العثماني يلجأ إلى الأرقام للدفاع عن حصيلته الحكومية

رئيس الحكومة سعد الدين العثماني
عبد الرحيم سموكني

دافع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، اليوم الأربعاء بالرباط، عن الحصيلة المرحلية لعمل حكومته، خلال جلسة عمومية بمجلس المستشارين خصصت لتقديم جوابه على تدخلات الفرق والمجموعات البرلمانية. وشن هجوما قويا على المعارضة، معتبرا أنها تنهج خطاب التهويل، خاصة في الحديث عن حجم المديونية.

العثماني وبعد أن استهل مداخلته بتوجيه سهام النقد اللاذع لمن سماهم بالمعارضة من أجل المعارضة، أصحاب خطاب التيئيس، قال إن لدى حكومته إرادة قوية لمواصلة العمل وبذل المزيد من الجهود لتنزيل باقي الالتزامات المتضمنة في البرنامج الحكومي وتحقيق نتائج أفضل، وضمان أثرها الإيجابي والمباشر على المواطن.
واعترف العثماني بأن "هناك مجالات حققنا فيها أكثر مما التزمنا به في البرنامج الحكومي، ومجالات أخرى لم يرق ما حققناه فيها إلى مستوى طموحنا، وهناك انتظارات مشروعة للمواطنين نلتزم بالعمل على تلبيتها"، مؤكدا التزامه بـ"خطاب الصراحة والوضوح مع المؤسسة التشريعية ومن خلالها مع الرأي العام".

دعم التشغيل ومحاربة البطالة

اعتبر العثماني أنه يتفهم انشغالات المستشارين بضرورة مضاعفة الجهود للحد من ظاهرة البطالة، لكنه يستغرب من طريقة تقديم وقراءة الأرقام والمؤشرات من طرف البعض.
وأوضح أن الإحصائيات التي عرضها فيما يخص التشغيل تجد مصدرها في معطيات المندوبية السامية للتخطيط التي أفادت أن معدل البطالة انخفض بنسبة 0.5%، بين الربع الأول من عام 2018 والربع الأول من عام 2019، وهو ما يوازي تشغيل ما يناهز60 إلى 70 ألف عاطل عن العمل، خصوصا في صفوف الشباب، ويأتي هذا التحسن بعد تطور إيجابي مماثل بين سنتي 2017 و2018 بانخفاض يناهز 0.4 %.

وأضاف أن  هذا الانخفاض وإن كان طفيفا، ولم يصل بعد إلى "ما نصبو إليه، فإنه يعد مشجعا، ما دام أنه تحسن إيجابي مطرد، ونأمل أن يستمر بوتيرة أحسن إن شاء الله في أفق السنتين المقبلتين، للتقليص أكثر من نسبة البطالة".

وعزا نسبة البطالة الحالية إلى عوامل بنيوية وممتدة في الزمن، منها عدم ملاءمة العديد من التكوينات الجامعية والمهنية لحاجيات سوق الشغل، وثانيا للطبيعة الموسمية لعدد من مناصب الشغل التي يحدثها الاقتصاد الوطني، خاصة في القطاع الفلاحي وقطاع البناء والأشغال العمومية، وأخيرا بسبب القطاع غير المهيكل،  حيث يتوجه غالبية العاطلين في المجال الحضري إلى ممارسة أنشطة موسمية خاصة التجارة المتجولة.

وقال " حرصت الحكومة على بلورة وإطلاق المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل إلى حدود سنة 2021، والذي يتميز بكونه أول مخطط للتشغيل تم إعداده في إطار مقاربة شاملة ومندمجة، مع اعتماد مخططه التنفيذي «ممكن»،

وعقد شراكة مع الجهات والاتحاد العام لمقاولات المغرب لمواكبته. كما شُرٍع في وضع وتفعيل برامج جهوية للتشغيل بتعاون مع عدد من المجالس الجهوية، وكذا إحداث لجنة لليقظة حول سوق الشغل".

واعتبر العثماني أن الحكومة تواصل العمل على المراجعة الشاملة لمنظومة التربية والتكوين المهني التي دعا إليها الملك محمد السادس، وتعمل على تغيير الهيكلة القطاعية للنسيج المنتج عبر مختلف المخططات القطاعية، علما بأن نتائجها لن تظهر إلا على المدى المتوسط والبعيد.

وكشف أن الحكومة قامت بإجراءات أخرى، من ضمنها: الرفع من وتيرة إنجاز عدد من برامج إنعاش التشغيل، حيث مكن برنامج إدماج مثلا من تجاوز سقف 100.000 عملية إدماج خلال سنة 2018، من بينها حوالي 20.000 عقد تشغيل بالخارج؛ وتعزيز التشغيل بالقطاع العمومي، من خلال تشغيل 138.491 شخص برسم قوانين مالية سنوات 2017 و2018 و2019 مقابل 116.977 خلال فترة 2012-2016 و71.442 خلال فترة 2007-2011؛ وتسجيل 102.581 مقاول ذاتي إلى حدود نهاية أبريل 2019، مقابل 32.400 سنة 2016، أي بلوغ 103%من الهدف المسطر برسم سنة 2021.

