جمعويون: الإفلات من العقاب يحول المال العام إلى "مال سايب"

سعيد أهمان

شكلت الندوة العلمية حول موضوع "حماية المال العام في السياسات العمومية"، المنظمة مساء  أمس السبت بمدينة أكادير، مناسبة للفاعلين والمتدخلين والباحثين من أجل تقييم ما تحقق في المغرب على مستوى تخليق الحياة العامة وحماية المال العام بعد دستور 2011 وبعد مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.

موقع "تيل كيل عربي"، حضر وقائع الندوة العلمية، التي سائل فيها الخبراء والباحثون، النصوص التشريعية التي تحمي المال العام، وواقع المغرب ومدى توفر الارادة السياسية للقطع مع كل الممارسات الشائنة ومظاهر الريع صونا للمال العمومي.

المانوزي: جزء كبير من الإعفاءات له ارتباط بحماية المال العام

قال مصطفى المانوزي رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن "إن جزءا كبيرا من الاعفاءات التي صاحبت مشاريع الحسيمة له ارتباط بحماية المال العام".

وأوضح المانوزي في مداخلته أن ما وقع في الحسيمة جعل الدولة تطرح السؤال الأساس ما السبب؟ هل سوء التدبير وهل فعلا هناك تقصير؟ . ونبه المانوزي على أن الفساد هو إحدى الشروط الملازمة لأي دولة في تاريخها، ويكون فرصة لإعادة النظر في الاستراتيجيات والمخططات والسياسات العمومية.

قيلش: استخدام المال الخاص للسطو على المال العام

أكد أحمد قيلش، وهو أستاذ جامعي بجامعة ابن زهر، رئيس المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان، "أن العيب ليس في التشريع وإنما الآفة في التطبيق والتنفيذ".

ومضى قيلش قائلا: لا نراهن على التشريع، بل نراهن على تحرك مجتمعي حقوقي جمعوي مدني يحقق إرادة وزارة العدل إذا كانت هناك يقظة، لأن الأمر يتعلق بإرادة سياسية تملكها الأحزاب السياسية.

وتسائل المتحدث: هل تتوفر الأحزاب السياسية على إرادة سياسية لحماية المال العام؟ وكيف لمن يملك المال أن يضع سياسة عمومية تحمي المال العام؟

وخلص قيلش إلى أن "ما وقع في الانتخابات يؤكد أنه يوظف المال الخاص من أجل المال العام".

السلامي: الإفلات من العقاب يطمئن ناهبي المال العام

ودعا عبد العزيز السلامي، رئيس مرصد السياسات العمومية بالمغرب، لـ"اتخاذ تدابير قضائية وأمنية وقانونية من أجل استرجاع الأموال المنهوبة، لأن الإفلات من العقاب، هو الذي يطمئن المتورطين في الجرائم المالية". وطالب السلامي "بتنفيذ الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، وتمكين مؤسسات الرقابة من صلاحيات واسعة للتصدى وحماية ثروات المغاربة".

وأقر السلامي بأن "الحكومة لا تتوفر على سياسة واستراتيجية وطنية لقلطع مع مظاهر الفساد، بسبب ضعف مؤسسات الرقابة وتفشي الرشوة وغياب سياسة ناجعة لحماية المال العام. ودعا الناشط الحقوقي للترافع من أجل سياسة عمومية خدمة لمجتمع من أجل تحقيق التغيير الديمقراطي، بحسب تعبيره.

حدوش: نحن بحاجة لنصوص واضحة وسلطة قضائية مستقلة

وسائل عبد الغني حدوش، رئيس المركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية، التشريعات ومدى نجاعتها وحدود مقاربتها لظواهر مكافحة الفساد وحماية المال العام.

وشدد حدوش على أن حماية المال العام ضمان الاستقرار والأمن الاقتصادي والاجتماعي، وأننا بحاجة لنصوص واضحة وسلطة قضائية مستقلة تقطع مع نهب المال العام وما يرتبط بالمستفيدين منه ماليا واقتصاديا.

وبينما أثار الباحث أن "عدم حماية المال العام يشعر المواطن بعدم الثقة وينتج عن ذلك آثار على الناتج الداخلي الخام"، دعا "المجتمع المدني لتصدي لكل التجاوزات من أجل التصدي لنهب المال العام، وكذا تطوير الأجهزة الرقابية".

الغالوسي: لا بد من تعزيز سلطة المؤسسات الرقابية

بدوره، دعا محمد الغالوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، لتعزيز سلطة المؤسسات الرقابية من أجل حماية المال العام، وكذا ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعزيز سلطة الحكامة وتوفير إرادة سياسية لتصدي لهدر المال العام وعدم الافلات من العقاب.

وأكد الغالوسي أن الهدف من هاته التدابير منها ما هو وقائي، وآخر علاجي من أجل القطع مع المناخ العام السائد بالافلات من العقاب وتعمق الرشوة في القطاعين الخاص والعام، بعد أن تحول التدبير العمومي مصدرا للاغتناء غير المشروع ضدا على المصالح العليا للوطن.

ولفت الغالوسي إلى أن ما قدم اليوم من مقترحات في حراك جرادة، سبق وأن قدم منتصف التسعينيات، وأن ما نحتاجه هو دولة المؤسسات والحكامة والشفافية بسبب انعدام الشروط الأساسية للعيش، بحسب تعبيره.