اليوم العالمي للمرأة.. فجوة عميقة في الأجور بين الجنسين في المغرب

محمد فرنان

سلطت المندوبية السامية للتخطيط، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الضوء على وضعية المرأة في المغرب وعلاقتها بالفوارق المسجلة في الأجور حسب النوع، وتأثير دور التمييز بين الجنسين على هذه الوضعية.

وأفادت المندوبية في مذكرة لها، صادرة اليوم الجمعة، أن "الفوارق ترتبط ارتباطا وثيقا بالتسلسل الهرمي للأجور وبمميزات فردية عديدة خاصة مستوى التعليم أو الخبرة المهنية أو الفئة السوسيومهنية أو السن. وبالإضافة إلى هذه المميزات الفردية، هناك عوامل تتعلق بالتمييز الجنسي، حيث تحصل المرأة الأجيرة، في المتوسط، على أجر أقل من أجر الرجل، وذلك بمؤهلات مهنية متساوية.

الفوارق بين الرجل والمرأة في العمل المأجور

ولفتت المندوبية إلى أنه "في سنة 2019، تمثل نسبة النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و60 سنة 32.2% من مجموع الأجراء في الوسط الحضري. وتضل هذه النسبة أقل من تلك المسجلة لدى الرجال والتي بلغت 67.8%.

وتترجم هذه الفجوة على مستوى مؤشر التكافؤ بمقدار 2,1. أي من بين 31 أجيرا، هناك 10 نساء و21 رجلا. ويتأثر مؤشر التكافؤ في سوق الشغل بشكل كبير بالتقدم في السن حيث بلغ 1,8 بالنسبة للفئة العمرية   18-29 سنة، و2,4 بالنسبة ل 30 – 44 سنة و2,1 بالنسبة لفئة 45-60 سنة"

وتعزى التمثيلية الناقصة للمرأة بين المأجورين إلى انخفاض مشاركتها في الحياة العملية. فبالإضافة إلى كون معدل نشاط النساء أقل بكثير من معدل نشاط الرجال، يعرف هذا المعدل انخفاضا مستمرا على مر السنين، حيث انتقل من 30,4% في سنة 1999 إلى 21,5% سنة 2019.

كما أن النساء يعانين من البطالة طويلة الأمد، 12 شهرا فما فوق، بشكل أكبر من أقرانهن الذكور، وذلك بنسب بلغت 76,3% و63,8% على التوالي، ويرجع ذلك بالأساس إلى انكماش عرض العمل وما يترتب عليه من تفاقم البطالة في المناطق الحضرية.

وعلاقة مع الرأس مال البشري، فلا يزال مستوى تكوين المأجورين محدودا، حيث أن أكثر من نصفهم (56,7%) لا يمتلكون أي مستوى تعليمي أو لم يتابعوا التعليم الثانوي. أما حسب الجنس، فتفوق نسبة الرجال (59,2%) نسبة النساء (51,5%) في هذه الفئة من المأجورين. ويفسر هذا المستوى المنخفض من التأهيل بشكل نسبي بتأثير الأجيال والصعوبات التي تواجه إدماج الخريجين الشباب في سوق العمل.

وفي هذا السياق، فإن النساء الأجيرات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و29 سنة يفقن نظرائهن من الرجال من حيث رأس المال التعليمي الذي يصل إلى 11 سنة من الدراسة في المتوسط بالنسبة للنساء مقابل 9,5 سنة بالنسبة للرجال. إلا أن هذا التفاوت يميل إلى التحول لصالح الرجال بالنسبة للأجيال الأكبر سنا.

الفوارق في عناصر الرأسمال البشري حسب الجنس والسن

ومن جهة أخرى، ومن حيث طول الخبرة المهنية، يظهر الفرق بين الرجال والنساء تقدما واضحا لصالح الرجال والذي يزداد مع تقدم العمر. ففي بداية الحياة المهنية، يصل هذا الفارق في المتوسط ​​إلى 0,4 سنة بين المأجورين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، ثم يرتفع ليصل إلى عامين بين أولئك الذين ينتمون للفئة العمرية 30-40 سنة، في حين يصل إلى 2,5 سنة بين المأجورين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 سنة.

أما من حيث التكافؤ، وبالنسبة لنفس المستوى التعليمي، لا يزال المأجورون الذكور يهيمنون على سوق الشغل، إلا أن حصتهم تعرف تراجعا ملحوظا مع تحسن مستوى التعليم.

