقرر ترقيم الأكباش والأبقار والماعز، بهدف مراقبة مسار التربية ومعرفة مصدرها و"الكساب" صاحبها.

تقول رئيسة المصلحة البيطرية لبنسليمان سعاد موساوي الرحالي إن عملية الترقيم أصبحت تشمل أغلب القطعان بالمغرب، وتؤكد الهدف منها هو تعقب مسار تربيتها والاطلاع على علفها ومائها، وأنها أشبه برقم تعريف خاص بكل رأس من الماشية، يسمح بمعرفة مصدره و"الكساب" الذي أشرف على تربيته.

وتجزم موساوي، في لقاء مع "تيلكيل عربي"، بأن الحلقة الصفراء المعلقة على أذن الماشية، لا تعني بالضرورة علامة جودة، بل هي مجرد مؤشر على الرقابة، ودليل لمعرفة مصدر الماشية.

وتحكي المسؤولة البيطرية كيف أن خلطا وقع في بداية التجربة، بعد أن قام بعض "الكسابة" باستغلال عملية الترقيم وشعار "أونسا" للترويج لرؤوس الماشية، وكأنها علامة جودة مسجلة، وتقول بأن بعض "الكسابة" استغلوا "لوغو" المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وقاموا بنصب "لوغوط المكتب للترويج لأغنامهم، على أنها تحظى بحظ الترقيم والحلقة الصفراء، وقدموها على أنها علامة جودة مضمونة، فتدخل "أونسا" لتوضيح الأمر، وإجبار هؤلاء التجار على سحب "لوغو" المكتب.

وترفض موساوي الجزم بأن سياسة ترقيم الأضاحي ساهمت في رفع أثمان الأكباش والماعز والأبقار المرقمة، لكنها تعتبرها أحد العوامل في رفع نسبي في سعر الأضحية، لكنها ليست وحدها العامل الرئيس، وتذكر أن هناك عوامل أخرى كسلالة الخروف وطبيعة العلف الذي استعمل في تربية الماشية، إضافة إلى الوضع العام لسوق الأغنام، كتساقط الأمطار التي تؤثر في أسعار الأعلاف، وتقول "لم يكن الهدف أبدا من الحلقة الصفراء الخاصة بالترقيم تجاريا، ولم يكن الغرض هو تقديم علامة جودة، إنه تدبير رقابي محض".

التعويض وحل الرقاقة الإلكترونية

لكن بماذا يمكن أن يفيد شراء كبش مرقم بقرط أصفر؟ تجيب الموساوي بأن الحديث عن تعويض المستهلك في حالة فساد لحوم الأضاحي، أمر مجانب للصواب، لكن الحلقة الصفراء ستسمح لهم في المكتب بتعقب مصدر الكبش، نشأته ومسقط رأسه والتعرف على "الكساب" الذي رباه وعلفه، وهذه كلها إجراءات لم يكن أبدا ممكنا الحصول عليها دون الحلقات الصفراء.

وترى موساوي أن الإشكال المطروح غالبا في الأضاحي الفاسدة، يكون سببه إما الذبح في ظروف غير صحية أو الاحتفاظ بالأضحية بعد الذبح في أماكن ساخنة وليست رطبة، وتقول "هناك نوع من الشناقة يشتري رؤوسا كثيرة عند اقتراب عيد الأضحى، ويعمد بعضهم إلى الغش لربح بعض الكيلوغرامات الزائدة، وهنا تحدث المشاكل، وعندما نتوصل إلى 'الكساب' صاحب الماشية، نجده قد باع مئات الرؤوس إلى وسطاء أو 'شناقة' جشعين عمدوا إلى الغش، عن طريق تطعيم الأكباش بمواد محظورة في التعليف".

تقول مسؤولة "أونسا" إن الاعتماد على رقاقات إلكترونية ليس حلا عمليا بالمرة، وتعزو ذلك إلى مشاكل لوجستيكية، كغياب آلات قراءة الرقاقة، كما أن هذا الحل الإلكتروني المتطور يتطلب استثمارات كبيرة، وأنه لا يصلح مع الحيوانات التي يعتبر عمرها قصيرا كالأكباش والماعز، خصوصا تلك التي تذبح بمناسبة عيد الأضحى، وتضيف "الرقائق الإلكترونية المخصصة للحيوانات، تكون مناسبة للكائنات التي تعيش عمرا أطول، وهي غالبا ما تستعمل بالنسبة للحيوانات الأليفة النادرة أو الباهضة الثمن، ففي المغرب مثلا هناك بعض مربي الكلاب من السلالات النادرة الذين يشتكون من غياب رقاقات إلكترونية متصلة بالأقمار الصناعية لتحديد مواقع هذه الكائنات في حالة ضياعها أو سرقتها، وهو أمر جار العمل به في أوروبا".

وبلغة الأرقام،  جرى ترقيم حوالي 7 ملايين و400 ألف رأس من الأغنام والماعز، ويقول المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية إنه من المرتقب أن يصل عدد رؤوس الماشية المرقمة إلى حوالي 8 ملايين.

وبلغ عدد ضيعات تربية وتسمين الأغنام والماعز المسجلة لدى المصالح البيطرية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية 236 ألفا، بزيادة بلغت 71 في المائة مقارنة مع السنة الماضية.

هذه أساليب الغش فاجتنبوها

تتوزع المخالفات التي تم تسجليها ضد مربي الماشية ،خلال الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى هذا العام، بين ضبط استعمال فضلات الدجاج "البزق" في التسمين وبيع الأدوية البيطرية بدون ترخيص، حيث تم تسجيل 3حالات لاستعمال تلك الفضلات في تسمين الماشية بجهة الدار البيضاء والرباط، ورصد 7 حالات لبيع الأدوية البيطرية مجهولة المصدر وبدون رخصة وسط أسواق الماشية الأسبوعية بالجهة الشرقية وجهة مراكش- آسفي وجهة الرباط -سلا-القنيطرة وجهة بني ملال- خنيفرة.

وحسب طبيب بيطري من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، فإن الغش في الأعلاف، عن طريق استعمال "بزق" الدجاج، ليس وسيلة الغش الوحيدة، التي يحاربها بياطرة "أونسا"؛ إذ أصبح اليوم من الضروري مراقبة مياه شرب الماشية، حرصا على عدم استعمال مادة "كلوريد أمونيوم" الشهير بالرمز الكيميائي E510، والتي تمزج مع الماء، لمنح الماشية شهية أكبر في العلف، وهو ما يساهم في زيادة وزن الكبش في ظرف قياسي، لكن من شأنها أن تشكل مخاطر على الجهاز الهضمي للماشية، ويعرضها للخطر.

وحسب المصدر ذاته، فإن من بين وسائل الغش المعتمدة من طرف بعض "الكسابة" أو بائعي الماشية،  اللجوء إلى إضافة الخميرة إلى العلف من أجل "نفخ" الأضحية، وهناك أيضا خلط الملح بالماء، وحسب الطبيب البيطري فإن بعض "الكسابة" يعمدون إلى حقن الأكباش بالماء على مستوى البطن، وأن البعض منهم بدأ مؤخرا يلجأ إلى النفخ المباشر للأكباش عن طريق "آلة نفخ" عبر فم الماشية، وأن هذه الحيلة تستعمل في الأيام الأخيرة من عيد الأضحى، حتى يجري نفخ الماشية، وتبدو أكبر حجما وأثقل وزنا...