تقرير للمرصد الوطني للتنمية البشرية يضع الأصبع على مكامن ضعف نظام "راميد"

الشرقي الحرش

وضع تقرير أعده المرصد الوطني للتنمية البشرية الأصبع على مكامن الضعف التي يعرفها نظام المساعدة الطبية "راميد"، الذي تم تعميمه ابتداء من سنة 2012...

 

سجل التقرير الذي تم تقديمه اليوم الخميس بالرباط، والذي أعده المرصد، الذي يتولى، حسب المرسوم الذي أنشئ بموجبه بتاريخ 28 أكتوبر 2008، مهمة دائمة تتمثل في تحليل وتقييم آثار برامج التنمية البشرية المنجزة، واقتراح التدابير والأنشطة التي تساهم في إعداد إستراتيجية وطنية للتنمية البشرية وتنفيذها، ولاسيما في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مجموعة من النقائص.

عدم الاستفادة من التجربة النموذجية

التقرير الذي يعتبر بمثابة تقييم شامل لنظام المساعدة الطبية "راميد"، أوضح أن تعميم النظام  تم "دون الأخذ بعين الاعتبار نتائج تقييم التجربة النموذجية التي عرفتها جهة تادلة أزيلال، والذي كان من شأنه أن يؤدي إلى تقويم هذا النظام".

وأوضح أنه "بفضل نظام راميد، خطا المغرب خطوة حاسمة نحو التغطية الصحية الشاملة"، مشيرا إلى  بنسبة حوالي 50% في تطور التغطية الصحية الإجبارية في المغرب، لتنتقل بذلك، سنة 2015، إلى 46,7% من الساكنة المغربية مقابل 33,7% فقط سنة 2010".

وأضاف أن "هذه الزيادة المضطردة صاحبها انخفاض بنسبة 50% تقريبًا في عدم المساواة في الولوج إلى الرعاية الصحية بين المستفيدين من راميد والمستفيدين من التأمين الإجباري على المرض"، لكن هذا التأثير على اللامساواة في الحصول على الرعاية الصحية انخفض تدريجيًا ما بين سنتي 2013 و 2015، حيث انخفضت معدلات الزيارات الطبية للمستفيدين من نظام راميد في وضعية الفقر من 75% إلى 64,8% ومن 70,2% إلى 60% بالنسبة للمستفيدين من راميد في وضعية الهشاشة.

انخفاض عدد المنخرطين

وتشير المعطيات التي أوردها التقرير أن عدد المستفيدين من "راميد" شهد انخفاضا كبيرا، ليصل في نهاية سنة 2016 إلى 6,3 ملايين شخص، بعدما بلغ ذروته في يونيو 2015 ، حيث وصل إلى 8,5 مليون شخص؛ ما يعني أن أزيد من مليوني شخص لم يجددوا بطائق انخراطهم.

وعزا التقرير هذا التراجع المسجل إلى زيادة التكاليف غير المباشرة (النقل، والإقامة، والمواكبة، إلخ)، وحالات الانتظار التي يعاني منها المرضى الذين غالباً ما يكونون غير مطلعين على المساطر المتبعة في مختلف قطاعات الرعاية الصحية، كما قد يكون ناجما، أيضا، عن مستوى الأداءات المباشرة.

وأشار التقرير إلى أنه في سنة 2015، مثلت الأداءات المباشرة على التوالي نسبة 34 % من النفقات الاستهلاكية الشهرية للأسر في وضعية الفقر بالوسط الحضري و 74.5 % بالوسط القروي. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺳﺮ في وضعية الهشاشة، فقد سجلت هذه النسب 45.7% ﻓﻲ الوسط القروي و 28.2% ﻓﻲ الوسط اﻟﺤﻀﺮي.

ضغط على المستشفيات

سجل التقرير أن نظام المساعدة الطبية كان له آثار غير متوقعة على تنظيم الرعاية الصحية وجودتها، حيث أصبح يعاني من تدهور الخدمات الصحية جميع المرضى، سواء كانوا من المستفيدين أو غير المستفيدين من "راميد".

ويشير التقرير إلى  أن الزيادة في الطلب على الرعاية الصحية بالمستشفيات العمومية أدت إلى الرفع من المجهودات المطلوبة من العاملين في هذه المستشفيات لتوفير المزيد من الخدمات، في حين أن الموارد التي يتوفرون عليها لم تسجل زيادات مناسبة، معتبرا أن هذا الوضع يزيد من خطر الخصاص في الأدوية ومختلف المستهلكات. كما يؤدي، أيضا، إلى الاستخدام المكثف للمعدات الطبية مما يفضي إلى تقادم أسرع وأعطال متكررة، بل إلى عدم توفر منصات تقنية في ظل غياب نظام مناسب للصيانة".

 إشكالية التمويل

 سجل التقرير أن المرضى القادرين على الأداء لم يعودوا يتوجهون للمستشفيات، وهو ما جعلها  تعاني من انخفاض في مواردها الخاصة في وقت ارتفع فيه نشاطها بسبب تدفق المرضى المستفيدين من نظام راميد عليها، مشيرا إلى أن العبء الفعلي الذي تتحمله هذه المستشفيات لا تتم تغطيته لا كما كان مخططا له في الأصل من قبل صندوق خارجي خاص بالنفقات المتعلقة بنظام "راميد"، ولا من خلال منحة الاستغلال المخولة للمستشفيات. حيث تجد هذه الأخيرة نفسها مضطرة من استهلاك مواردها الخاصة، على حساب ميزانياتها الاستثمارية.

مقترحات عملية

لتجاوز الإكراهات التي تواجه نظام المساعدة الطبية "راميد" اقترح المرصد الوطني للتنمية البشرية إحداث تمويل مستدام، وينبغي أن تتيح ترتيبات تدبيره ملائمة الموارد المعبأة مع الخدمة الطبية المقترحة، كما اقترح إنشاء هيئة تدبيرية تستجيب لمبادئ الحكامة الجيدة لنظام التغذية الصحية وتنفيذ سياسة التسعير والتسديد المحددة من طرف المشرع، وتحسين تنظيم نظام الرعاية الصحية وفقا لمقاربة مندمجة وتشاركية، تراعي الخصائص الخاصة التي ستمكن من تكييف العرض الصحي لكل جهة بشكل أفضل مع خصوصياتها، مع ضرورة تحيين النظام الحالي بشكل منتظم، والاستفادة من إحداث السجل الواحد.

كما يقترح المرصد إنشاء نظام مندمج للإعلام والتدبير الصحي يضمن تسجيل ومراقبة الاستهلاك الطبي الذي يوصف للمستفيدين من نظام "راميد"، سواء في المستشفى أو على مستوى مصالح الرعاية الصحية الأولية ومؤسسات الدعم.

 في هذا السياق، قال الحسن المنصوري، الكاتب العام للمرصد الوطني للتنمية البشرية، في تصريح لموقع "تيل كيل عربي"، إن نظام المساعدة الطبية إنجاز مهم في المغرب، حيث مكن ملايين المواطنين من التغطية الصحية، إلا أنه لا بد من مواكبته عبر تجهيز المستشفيات، وتوفير الموارد البشرية، وتبسيط مساطر الاستفادة.