وكمثال على ذلك، فإن مؤشر التكافؤ انتقل من 3,4 لذوي المستوى التعليم الابتدائي إلى 1,5 لذوي المستوى التعليم العالي.

توصيف السكان المأجورين حسب مؤشر التكافؤ

وأشارت المندوبية أن تحليل العلاقة الثلاثية الجنس-الأجر-المهنة يظهر تفاوتات تكافئ مهمة حسب الفئات المهنية. فالرجال أكثر تمثيلية من النساء بين "المسؤولون التسلسليون والأطر العليا"، حيث يبلغ مؤشر التكافؤ 1,7، وكذلك بين " الأطر المتوسطة والمستخدمين " (1,5). هذا، ويتضح جليا هذا التفاوت بين "الحرفيون والعمال المؤهلون" حيث يصل مؤشر التكافؤ إلى 3,4، وبين " العمال اليدويون غير الفلاحيون " حيث يصل إلى 2,0.

وارتباطا بالتوزيع الاجتماعي للأجور، يتبين  أن التكافؤ واضح بين 20% من المأجورين الأقل أجرا بمؤشر يبلغ 1,1. أما بالنسبة لفئات الأجر الأخرى، فيظهر مؤشر التكافؤ تفاوتات كبيرة، حيث يصل إلى 2,3 بالنسبة لمأجوري الخمس الثاني الأقل أجرا، و2,6 للخمس الأعلى، في حين يبلغ ذروته بالنسبة للخمس الرابع بمؤشر تكافؤ يقدر ب 2,9.

وفي المجمل، يبدو أن الفوارق بين الجنسين في مجال العمل المأجور هو واقع راسخ في سوق الشغل. وتظهر مصادر هذا التفاوت إلى أي مدى تحدد الخصائص الفردية للمرأة مكانتها في هذا السوق، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تفاقم فجوة الأجور بين الجنسين.

توصيف متوسط ​​الفجوة في الأجوربين الرجال والنساء

في سنة 2019، بلغ متوسط ​​الأجر الشهري 3800 درهم لكل أجير على المستوى الوطني، مع فارق ملحوظ بين المناطق الحضرية والقروية، حيث بلغ على التوالي 4500 درهم و2200 درهم. ويحصل الرجال، في المتوسط، على أجر شهري قدره 3900 درهم، مقابل 3700 درهم للنساء. بالنسبة للأجراء الحضريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 سنة، يبلغ متوسط أجور الرجال 4900 درهم، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 23% مقارنة بمتوسط أجور النساء الذي يبلغ 3900 درهم.

ومن حيث وسيط ​​الأجر، المقدر ب 3400 درهم للرجال مقابل 2800 درهم للنساء، تبلغ هذه الفجوة 20٪ لصالح الرجال.

حسب الفئة العمرية، يتبع متوسط ​​فجوة الأجور اتجاها على شكل حرف U مقلوب، مع فترة تحصل فيها النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و29 سنة على متوسط ​​أجر أعلى بنسبة 10% من نظرائهن من الرجال. إلا أنه، خارج هذه الفئة العمرية، تتسع الفجوة في الأجور، مما يظهر تمييزا ضد المرأة. وقد وصلت هذه الفجوة إلى أعلى مستوى لها، بفارق 41,4% بين الأجراء الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و44 سنة.

ورغم انخفاض هذه الفجوة بالنسبة للأجراء الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 عاما، إلا أنها لا تزال قائمة لصالح الرجال وتبقى عند مستويات مرتفعة، تقترب من المتوسط ​​العام لفجوة الأجور، بغض النظر عن الفئة العمرية.

وحسب المستوى التعليمي، تصل الفجوة في الأجور لصالح الرجال إلى أعلى مستوياتها (42,4%) بين الأجراء دون مستوى تعليمي. إلا أن هذه الفجوة تنخفض إلى 30% بين الأجراء الذين أتموا التعليم الأساسي وتبلغ 37% بين أولئك الذين حصلوا على مستوى تعليمي أعلى.

وتصل هذه الفجوة داخل هذه الفئة الأخيرة إلى أعلى مستوى لها في القطاع الخاص بنسبة 82%، مقابل 13% في القطاع العام. بعبارة أخرى، يساهم أجراء القطاع الخاص بنسبة 79% في فجوة الأجور بين الرجال والنساء الحاصلين على تعليم عال.