ومن بين الإجراءات المشجعة على التشغيل، قال العثماني إنه جرى  اعتماد نظام "تحفيز" لدعم التشغيل من خلال رفع عدد الأجراء الذين تتحمل الدولة الالتزامات الضريبية والاجتماعية المتعلقة بهم إلى 10 أجراء عِوَض 5 سابقا، لفائدة المقاولات والجمعيات والتعاونيات حديثة النشأة، وذلك في حدود 10000 درهم كأجر عوض 6000 درهم؛ إضافة إلى الإعفاء من الضريبة على الدخل بالنسبة للتعويضات المدفوعة من طرف المقاولات إلى الدكاترة الباحثين، في حدود 6000 درهم شهريا لمدة 24 شهرا؛ وإلغاء شرط التسجيل لمدة 6 أشهر في الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات للاستفادة من إعفاءات التحملات الاجتماعية والضريبية في عقود التدريب.

القدرة الشرائية للمواطن

اعتبر العثماني في معرض حديثه عن القدرة الشرائية للمواطنين، أن الحكومة، وانطلاقا من توجهها الاجتماعي الراسخ، تجعل تحسين القدرة الشرائية للمواطنين في صلب أولوياتها، وذلك من خلال عدة مداخل أساسية، يشكل تحسين الدخل أحد تجلياتها.

وتبرز الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط المتعلقة بعام 2017، وهي السنة الأولى من الولاية، تحسن الدخل الإجمالي المتاح للأسر بنسبة 4.2% ليصل إلى 694.2 مليار درهم في عام 2017. كما بلغ الدخل المتاح للفرد 19917 درهم في عام 2017 بدلاً من 19309 درهم سنة 2016، بنسبة ارتفاع بلغت 3.1 %.

ونفس الشيء بالنسبة للقدرة الشرائية للأسر التي تحسنت بنسبة 2.3 نقطة في عام 2017، بفضل انخفاض تطور أسعار الاستهلاك لينتقل من 1.6 % سنة 2016 إلى 0.8 % سنة 2017.

لقد ذهبت بعض المداخلات، يقول العثماني، إلى أن "أجور الموظفين العموميين ضعيفة"، والحال أن متوسط المرتب الصافي للموظف العمومي ببلادنا بلغ سنة 2018،  7549 درهم، دون احتساب الزيادات الأخيرة التي اعتمدت في الاتفاق الاجتماعي ليوم 25 أبريل 2019.

وأضاف العثماني أن التحدي الحقيقي يكمن في الرفع من الناتج الداخلي العام وزيادة تكوين الثروة وتحسين إعادة توزيعها من أجل تحسين القدرة الشرائية لجميع المغاربة، وخاصة الطبقات الضعيفة والوسطى.

واعتبر رئيس الحكومة أنه بالموازاة مع مواصلة الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة باعتباره إصلاحا هيكليا، عملت الحكومة على تخصيص اعتمادات مهمة لهذا الصندوق، بلغت برسم ميزانية سنة 2019 ما مجموعه 17,6 مليار درهم، لدعم أسعار المواد الاستهلاكية من غاز البوطان والسكر والدقيق الوطني ، وذلك حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين.

المنظومة الصحية

نفى العثماني أن تكون حكومته تخصص أضعف نسبة من الميزانية العامة لقطاع الصحة، وقال "رغم الزيادة الطفيفة في نسبة هذه الميزانية، إلا أنها غير كافية تماما بالنظر لهول الخصاص بالقطاع".

وأوضح العثماني أن هذه الحكومة بذلت مجهودا كبيرا للرفع تدريجيا من الاعتمادات المالية الموجهة للقطاع الصحي، حيث خصصت 16,3 مليار درهم برسم ميزانية سنة 2019، بزيادة تفوق 16 % مقارنة مع سنة 2016.
وقال "مع ذلك، فإننا نعتبر أن هذا المجهود المالي يحتاج إلى التعزيز لمواجهة الخصاص الذي يعرفه هذا القطاع سواء على مستوى الموارد البشرية، أو على مستوى الوسائل وبنيات الاستقبال، وكذا للاستجابة للحاجيات والانتظارات المتزايدة للمواطنين في هذا المجال".

