المجلس الأعلى للتعليم يعري واقع جمعيات آباء التلاميذ ويحدد 5 صعوبات تواجهها

تيل كيل عربي

قدم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تقريرا، الخميس، حول "جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ.. شريك أساس في تحقيق مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء"، يشخص الواقع الحالي لهذه الجمعيات، ليستشرف مسارات استشرافية للارتقاء بوضعها وأدوارها، وهي غالبا توصيات بإنهاء الصعوبات التي تواجهها.

منذ دعت وزارة التربية الوطنية، سنة 1960، إلى إحداث "جمعيات آباء التلاميذ" وأوصت بتعميمها التدريجي تطور حضور هذه الجمعيات ليصل، حسب التقرير، مجموع جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلميذات والتلاميذ الموجودة بالمؤسسات التعليمية العمومية إلى 9043 جمعية سنة 2017؛ أي بنسبة تغطية ناهزت 83,43%.

و"تطرح هذه الأعداد والنسب الوازنة أمام هذه الجمعيات تحدي القيام بأدوار بارزة في ترسيخ الجسور بين الأسرة والمدرسة وفي دعم عمل المدرسة والتعبئة من أجل إنجاح إصلاحها"، يقول التقرير، قبل أن يقدم الإكراهات والصعوبات التي تعاني منها هذه الجمعيات في الواقع، وهي خمسة تحديدا.

1- التعميم غير المكتمل على كافة مؤسسات التعليم المدرسي

خلال تطرقه لأولى الإكراهات، يذكر التقرير أن نسبة كبيرة من المؤسسات التعليمية الخاصة، لاتتوفر على هذه الجمعيات؛ إذ أن أكثر المشاركين في البحث الوطني الذي أنجزته الهيئة الوطنية للتقييم حول التربية والسر (52,7%)، أكدوا عدم وجود هذه الجمعية بالمؤسسة التي يتابع بها أبناءهم دراستهم.

وبالنسبة للتعليم العمومي، ورغم التغطية المهمة، تظل هناك تفاوتات بين مختلف الجهات، وبين الوسطين الحضري والقروي، وبين المستويات التعليمية الثلاثة، بحيث يسجل ضعف وجودها في العالم القروي وفي المستوى الابتدائي.

2- انخراط محدود وغير متكافئ للأسر

يفيد التقرير أنه بحسب بحث الهيئة الوطنية للتقييم "حول الأسرة والتربية"، لاتتعدى نسبة انخراط آباء وأمهات وأولياء التلميذات والتلاميذ في هذه الجمعيات على صعيد المؤسسات التي توجد بها 31,3%، علما أن علما أن نسبة المشاركة في أنشطة الجمعية تنخفض إلى 25,3% فقط من بين المنخرطين، فضلا عن عزوف نسبة هامة من أولياء أمور التلاميذ عن حضور الجموع العامة لهذه الجمعيات، فتنعقد بمن حضر، وبأعداد قليلة في كثير من الأحيان...

وتنخفض درجة الانخراط أكثر في أوساط الأسر ذات الدخل الضعيف إلى15,9% بينما ترتفع لدى الأسر ذات الدخل المرتفع  إلى 47,3%.

وسجل التقرير أنه كلما ارتفع المستوى الدراسي لولي أمر التلميذ(ة)، كلما تحسنت نسبة المشاركة الفعلية في اجتماعات الجمعية:( الثانوي فما فوق: 43,5% مقابل 19,8% فقط لدى من لا يتوفرون على أي مستوى دراسي).

ويؤكد أن أولياء أمور التلاميذ في التعليم الخاص أكثر تتبعا للمسار الدراسي لبناتهم وأبنائهم، مع حرص المؤسسات الخاصة، على العموم، على التواصل المباشر معهم، دون حاجة، في الغالب، لهذه الجمعيات؛

ورغم كون هذه الجمعيات توجد أكثر في التعليم العمومي، مقارنة بالقطاع الخاص، فإن هذا الأخير يعرف إقبالا أكثر للأسر على الانخراط في هذه الجمعيات، عند وجودها، (53% مقابل 29,6% فقط في القطاع العام).

