الفرار الثاني للبارون العروصي يورط أمنيين وموظفي سجون وأطباء

تيل كيل عربي

بدأت تظهر بعض ملامح البحث القضائي الذي أمرت به النيابة العامة، ونظيره الإداري الذي أعلنته المديرية العامة للأمن الوطني، أمس (الأربعاء)، بخصوص احتمال وجود تواطؤ وتقصير متعمد، مكنا البارون الشريف العروصي، من الفرار مساء الاثنين الماضي، من مستشفى التخصصات في الرباط، الذي جاء إليه تحت الحراسة من سجن العرجات من أجل العلاج، قبل اعتقاله بطنجة، زوال أمس (الأربعاء).

وفي هذا الشأن، كشفت صحيفة "الصباح"، التي انفردت أمس (الأربعاء) بخبر الفرار، في عددها لليوم (الخميس)، أن واقعة تهريب البارون على متن كرسي متحرك، من قبل مجهولين انتحلوا هويات رجال أمن وحراس سجون، وضعت حراس سجون وأطباء في قفص الاتهام بعدما حامت شبهات قوية حول تواطئهم مع البارون في عملية فراره، التي تعد الثانية، في تاريخ سجل سوابقه.

وأضاف الصحيفة أن أول قرارات المديرية العامة للأمن الوطني، عقب واقعة الفرار، صدور "قرار يقضي بتوقيف رجلي أمن كانا يحرسان البارون"، إضافة إلى "رئيس الفرقة الأمنية بالنيابة المكلفة بحراسة المعتقلين المرضى"، مع "تجميد أجورهم الشهرية"، في انتظار استكمال الأبحاث قصد ترتيب المسؤوليات وتحديد الجزاءات".

وبينما أوردت الصحيفة ذاتها أن عناصر الشرطة الموقوفين ينتمون إلى الهيأة الحضرية بالمنطقة الأمنية الثانية حسان أكدال الرياض في العاصمة، أضافت أن "التحريات الأولية تشير إلى أن الزي الذي حضر به المهربون يشتبه أنه يعود إلى حراس تابعين للمندوبية العامة للسجون".

وتفيد معطيات الصحيفة، أن الأبحاث الجارية تشتبه أيضا في تورط محتمل لطبيبين، الأول يعمل بالمؤسسة السجنية، و"أمرت النيابة العامة بالاطلاع على الوثائق التي اعتمدها في السماح للبارون بتلقي العلاج داخل المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا"، أما الثاني الذي تشمله الأبحاث، فهو الطبيب الذي أمر ببقاء البارون رهن الحراسة بالمؤسسة الصحية للعلاج".

وكشف بلاغ إعلان إلقاء القبض عن البارون بطنجة أمس (الأربعاء)، بعد يومين من فراره من مستشفى الرباط، أنه كان يرقد تحت تدبير الحراسة الطبية بمصلحة طب الدماغ والأعصاب بمستشفى التخصصات بالرباط، منذ تاريخ 24 دجنبر الماضي، لذلك  فتحت مصالح المديرية العامة للأمن الوطني "بحثا إداريا دقيقا لرصد التجاوزات والإخلالات التي عرفها نظام الحراسة الأمنية الذي كان مفروضا على المعني بالأمر خلال الاحتفاظ به بالمستشفى، وذلك لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات التأديبية اللازمة".

ومن المعطيات الجديدة في قضية الفرار، أنه ليست المرة الأولى التي ينجح فيها البارون العروصي من الفرار من السجن، إذ سبق أن أن فر، حسب "الصباح"، رفقة بارون آخر قبل 15 سنة، أثناء نقلهما من سجن بوركايز بمراكش نحو السجن المحلي بسوق أربعاء الغرب، بأن اعترض مجهولون بأسلحة نارية سيارة نقل المعتقلين التابعة للمندوبية العامة لإدارة السجون بقنطرة قريبة من السجن، وهربوا البارونين بطريقة هوليودية، وبعد اعتقال العروصي في 2006، "ظل شريكه (ع.ع) في حالة فرار منذ عقد ونصف".

وتأتي تلك المعطيات في وقت سارع فيه عبد القادر الروكاني، مدير مستشفى ابن سينا بالرباط، أمس (الأربعاء)، في اتصال مع "تيل كيل - عربي"، إلى إخلاء مسؤولية المستشفى من عملية هروب بارون المخدرات المحكوم عليه بـ10 سنوات سجنا، بقوله "نحن لا مسؤولية لنا في أمن السجين الذي جاء من أجل تلقي العلاج، مسؤوليتنا تنتفي عند معالجته".

يشار إلى أن نقل السجناء المرضى للعلاج في المستشفيات عملية تنظمها المادة 137 من القانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، فتنص على أن أنه "لا يتم الاستشفاء، إلا بناء على تعليمات طبية، وتشعر بذلك إدارة السجون، قبل نقل المعتقل المريض. وإذا تعلق الأمر بمعتقل احتياطي، تعين كذلك إشعار السلطة القضائية المختصة".

وفي حالة الاستعجال، تقول المادة ذاتها، "يتم الإشعار بعد إنجاز الاستشفاء. ويجب على مدير المؤسسة السجنية، إعطاء المعلومات الكافية للسلطة المعنية، قصد تمكينها من اتخاذ الإجراءات اللازمة لخفر وحراسة المعتقل نزيل المستشفى، بواسطة مصالح الشرطة أو الدرك، وبصفة عامة، من تحديد التدابير الكفيلة بمنع أي حـادث، مع أخذ شخصية المعتقل بعين الاعتبار".

يذكر أن البارون، وبعد اعتقاله أمس (الأربعاء)، بطنجة رفقة زوجته، تم إخضاعهما معا لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد جميع ظروف وملابسات فراره من المستشفى، والكشف عن المساهمين والمشاركين الذين سهلوا عملية فراره، فضلا عن رصد أية تواطئات محتملة في تنفيذ عملية الهروب.