وكشف العثماني أن الحكومة عازمة على المضي قدما في إصلاح المنظومة الصحية وتحسين ولوج المواطنات والمواطنين إلى الخدمات الصحية، من خلال جملة من التدابير، كمواصلة ورش تعميم التغطية الصحية، من خلال: تفعيل نظام التغطية الصحيـة لمختلـف فئـات المهنييـن والعمال المستقليـن والأشخـاص غيـر الأجــراء الذين يزاولـون نشاطا خاصا، بتشاور مع الفئات المهنية من أجل الشروع في تفعيل هذا النظام،  والإطلاق التدريجي للنظام بإصدار أولى بطاقات المنخرطين سنة 2019؛ ومواصلة التعميم الفعلي لنظام المساعدة الطبية "راميد"، وإرساء الآليات اللازمة لضمان حسن تدبيره من خلال إحداث هيئة مستقلة لتدبير هذا النظام؛ ومواصلة تنزيل نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة طلبة التعليم العالي؛ وتنزيل مشروع القانون 63.16 المتعلق بتوسيع الاستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة أب أو أم المؤمن، فور المصادقة عليه بالبرلمان. وتعزيز الولوج إلى الخدمات الصحية وتحسين جودتها، من خلال: تعزيز بنيات الاستقبال للرفع من الطاقة الاستيعابية للمستشفيات بحوالي 10327 سرير. حيث تمت برمجة إنجاز 63 مستشفى عمومي جديد، وتوسعة 15 مركزا استشفائيا، وبناء منشآت ومصالح استشفائية أخرىّ، مع مواصلة تأهيل المستشفيات العمومية وتجهيزها، ومواصلة تعزيز العرض الصحي بالعالم القروي، من خلال تنفيذ أكثر من 2200 مشروع، في إطار برنامج تقليص الفوارق بالعالم القروي، يهم، على الخصوص، بناء وتوسيع وتأهيل المراكز والمستوصفات الصحية واقتناء سيارات الإسعاف والوحدات الطبية المتنقلة.

مديونية الخزينة

قال العثماني إن بعض المداخلات حاولت أن تهول من حجم المديونية وأن تصور الوضع بالكارثي، مستعملة بعض العبارات المغلطة من قبيل "سطو الحكومة على مستقبل الأجيال القادمة، عبر توريطهم في المديونية" و"إغراق بلادنا بالمديونية التي ترهن مصير المغاربة"، و"توجه الحكومة إلى الإفراط في المديونية".
وأوضح أن واقع الحال والمؤشرات الحقيقية تبين عكس ذلك تماما وتفنده، مبينا أن نسبة مديونية الخزينة انخفضت من 65.1% سنة 2017 إلى 64.7% سنة 2018. مما مكن من وضع حد للمنحى التصاعدي للمديونية نسبة إلى الناتج الداخلي الخام، الذي تعرفه بلادنا منذ 2009، وذلك بفضل الإصلاحات والتدابير والإجراءات المتخذة، وأن التحكم في المديونية من الأهداف الأساسية في البرنامج الحكومي.
وأضاف العثماني أنه لا بد من التأكيد على أن مستوى المديونية الحالي لا يرجع إلى عجز السنتين أو السنوات الثلاثة الأخيرة، وإنما إلى تراكم نسب العجز المرتفعة المسجلة خلال سنوات خلت. وقال "أذكر بعض إخواننا في المعارضة أنه بين عامي 2009 و2012، زادت المديونية بأكثر من 12 نقطة مئوية من الناتج الداخلي الخام، بينما انخفضت مع هذه الحكومة، كما سبق وأن أشرت إلى ذلك، ولأول مرة، بنسبة 0،4 نقطة سنة 2018. أما الباقي، فمجرد تأويلات وقراءات غير دقيقة للأرقام والمعطيات الموضوعية".

تنزيل ورش الجهوية

أبدى العثماني اتفاقه مع المداخلة التي أكدت على ضرورة مواصلة تنزيل ورش الجهوية المتقدمة وتكريس الحكامة الترابية،
وقال " تواصل الحكومة العمل على تقديم الدعم المالي اللازم للجهات وتعزيز مواردها المالية من خلال الرفع من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل المرصدة للجهات ليصل إلى %5، إضافة إلى الرفع التصاعدي من مساهمة الميزانية العامة الذي بلغ 4.18 مليار درهم برسم ميزانية 2019، بعد أن كان يبلغ 2 مليار درهم سنة 2016، لتصل الموارد المالية للجهات إلى 8,4 مليار درهم برسم ميزانية 2019، في أفق بلوغ 10 مليار درهم خلال سنة 2021، طبقا لأحكام المادة 188 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات.

من جهة ثانية، ومن أجل تيسير مد الجهات بالموارد البشرية ذات الكفاءة، كشف العثماني أن الحكومة تشتغل على إصلاح النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والقوانين المنظمة لحركية الموظفين، بما سيمكن من إرساء نوع من التوظيف الجهوي وتدبير كافة المجالات المتعلقة بحركية الموظفين.