متوسط ​​الأجور الشهرية ومتوسط ​​الفجوة بين الرجال والنساء 

وعلاوة على ذلك، تقتصر الفجوة في الأجور على 2,4% في القطاع العام، حيث يبلغ متوسط الأجر 8500 للرجال و8300 للنساء.أما في القطاع الخاص، فتبلغ هذه المتوسطات على التوالي 5400 درهم و3800 درهم، أي بفجوة تبلغ 43%.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه التفاوتات أقل حدة أو لصالح الأجيرات الشابات اللائي تتراوح أعمارهن بين 18 و29 عاما، حيث تبلغ الفجوة ناقص 15,9% في القطاع العام و6,8% في القطاع الخاص.

ويرجع هذا التحول على الأرجح إلى سلوك النشاط لدى الأجيرات الشابات اللائي يتمتعن عموما بمكانة أفضل في سوق العمل لكونهن أكثر تعليما وأكثر تأهيلا من نظرائهن الرجال.

كما أن الفجوة في الأجور متباينة بوضوح حسب الفئة السوسيومهنية. ففي السنوات الأولى من الحياة المهنية، تكون هذه الفجوة صغيرة نسبيا، حيث تتراوح بين 4٪ لفئة «المديرين التسلسليين والمهن الحرة والأطر العليا» و9% لفئة «الأطر المتوسطة والمستخدمين»، قبل أن تصبح أكثر وضوحا مع تقدم العمر.

وبغض النظر عن السن، تصل الفجوة في الأجور إلى:

38.1% لفئة " المسؤولون التسلسليون والأطر العليا "، بمتوسط أجر 12400 درهم للرجال و9000 درهم للنساء؛

38,4% لفئة "الأطر المتوسطة والمستخدمون"، بمتوسط أجر 5000 درهم للرجال و3600 درهم للنساء؛

30% لفئة "العمال غير الفلاحيون"، أي متوسط ​​راتب 2600 درهم للرجال و2000 درهم للنساء؛

11% لفئة "الحرفيين والعمال المؤهلون"، بمتوسط ​​أجر 3200 درهم للرجال و2900 درهم للنساء.

تفكيك الفجوة في الأجور

يمكن تقسيم فجوة الأجور بين الجنسين إلى عنصرين: الأول يتوافق مع تثمين رأس مال البشري المتعلق بالمستوى التعليمي والتكوين المهني، وهو ما يسمى الفجوة المفسرة، والثاني يمثل التمييز الجنسي، بسبب الجزء غير المفسر من هذه الفجوة.

وتبلغ فجوة الأجور بين الجنسين، المقدرة من نموذج تشكيل الأجور، ما يقرب من 22%. حيث أن 91% من هذه الفجوة يرجع إلى التمييز بين الجنسين. والباقي، أي ما يعادل9 %، تفسره الاختلافات بين الخصائص الفردية للمرأة والرجل. وينقسم هذا التمييز بين الجنسين بالتساوي تقريبا بين "ميزة الذكور"، التي تمثل 46% من الفجوة في الأجور، و"التقليل من خصائص النساء" الذي يساهم بنسبة تصل إلى 45 %.

وهذا يعني إجمالا، حسب المندوبية، أن  "تثمين السمات الذكورية" و"تقليل السمات النسائية"  في مكان العمل هما عاملان هامان في استمرارية الفجوة في الأجور بين الجنسين.

حسب فئة الأجور، يتبين أن التمييز الجنسي أكثر وضوحا في أسفل سلم الأجور. وهو ما يفسر 93% من الفجوة في الأجور بين 60% من الأجراء الأقل أجرا، مع مساهمة قدرها 45,7% ل"ميزة الذكور" و47,3% ل« تقليل السمات النسائية ». وبالمقارنة مع 40% من الأجراء ذوي الأجور المرتفعة، فإن 79% من الفجوة في الأجور بين الجنسين ترجع إلى التمييز بين الجنسين، 25,2% ل"ميزة الذكور" و53,9% ل" تقليل السمات النسائية ".

تفكيك الفجوة في الأجور بين الجنسين

وتجدر الإشارة، إلى أن العمل المأجور أكثر انتشارا في المناطق الحضرية، حيث تبلغ نسبته في هذه المناطق 71% من مجموع المأجورين، 65% من الرجال و88% من النساء. وبالنظر إلى أهمية العمل المأجور في الوسط الحضري، فإن نطاق هذه المذكرة سيقتصر على المدن. وبالإضافة إلى ذلك، ولتجنب التحيز في الاختيار، اقتصرت الفئة المستهدفة على المأجورين الحضريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 سنة.