ونسبة انخراط الأسر في هذه الجمعيات في الوسط القروي (24,9%) أضعف من الوسط الحضري (34,2%)

وهناك تباين بين نسبة الانخراط في التعليم الابتدائي (35%) والإعدادي (28,1%) والثانوي(27,3%).

3- أداء محدود الاستجابة للأدوار المتوخاة

يؤكد التقرير أنه رغم اضطلاع هذه الجمعيات بأدوار وازنة في المنظومة التربوية، فإن التطور الحاصل على مستويي موقعها، والنصوص التنظيمية ذات الصلة، لم يواكبه، بما يكفي، تطور في أدائها.

ويورد التقرير، على هذا المستوى، مجموعة من مظاهر التعثر في الاضطلاع بما رسمته النصوص والمذكرات ذات الصلة من أدوار ومهام؛ حيث يسجل إسهاما محدودا لهذه الجمعيات في تدبير المؤسسة، من خلال مجالس التدبير وانشغال مفرط بأشغال الصيانة والتجهيز على حساب باقي الأدوار والمهام.

4- صعوبات في التنظيم والتدبير

يسجل التقرير عدم تجانس  القوانين الأساسية المنظمة لعمل تلك الجمعيات وعدم تقيد العديد منها بالضوابط المسطرية في التأسيس والتنظيم والتسيير.

كما يؤكد على هذا المستوى محدودية الالتزام بالشفافية والمقتضيات التنظيمية المتعلقة بانتخاب مكتب الجمعية، أو تقديم  التقارير الأدبية والمالية وتقارير تتبع الأنشطة وتقييمها، أو إيداع مداخيل الجمعية في الحساب البنكي.

كما يسجل الحضور المفرط للأطر الإدارية والتربوية في مكاتب هذه الجمعيات، بدل الانفتاح على شرائح اجتماعية ومهنية متنوعة، والعمل على استقطاب كفاءات متنوعة للانخراط في الجمعية وتقلد المسؤولية في أجهزتها المسيرة. وهو مايقلص من حظوظ انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها واستثماره لجهود وكفاءات الفاعلين بهذا المحيط، يقول محررو التقرير.

ويسجل التقرير أيضا على هذا المستوى عدم وضوح معايير وشروط قبول الولاية عن التلميذات والتلاميذ،الذين ليس لهم آباء أو أمهات؛ فضلا عن استعمال بعض أعضاء الجمعيات هذه الصفة أحيانا،لتحقيق أغراض بعيدة عن أهداف هذه الهيئات؛ وعدم وضوح العلاقة بين هذه الجمعيات، وبين  الإدارة التربوية، مما يؤدي أحيانا إلى التوتر بينهما، أو إلى فقدان هذه الجمعيات لمقومات الاستقلالية والشفافية والديمقراطية، بسبب تدخل الإدارة في تأليفها وعملها.

ومن الملاحظات الهامة للمجلس ضعف الكفايات الأساسية لدى المعنيين بإحداثه تلك الجمعيات وتسييرها في مجالات التدبير الإداري والتسيير المالي، وربط العلاقات والانفتاح على المحيط، وإبرام الشراكات، وبلورة المشاريع وبرامج العمل، وتخطيط الأنشطة،وتنفيذها وتقييمها، والمشاركة في مجالس المؤسسة...

وعلى مستوى صعوبات التنظيم والتدبير، يورد التقرير أخيرا عدم كفاية الموارد المالية لهذه الجمعيات، عموما، مقارنة بما ينبغي أن تضطلع به من أدوار.

5- علاقات ضعيفة مع الفاعلين والشركاء

في هذه النقطة الأخيرة من الإكراهات والصعوبات، يتحدث التقرير عن محدودية علاقات التعاون والتنسيق بين هذه الجمعيات سواء مع المتعلمين(ات) وأسرهم، أو الإدارة التربوية، أو باقي الفاعلين التربويين، من مدرسين(ات) وأطر التوجيه وأطر التفتيش وغيرهم، فضلا عن  جمعيات المجتمع المدني وغيرها من شركاء  المدرسة.